كيف تحمي نفسك من تجسس التلفزيون الذكي عليك؟

التلفزيون أصبح مرآة لك تسمح لمجموعة من الشبكات والهيئات بمراقبتك (رويترز)
التلفزيون أصبح مرآة لك تسمح لمجموعة من الشبكات والهيئات بمراقبتك (رويترز)
TT

كيف تحمي نفسك من تجسس التلفزيون الذكي عليك؟

التلفزيون أصبح مرآة لك تسمح لمجموعة من الشبكات والهيئات بمراقبتك (رويترز)
التلفزيون أصبح مرآة لك تسمح لمجموعة من الشبكات والهيئات بمراقبتك (رويترز)

تجمع أجهزة التلفزيون الحديثة المتصلة بالإنترنت بيانات كثيرة عن مستخدميها دون أن يدروا.
وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، لم يعد التلفزيون مجرد جهاز لعرض مختلف البرامج والمحتوى لك، فقد أصبح مرآة لك تسمح لمجموعة من الشبكات والهيئات بمراقبتك، ويشمل ذلك المعلنين وسماسرة البيانات (شركات تبيع معلومات شخصية عنك).
وتقول روينا فيلدنغ، خبيرة خصوصية البيانات: «الغرض من ذلك هو جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول سلوكك واهتماماتك وتفضيلاتك، واستغلالها لتحقيق دخل منها، بشكل أساسي من خلال الإعلانات المستهدفة».
ومن الصعب تجنب التجسس عبر تلفزيونك الذكي. ووجدت دراسة أجراها باحثون في جامعتي «نورث إيسترن» و«إمبريال كوليدج لندن» أن البيانات المجمعة من أجهزة التلفزيون والأجهزة الذكية الأخرى ترسَل إلى مسؤولي الإعلانات في «غوغل» و«نتفليكس»، حتى لو لم يكن الأشخاص مشتركين في منصة «نتفليكس».
ماذا يعرف تلفزيونك الذكي عنك تحديداً؟
تعتمد البيانات التي يجمعها التلفزيون الذكي الخاص بك على الشركة المصنعة والعلامة التجارية والإصدار.
ويقول توبي لويس، المسؤول في شركة «دارك تريس» للأمن السيبراني: «من الناحية النظرية، معظم أجهزة التلفزيون الذكية قادرة على جمع بيانات الصوت والفيديو. فميزة البحث والتنشيط الصوتي إحدى الميزات التي يمكن أن تجمع كميات كبيرة من البيانات. ومن خلالها تستمع الميكروفونات والبرامج إلى التعليمات ويمكنها التقاط المحادثات والأصوات الأخرى التي تجري في المنزل. وقد ترسَل هذه التسجيلات إلى جهات خارجية لتحليلها».

من جهتها، قالت فيلدنغ: «يعد تتبع الشخص عبر أكثر من جهاز ذكي مشكلة أخرى تجب مراعاتها». وأوضحت قائلة: «تعدّ البيانات التي تُجمع عبر التلفزيون الذكي الخاص بك أكثر قيمة عند دمجها مع المعلومات التي تُجمع من الأجهزة الذكية الأخرى مثل الهواتف الجوالة وأجهزة الكومبيوتر المحمولة». وأضافت: «يتيح ذلك التعرف على الأفراد بالتفصيل وجمع بيانات أكثر دقة عنهم مثل الموقع الجغرافي ونشاط تصفح الويب والمعلومات المتعلقة بمواقع التواصل الاجتماعي».
ماذا يفعل تلفزيونك بالبيانات؟
يقول لويس إن بعض البيانات لا يمكن معرفة سبب جمعها والهيئات التي ترسَل إليها. وأشار إلى أن ما يُفعل بالبيانات «معقد وشديد الغموض». وتابع: «يدعي مصنعو التلفزيونات الذكية أنهم يستخدمون معلوماتك من أجل (إضفاء الطابع الشخصي) وجودة المحتوى، ولكن من الشائع بيع هذا النوع من البيانات إلى أطراف ثالثة أو شركات إعلان أو خدمات بث».

وحذرت فيلدنغ من أن «معظم التطبيقات المثبتة على جهاز التلفزيون الذكي الخاص بك يرسَل إلى شبكة كبيرة من المعلنين وسماسرة البيانات»، وهو الأمر الذي اتفق معها فيه جيك مور؛ مستشار الأمن السيبراني العالمي في شركة «ESET».
كيف يمكنك حماية نفسك من تجسس التلفزيون الذكي عليك؟
ستجمع أجهزة التلفزيون الذكية البيانات ما دامت متصلة بالإنترنت، ولا يمكنك منع حدوث ذلك تماماً.
ومع ذلك، هناك بعض الإجراءات الأساسية التي يمكنك اتخاذها لحماية نفسك من التجسس.
ومن بين هذه الإجراءات إيقاف تشغيل خدمة «التعرف التلقائي على المحتوى (ACR)» في الإعدادات، والتي تحاول التعرف على كل محتوى يجري تشغيله على التلفزيون، وإلغاء الاشتراك في أي ميزة متصلة بالإعلانات، وتغطية أو تعطيل الكاميرات والميكروفونات.



غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.