عمّان: الحبس 12 عاماً لنائب مفصول هدد حياة العاهل الأردني

TT

عمّان: الحبس 12 عاماً لنائب مفصول هدد حياة العاهل الأردني

أصدرت محكمة أمن الدولة الأردنية (قضاء عسكري)، حكما بالحبس 12 عاما، على النائب المفصول أسامة العجارمة، الذي بدأت محاكمته منتصف شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي، بعد اتهامه بتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وإحداث الفتنة، إلى جانب ثبوت ارتكابه لأركان وعناصر «تهمة تهديد حياة الملك».
وفور صدور الحكم، ظهر أمس الأربعاء، اندلعت أعمال شغب وعنف واسعة في منطقة ناعور (15كم) جنوب العاصمة، وهي المنطقة التي يمثلها النائب المفصول، انتخابيا، ويقطنها أقرباؤه ومؤازروه، وقد شهدت المنطقة حرقا لأحد دواوين القبيلة طالت ممتلكات عامة.
وحكمت المحكمة العسكرية على النائب المفصول العجارمة، بالسجن 12 عاما، مع وضعه بالأشغال المؤقتة، بعد ثبوت تهمة تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة، وتصنيع مواد ملتهبة بقصد استخدامها على وجه غير مشروع، وتعاطي المواد المخدرة، وثبوت ارتكابه لأركان وعناصر تهمة تهديد حياة الملك الأردني.
وأصدرت محكمة أمن الدولة، قرارها أمس، في جلسة علنية بحضور وكلاء الدفاع عن المتهمين والمدعي العام، حكمها على النائب المفصول أسامة العجارمة، بعد تجريمه بالتهم المسندة له من النيابة العامة، وهو حكم قابل للطعن. كما قررت المحكمة بالوقت نفسه الحكم على باقي المتهمين المشتركين مع العجارمة، بالوضع بالأشغال المؤقتة لمدد تتراوح بين سبعة وثمانية أعوام.
المحكمة كشفت عن سلسلة وقائع ضمن البيّنات المقدمة خلال الجلسات، والتي أثبتت ارتكاب المتهمين، جميعاً، لأفعالٍ من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإحداث الفتنة، كما ثبت للمحكمة ارتكابه لأركان وعناصر تهمة تهديد حياة جلالة الملك. ووفقا لما أوردته المحكمة، فإنه على إثر فصل العجارمة من مجلس النواب في التاسع عشر من شهر مايو (أيار) الماضي، تولد في ذهنه، وبالاشتراك مع باقي المتهمين، العمل على تأجيج الشارع الأردني، ضد «نظام الحكم السياسي» ومؤسساته والأجهزة الأمنية، والدعوة إلى العصيان. وقام بدعوة بعض فئات من المجتمع الأردني، واتخذ من التجمعات والتظاهرات التي كان يقوم بتنظيمها، «طريقة لإحداث الفتنة والإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع للخطر وضرب الاستقرار الذي ينعم به... بحسب قرار المحكمة».
كما أقدم المتهمون في أحد التظاهرات، بتحريض الموجودين، ضد نظام الحكم السياسي القائم في المملكة. وحثّ المتهم الأول، المشاركين، على العصيان ومواجهة أجهزة الدولة بالقوة والعنف، باستخدامه لغة خطابة وكلمات تثير السخط والحقد تجاه مؤسسات الدولة الرسمية.
وكشفت المحكمة في الوقائع، عن قيام العجارمة وبقية المتهمين، بتصنيع قنابل «مولتوف» باستخدام البنزين والزيت المحروق، داخل إحدى المزارع، للقيام بعمل إرهابي يتمثل بتفجير إحدى سيارات (جواد) التابعة لقوات الدرك الأردنية، التي تقوم بوظيفتها في حفظ الأمن والاستقرار في منطقة ناعور.
وكان مجلس النواب الأردني، قد قرر فصل النائب أسامة العجارمة، منتصف العام الماضي، بعد سلسلة مخالفات ارتكبها، ما تسبب في أحداث شغب وأعمال عنف في دائرته الانتخابية ذات الطابع العشائري والواقعة في منطقة ناعور (15 كم جنوب العاصمة).
وجاء تطور عقوبة العجارمة إلى «الفصل»، بعد عشرة أيام فقط من قرار سابق للمجلس «بتجميد عضويته مدة عام»، على خلفية تلفظه بإساءات بحق أعضاء المجلس ونظامه الداخلي، وبعد فشل وساطات نيابية لنزع اعتذار منه تحت قبة البرلمان. وصوت 108 نواب، من أصل 119 نائبا حضروا الجلسة الطارئة التي عقدت لبحث مذكرة نيابية وقع عليها 109 نواب، لبحث تداعيات الحديث الذي تلفظ به النائب العجارمة، وشكلت تهديدا لحياة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بعد بث فيديوهات كشف فيها عن نوايا سابقة بتنفيذ هذا التهديد تحت قبة البرلمان.
وشكّل حراك النائب المفصول، في حينها، تحريضا للمكونات الوطنية للتمرد على الدولة، كما انطوى على تشكيك بشرعية الدولة ومؤسساتها الدستورية، خاصة مجلس الأمة، ما اعتبر انقلابا على الدستور، حيث سبق أن دعا العشائر الأردنية للزحف إلى العاصمة عمان، واستعادة الدولة ومقدراتها ممن وصفهم «بالعملاء». وتفاقمت تهديدات النائب المفصول، بعد دعوته لأفراد عشيرته وحثهم على التحرّك والاحتجاج، إلى اندلاع أعمال شغب تسببت في إصابة أربعة عناصر أمنية من قوات الدرك الأردنية، قبل أن تنجح السلطات الأمنية في البلاد في تطويق الفوضى.
وكان النائب المفصول قد ظهر في مقاطع فيديو تداولها نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، دعا فيها إلى «استخدام القوة وقطع الرؤوس»، لمن وصفهم «بالجبناء»، مثلما ظهر متوشحاً السلاح على خاصرته وملوحاً بالسيف في أكثر من مناسبة، داعياً أبناء العشائر الأردنية إلى الالتفاف حول مطالبه، الأمر الذي قابلته السلطات الأردنية بالقوة ومنع إقامة أي فعاليات.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».