«الاتحادية» العراقية ترد طعن «الكتلة الكبرى»... وتحدد آلية انتخاب الرئيس

TT

«الاتحادية» العراقية ترد طعن «الكتلة الكبرى»... وتحدد آلية انتخاب الرئيس

في حين ردت المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية في العراق) دعوى «الإطار التنسيقي» في طعنها بالكتلة البرلمانية الأكثر عدداً، فإنها أجابت في الوقت نفسه عن استفسار الرئيس العراقي برهم صالح بشأن نصاب جلسة انتخاب الرئيس في 7 من الشهر الحالي. وبينما ترى الكتلة الصدرية الفائزة بالمرتبة الأولى في الانتخابات أنها الكتلة الأكثر عدداً (75 مقعداً)، فإن «الإطار التنسيقي»؛ الذي يضم مجموعة القوى الشيعية التي خسرت الانتخابات، يرى أنه هو «الكتلة الكبرى» لأنه جمع عدداً أكثر من النواب من الكتلة الصدرية. لكنه، وطبقاً لخبراء القانون، فإن قرار المحكمة الاتحادية فتح المجال من جديد لإمكانية تشكيل الكتلة الأكثر عدداً.
وفي هذا السياق؛ يرى الخبير القانوني أمير الدعمي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه «طبقاً لقرار المحكمة الاتحادية؛ فإن الكتلة الأكثر عدداً لم تعلن أو تسجل بعد، وبالتالي؛ فإننا حيال ماراثون جديد بالتسابق لتشكيل (ائتلاف الكتلة الكبرى) والتي سترشح لرئيس الجمهورية المنتخب المكلف بتشكيل الحكومة المقبلة». وأضاف الدعمي أن «تفسير المحكمة الاتحادية بشأن انتخاب رئيس الجمهورية كان واضحاً؛ وهو اشتراط عقد الجلسة بأغلبية الثلثين طبقاً للاستفسار الذي قدمه رئيس الجمهورية برهم صالح إلى المحكمة الاتحادية واستناداً إلى المادة (70) من الدستور». وأوضح أن «قرار المحكمة الاتحادية جعل (الكتلة الكبرى) مفتوحة حتى بعد انتخاب رئيس الجمهورية؛ حيث يمكن أن تقدم إلى رئيس مجلس النواب، ومن ثم تدقق الأسماء، ومن ثم ترفع الأسماء إلى رئيس الجمهورية المنتخب، وهو ما يعني أن الفترة سوف تبقى مفتوحة حتى بعد انتخاب رئيس الجمهورية».
من جهته؛ يرى الباحث العراقي فرهاد علاء الدين، رئيس «المجلس الاستشاري العراقي»، أنه «وفقاً لهذا التفسير الذي أجابت به المحكمة الاتحادية على استفسار رئيس الجمهورية بشأن جلسة انتخاب الرئيس؛ فإنه يعني ولادة الثلث المعطل في العراق وللمرة الأولى بعد أن كثر الجدل بشأنه خلال الفترة الماضية»، مشيراً إلى إنه «بسبب عدم وجود توافق بين (التيار الصدري) و(الإطار التنسيقي) على المستوى الشيعي، وكذلك عدم حصول توافق على مرشح واحد لمنصب رئيس الجمهورية بين الحزبين الكرديين الرئيسيين (الديمقراطي، والاتحاد الوطني)، فإنه يصعب في الواقع على أي من الطرفين إمكانية تحقيق نصاب الثلثين في أي من الجولتين الأولى والثانية لانتخاب الرئيس». وأوضح أن «الأمر يقتضي التوافق والتنازل المتبادل بين الأطراف السياسية المعنية».
من جهته؛ يقول الخبير القانوني جمال الأسدي إن «ما صدر عن المحكمة الاتحادية هو بمثابة عرف دستوري جديد؛ حيث إن الكتلة النيابية الأكثر عدداً تقدم وتعلن عند انتخاب رئيس الجمهورية». وأضاف أن «المحكمة الاتحادية بقرارها هذا ثبتت آلية تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عدداً بأنها الكتلة التي تتشكل من الأحزاب والقوائم المختلفة وتقدم لرئاسة مجلس النواب أو ستقدم لاحقاً لحين انتخاب رئيس الجمهورية»، موضحاً أنه «أصبح بإمكان الكتل السياسية لحين يوم 7/ 2/ 2022 أن تجمع تحالفاتها وتقدمها إلى رئاسة البرلمان بوصفها هي الكتلة الأكثر عدداً». وعد الأسدي أن «هذا اتجاه دستوري صحيح ومنصف وعادل أكثر من اتجاه المحكمة الاتحادية السابق الذي أدى إلى خلق إشكاليات كثيرة في التفسير».
ويرى المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية بغداد أنه في الوقت الذي أغلق فيه قرار المحكمة الاتحادية العليا إمكانية قدرة أي من الطرفين المتنافسين: التحالف الثلاثي الذي يضم مقتدى الصدر ومسعود بارزاني ومحمد الحلبوسي، وتحالف قوى «الإطار التنسيقي» و«الاتحاد الوطني الكردستاني» و«المستقلين»، على جمع 220 نائباً في كل من الجولتين، فإنه من جانب آخر فتح باب التوافق الاضطراري بين الكتل السياسية من أجل تشكيل حكومة توافقية بعكس رؤية الصدر الذي يصر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».