ضغوط من الكونغرس على إدارة بايدن لتطبيق «قانون قيصر» على «الغاز العربي»

TT

ضغوط من الكونغرس على إدارة بايدن لتطبيق «قانون قيصر» على «الغاز العربي»

صعّد الكونغرس من ضغوطه على الإدارة الأميركية، منتقداً مواقفها المسهلة لاتفاقات الطاقة بين لبنان ومصر والأردن عبر سوريا، والمعروفة بمشروع الغاز العربي. وحذّر الجمهوريون من أن أي إعفاءات من العقوبات المرتبطة بـ«قانون قيصر» جراء هذا المشروع «سوف تعزز من نفوذ نظام الأسد، وتغذي الفساد في لبنان»، داعين إدارة بايدن إلى «عكس المسار» في هذا الملف.
وكتب كبيرا الجمهوريين في لجنتي العلاقات الخارجية في الكونغرس السيناتور جيم ريش، والنائب مايك مكول رسالة حادة اللهجة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، قالا فيها، إن «الإدارة تبرر الإعفاءات من العقوبات بالقول إن الحؤول دون انهيار لبنان يتطلب تعاملاً محدوداً مع نظام الأسد». وتابعا «فيما نعلم بوضع لبنان غير المستقر، إلا أن قطاع الطاقة فيه هو حفرة سوداء للفساد. واتفاقات من هذا النوع لن تفيد نظام الأسد مالياً فحسب، بل ستعزز أيضاً من الفساد في لبنان».
وأعرب المشرّعان عن قلقهما العميق من أن تكون الإدارة الحالية قد وفّرت أرضاً خصبة للتخفيف من حدة عقوبات «قانون قيصر» مستقبلاً «من خلال إقحام البنك الدولي في القضية وزعمها بأن كمية الطاقة التي سيتلقاها نظام الأسد هي أقل من السقف المطلوب لفرض عقوبات على المزودين» بحسب الرسالة التي حذّرت من أن استمرار الإدارة بدعم صفقات من هذا النوع يظهر بشكل واضح أن البيت الأبيض غير مستعد لتطبيق قانون قيصر، «كما أنه سيدفع باللاعبين الدوليين للعثور على ثغرات لتجنب العقوبات»، وذكّر كل من ريش ومكول بالدعم الكبير لـ«قانون قيصر» من قِبل الحزبين.
وبمجرد صدور هذه الرسالة، توالت ردود الأفعال الداعمة لهذا الموقف من قبل الجمهوريين، فسارع السيناتور الجمهوري تيد كروز إلى الاشادة بموقف زملائه، واستعمل لهجة أكثر حزماً، عُرف بها، فقال «العقوبات الأميركية قانون سوف يطبق. ولن يسمح الكونغرس لإدارة بايدن بتغذية الأسد الطاغية الذي تتحكم به إيران، والمسؤول عن مقتل مئات الآلاف».
وكان كروز هاجم موقف الإدارة منذ تداول أنباء عن وعود تقدمت بها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا بشأن الإعفاءات من العقوبات. وقال «نصيحة (شيا) سيئة للغاية. على لبنان أن يقلق جداً بشأن انتهاك العقوبات الأميركية. وعلى كل بلد معني بالأمر أن يقلق كذلك. الكونغرس لن يسمح لفريق بايدن بإثراء وكلاء إيران، خاصة فيما يتعلق الأمر بطغاة دمويين كالأسد. العقوبات ستفرض».
موقف وافق عليه النائب الجمهوري جو ويلسون الذي قال، إن «قانون قيصر» واضح، محذراً أن الكونغرس سيحاسب إدارة بايدن على أي إعفاءات من العقوبات لنظام الأسد. وأضاف ويلسون «إن أزمة الطاقة والاقتصاد في لبنان لن تُحل عبر إغناء الأسد القاتل ووكلاء إيران».
وبحسب مصادر في الكونغرس، فإن الإعفاءات التي قد تقدمها إدارة بايدن في إطار اتفاقات الطاقة، لن تمتد إلى الإدارة المقبلة، في حال معارضتها هذه الإعفاءات، فـ «قانون قيصر» لا يسمح بتمديد إعفاءات من هذا القبيل من دون مراجعة مستمرة لها. وقد تحدث المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا جول رايبرن، الذي يشغر منصباً حالياً في مكتب السيناتور الجمهوري بيل هاغرتي، عن تداعيات القانون فقال «رسالة السيناتور ريش والنائب مكول مهمة جداً، وتدل بوضوح على أن اتفاقات الطاقة انتهاك لـ(قانون قيصر)، وستنجم عنها عقوبات: هذه هي الحقيقة البسيطة، وليست هناك ثغرات لتجنبها».
وكان رايبرن شرح الأمر ببساطة، عندما قال «يبدو أن إدارة بايدن تسيء تفسير القانون الأميركي عن قصد لتقديم ضمانات ستنتهي بمجرد تغيير الأغلبية في الكونغرس، إن لم تنته هذا قبل ذلك. فلن تتمكن الإدارة أبداً من إقناع الأغلبية في الكونغرس بأن إنقاذ لبنان يتطلب تحويل شحنات نفط هائلة أو أموال إلى الأسد».
وفي ظل المعارضة الجمهورية الواضحة لأي إعفاءات من هذا القبيل، تتحفظ القيادات الديمقراطية حتى الساعة عن اعتماد موقف حاسم في هذا الإطار، في محاولة منها لدعم إدارة بايدن، ولو ظاهرياً. لكن هذا الدعم بدأ يتلاشى تدريجياً في ملفات عدة، آخرها الملف السوري. ولعلّ خير دليل على ذلك التحذير الذي أصدرته القيادات الديمقراطية والجمهورية في الكونغرس الشهر الماضي للبيت الأبيض حين طالبته «بإعادة أحياء القيادة الأميركية بمواجهة الأزمة في سوريا». وقد ترأس هذه التحذيرات رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي بوب مننديز، إلى جانب نظيره في مجلس النواب الديمقراطي غريغوري ميكس، في موقف لافت منتقد لأداء الإدارة، فدعا الرجلان الإدارة الأميركية إلى توظيف «قانون قيصر» بكل تفاصيله لفرض عقوبات شاملة للحفاظ على عزل النظام السوري معتبرين أن «تطبيق (قانون قيصر) سيؤكد علنياً الموقف الأميركي المعارض للتطبيع السياسي».
وذكّر الديمقراطيان إدارة بايدن بأن «قانون قيصر» يدعو إلى فرض عقوبات على نظام الأسد وداعميه داخل سوريا وخارجها «الى أن نرى تقدماً في إطلاق سراح السجناء السياسيين وإنهاء استعمال المجال الجوي السوري في الاعتداءات ضد المدنيين، ووصول المساعدات الإنسانية بلا تأخير والالتزام بعدم استعمال الأسلحة الكيمياوية والمحاسبة على جرائم الحرب». وشددا على أهمية الضغوط الأميركية في الوقت الحالي بسبب «فشل تحقيق تقدم في هذه الملفات خلال المفاوضات بقيادة الأمم المتحدة».
وكان المشرّعون الديمقراطيون والجمهوريون دعوا في هذا الإطار الإدارة الأميركية إلى النظر في فرض عواقب على أي بلد يسعى لإعادة تأهيل نظام الأسد والتوضيح بأن التطبيع وعودة الأسد إلى جامعة الدول العربية أمران غير مقبولين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.