زعيم حزب العمال البريطاني دافع عن رفضه التدخل في سوريا «دون خطة سلام»

إد ميليباند أكد أن حزبه تعلم من أخطاء حرب العراق.. ومع الاعتراف بدولة فلسطينية وتعهد بإنهاء «عزلة» بريطانيا

إد ميليباند خلال خطابه أمس في شاثام هاوس أمس (أ.ف.ب)
إد ميليباند خلال خطابه أمس في شاثام هاوس أمس (أ.ف.ب)
TT

زعيم حزب العمال البريطاني دافع عن رفضه التدخل في سوريا «دون خطة سلام»

إد ميليباند خلال خطابه أمس في شاثام هاوس أمس (أ.ف.ب)
إد ميليباند خلال خطابه أمس في شاثام هاوس أمس (أ.ف.ب)

أكد زعيم حزب العمال البريطاني إد ميليباند، أن حزبه الذي حكم المملكة المتحدة إبان الحرب على العراق عام 2003 «تعلم من أخطأ الماضي».
وشدد ميليباند في خطاب بمعهد «شاثام هاوس» للدراسات الدولية وسط لندن، أمس، على الالتزام بمبدأ التدخل العسكري، ‏ولكن بناء على أسس محددة هي «استخدام العمل العسكري في حالات الضرورة القصوى وعندما يكون الخيار الأخير»، مضيفا بأنه من الضروري أن يأتي العمل بناء على «شرعية مستمدة من مؤسسات متعد‏دة الأطراف (مثل الأمم المتحدة) ووضع خطة سلام لما بعد الصراع المسلح». وشن ميليباند في جلسة حضرها دبلوماسيون ومفكرون في مجال الشؤون الخارجية وإعلاميون وسط لندن، هجوما على رئيس الوزراء البريطاني الحالي ديفيد كاميرون وسياسته الخارجية، معتبرا أن الحكومة الحالية أشرفت على «تراجع نفوذ بريطانيا في العالم». وتعهد ميليباند، المرشح لتولي منصب رئاسة الحكومة البريطانية المقبلة في حال فاز حزبه في انتخابات 7 مايو (أيار) المقبل، على استرجاع نفوذ المملكة المتحدة على المسرح الدولي. وقال ميليباند في انتقاد مباشر إلى كاميرون: «حان الوقت لرفض السياسات الانعزالية المحصورة التي شابت هذه الحكومة»، متعهدا بأن تكون حكومته «متطلعة إلى الخارج وليست مكتفية بالنظر إلى الداخل».
وكان من اللافت أن «العراق» أكثر دولة ذكرها ميليباند، إلا أنه فعل ذلك من دون طرح سياسات محددة حول العراق، بل جاء الحديث عن «أخطاء حرب العراق» مرة تلو الأخرى. وشدد على أنه من الضروري العمل «من أجل تقوية المؤسسات المتعددة الأطراف وليس إضعافها»، في إشارة إلى عدم التزام رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بالأمم المتحدة عندما وافق الرئيس الأميركي جورج بوش على احتلال العراق دون قرار من مجلس الأمن. ولكن كانت هذه العبارة من ميليباند أيضا في سياق انتقاد كاميرون الذي اتهمه تكرارا بالعمل على إضعاف الاتحاد الأوروبي. وكانت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر منطقة تطرق إليها ميليباند، أمس، مع إعلانه عن تأييده للاعتراف بدولة فلسطين. وقال: «لو كانت الحكومة (البريطانية) حكومة حزب العمال لصوتت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين في الأمم المتحدة». ويذكر أن حزب العمال البريطاني صوت لصالح الاعتراف بدولة فلسطين في مجلس العموم في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وكرر ميليباند، أمس، التزامه بدولة فلسطينية قائمة إلى جوار إسرائيل. وشدد على ضرورة «التواصل والعمل الجاد من أجل قيام حل الدولتين»، محذرا من أن «الوقت بات يضيق من أجل تحقيق هذا الحل». ولكنه حرص على إعلان رفضه لـ«أي جهود لانتزاع الشرعية عن دولة إسرائيل أو جهود لفرض أي حظر عليها، وهذا ما تؤيده مجموعة من النواب من حزب العمال البريطاني. وكان ميليباند واضحا في اعتباره قضية فلسطين «من أهم القضايا التي لا يمكن أن يستقر العالم من دون حلها».
ودافع ميليباند على قراره التصويت ضد قرار التدخل العسكري في سوريا في سبتمبر (أيلول) 2013، قائلاً إن رفضه جاء بناء على «تعلم الدروس من أخطاء الماضي»، في إشارة إلى الحرب في العراق، ومن بعدها ليبيا، موضحا أنه «من الضروري أن تكون هناك خطة سلام» قبل التدخل. وفكرة التدخل الخارجي طرحت مرات عدة خلال خطاب ميليباند الذي استمر 25 دقيقة وخلال جلسة الأسئلة التي تلته، إذ شدد ميليباند على أن «الفشل» في ليبيا جاء بعد «عدم انتباه المجتمع الدولي لما يدور داخل البلاد بعد إزالة نظام (الزعيم الليبي معمر) القذافي».
وحدد ميليباند أولويات لسياساته الخارجية، قائلا: «مسؤوليتي الأولى ستكون إبقاء البلاد آمنة». وعدد ميليباند جملة من التهديدات على بلاده، من بينها «انتشار السلاح النووي وتنظيم (داعش) والتطورات في أوكرانية وانتقال موازين القوى من الغرب إلى الشرق والتغيير المناخي»، بالإضافة إلى «المشاهد التي تفطر القلب في البحر الأبيض المتوسط»، في إشارة إلى غرق المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط سعيا للهروب مما أسماها «دول فاشلة» إلى أوروبا. ولفت ميليباند إلى ضرورة «معالجة أساس هذه المشكلات» التي تقع في الدول الفاشلة للحد من الهجرة غير الشرعية.
وتطرق ميليباند إلى 3 «ظواهر» عالمية يضع سياساتها الخارجية في إطارها، أولها «تعقيد التحديات التي تواجهها، وهي تهديدات لم تعد تأتي من دول واحدة بل تهديدات عبر الحدود مثل تنظيم داعش الذي تحفزه آيديولوجيا شريرة، بالإضافة إلى تحديات التي يمثلها التغيير المناخي الذي يهدد الجميع». وقال إن هذه التهديدات «لا يمكن أن تواجهها أي دولة بمفردها، بل على التنسيق الجماعي من كل الدول لمواجهتها». الظاهرة الثانية التي حددها ميليباند هي أن «هذه التحديات تأتي في وقت تشهد المؤسسات التي نعتمد عليها لمواجهة التهديدات العابرة للقرارات، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، تواجه تحديات هي نفسها». وأضاف: «لم تستطع هذه المؤسسات أن ترد بشكل جيد على التهديدات التي نواجهها، مثل العراق وسوريا وطموحات الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى فشلها في معالجة الدول العدوانية»، في إشارة غير مباشرة إلى روسيا. وأما الظاهرة الثالثة التي أشار إليها ميليباند هي أن «الدول نفسها تواجه صعوبة في مواجهة التحديات خاصة في أعقاب الأزمة المالية» وسياسات التقشف. واعتبر أن المملكة المتحدة عانت من هذه التحديات على وجه الخصوص لأن الحكومة الحالية «ابتعدت عن المسرح الدولي بدلا من أخذ موقعها الضروري». واتهم ميليباند منافسه في الانتخابات رئيس حزب المحافظين رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بـ«إضعاف بريطانيا وتراجع نفوذنا». ووجه انتقادا إلى وزير الخارجية الحالي فيليب هاموند المعروف برفضه للاتحاد الأوروبي ونظرته الانعزالية تجاه العلاقات الخارجية. وأكد ميليباند التزامه بالاتحاد الأوروبي، قائلا: «نحن أقوى داخل اتحاد أوروبي يتم إصلاحه».
ويذكر أن شقيق ميليباند، ديفيد، كان وزيرا للخارجية البريطانية بين عامي 2007 و2010، ومن الوجوه المعروفة في الأوساط المهتمة بالسياسة الخارجية في بريطانيا وعلى المسرح الدولية. إلا أن إد، الذي خطف قيادة حزب العمال من شقيقه ديفيد في سبتمبر 2010، عادة ما يركز على السياسة الداخلية. وخلال جلسة أمس، لم يطرق اسم ديفيد، إلا أن كثيرا من أفكاره، وخصوصا فكرة التدخل العسكري بناء على التحالفات الدولة، كانت حاضرة.



لإنهاء «المرحلة الساخنة» من الحرب... زيلينسكي يقترح وضع أراضٍ أوكرانية تحت مظلة «الناتو»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)
TT

لإنهاء «المرحلة الساخنة» من الحرب... زيلينسكي يقترح وضع أراضٍ أوكرانية تحت مظلة «الناتو»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (د.ب.أ)

دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أمس (الجمعة)، حلف شمال الأطلسي إلى تقديم ضمانات حماية لأراضي أوكرانيا التي تسيطر عليها كييف من أجل «وقف المرحلة الساخنة من الحرب».

كما لمّح زيلينسكي إلى أنه سيكون مستعداً للانتظار من أجل استعادة ما يقرب من خُمس مساحة بلاده التي سيطر عليها الجيش الروسي، إذا ما كان مثل هذا الاتفاق قادراً على توفير الأمن لبقية أوكرانيا وإنهاء القتال.

وجاءت هذه التعليقات وسط تصاعد التوترات في الحرب المستمرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

وهددت روسيا هذا الأسبوع بضرب مبانٍ حكومية في كييف، وشنت هجوماً جوياً ضخماً على قطاع الطاقة في أوكرانيا، فيما وصفته بأنه رد على إطلاق أوكرانيا صواريخ مصدرها الولايات المتحدة وبريطانيا على الأراضي الروسية.

وقال زيلينسكي لقناة «سكاي نيوز» البريطانية: «إذا أردنا وقف المرحلة الساخنة من الحرب، يجب أن نضع تحت مظلة حلف شمال الأطلسي أراضي أوكرانيا التي نسيطر عليها».

وأضاف: «هذا ما نحتاج إلى فعله سريعاً، وبعد ذلك يمكن لأوكرانيا استعادة الجزء الآخر من أراضيها دبلوماسياً».

وتصاعد الحديث عن وقف محتمل لإطلاق النار أو التوصل إلى اتفاق سلام منذ فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في وقت سابق هذا الشهر. وانتقد الجمهوري المساعدات الأميركية لكييف، وقال إنه قادر على وقف الصراع في غضون ساعات، من دون أن يحدد السبيل لتحقيق ذلك.

وقال زيلينسكي باللغة الإنجليزية: «إذا تحدثنا عن وقف لإطلاق النار، فإننا (نحتاج) إلى ضمانات بأن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لن يعود».

وتسيطر روسيا على نحو 18 في المائة من أراضي أوكرانيا المعترف بها دولياً بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014.

وضمت روسيا مناطق دونيتسك وخيرسون ولوغانسك وزابوريجيا، على الرغم من أنها لا تسيطر عليها بالكامل.

واستبعدت كييف حتى الآن التنازل عن أراضٍ مقابل السلام، في حين يطالب بوتين الجيش الأوكراني بالانسحاب من مزيد من الأراضي، ويرفض انضمام أوكرانيا إلى «الناتو».

وكان بوتين قد دعا كييف في وقت سابق إلى التخلي عن طموحاتها بالانضمام إلى حلف شمال الأطلسي إذا كانت تريد التوصل إلى اتفاق سلام.

ومع تصاعد الصراع على أرض المعركة، أجرى زيلينسكي سلسلة مكالمات هاتفية مع زعماء غربيين في الأيام الأخيرة، بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس.

كما تحدث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع نظيره الأوكراني الجمعة لإطلاعه على «أهداف الولايات المتحدة» لتوفير «دعم مستدام لأوكرانيا»، حسبما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر.

وكثفت إدارة الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته جو بايدن دعمها لكييف منذ فوز ترمب في الانتخابات، ونقلت مزيداً من الأسلحة، ومنحت أوكرانيا الإذن بإطلاق صواريخ بعيدة المدى على الأراضي الروسية.

وأثارت هذه الخطوة رد فعل غاضباً في موسكو؛ إذ أعلن بوتين الخميس أن موسكو قد تضرب العاصمة الأوكرانية بصاروخها الجديد «أوريشنيك» فرط الصوتي، بعد ساعات على قصف روسي استهدف شبكة الطاقة الأوكرانية وأدى إلى انقطاع الكهرباء عن مليون شخص.

وعيّن زيلينسكي الجمعة قائداً جديداً للقوات البرية هو ميخايلو دراباتي، في خطوة لتعزيز قيادة الجيش.

وقاد دراباتي سابقاً القوات في قطاع خاركيف الشمالي الشرقي، وواجه هجوماً روسياً جديداً مباغتاً في وقت سابق من هذا العام.

وقال وزير الدفاع رستم عمروف إن «هذه القرارات المتعلقة بالأفراد تهدف إلى تعزيز جيشنا وتحسين جهوزيته القتالية».