أطباء لـ«الشرق الأوسط»: حالات وفيات بسبب انتشار القناصة الحوثيين وعدم قدرة السكان على الانتقال بين مديريات عدن

مستشفيات المحافظة تعاني نقصًا شديدًا في الأدوية

أطباء لـ«الشرق الأوسط»: حالات وفيات بسبب انتشار القناصة الحوثيين وعدم قدرة السكان على الانتقال بين مديريات عدن
TT

أطباء لـ«الشرق الأوسط»: حالات وفيات بسبب انتشار القناصة الحوثيين وعدم قدرة السكان على الانتقال بين مديريات عدن

أطباء لـ«الشرق الأوسط»: حالات وفيات بسبب انتشار القناصة الحوثيين وعدم قدرة السكان على الانتقال بين مديريات عدن

قالت مصادر طبية في مدينة عدن جنوب اليمن لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الصحي والإنساني في المدينة على شفا الانهيار في ظل استمرار المواجهات المسلحة، على نحو متقطع، في أنحاء متفرقة من ضواحي مدينة عدن، إضافة إلى محافظة لحج القريبة من عدن».
وقال الدكتور ناصر حليف المدير الطبي بمجمع 22 مايو (أيار) في عدن في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الصحي في المدينة مزر للغاية ويصعب وصفه». وتسبب انتشار القناصة الحوثيين في المباني واستهدافهم لمن يحاولون الانتقال ما بين مديريات مدينة عدن، المترامية الأطراف، إلى انقطاع السبل وتفاقم الأوضاع الصحية والمعيشية.
وذكر الدكتور ناصر حليف في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» بشيء من الحسرة والألم أن «طفلين من أبناء المنطقة توفيا خلال الأيام القليلة الماضية بسبب انتشار القناصة الحوثيين وعدم قدرة أهليهما، ولا إدارة المستشفى، على نقلهما إلى مستشفى الصداقة المتخصص في الطفولة، لكونه يقع في منطقة عمر المختار التي شهدت مواجهات مسلحة عنيفة وكان القناصة ينتشرون في مداخل ومباني المنطقة الأمر الذي حال دون إمكانية نقلهما».
وأضاف: «هاتان حالتان موثقتان عايشتهما وكنت شاهدا عليهما شخصيًا وراح ضحيتهما طفلان بريئان، وأنا على يقين أن هناك الكثير من حالات الوفيات بسبب نفاد الأكسجين في هذا المستشفى أو ذاك، أو عدم قدرة سكان خور مكسر من الوصول إلى مستشفى الجمهورية في كريتر أو التواهي، وهكذا».
وقال الدكتور ناصر إن «مستشفيات عدن تعاني نقصًا شديدًا في المواد الطبية والتجهيزات والكوادر الطبية»، مشيرًا إلى أنها «لا تزال تتلقى حتى الآن العشرات من الجرحى المصابين إصابات مباشرة بالرصاص الحي، أو ناجمة عن شظايا قذائف وتهدم أبنية، أو جراء انفجار وما يتسبب به من حروق جسدية».
وأضاف حليف: «في ظل الأوضاع الحالية وانقطاع التيار الكهربائي وانعدام الوقود والمشتقات النفطية والنقص في المواد الطبية تصبح الحالات المرضية الاعتيادية، غير الناجمة عن المواجهات المسلحة، كحالات التهابات الأمعاء، أو الولادة، أو عملية استئصال الدودة الزائدة، عبئًا كبيرًا على الطاقم الطبي بسبب الضغط وامتلاء الأسرة وصالات الطوارئ، إلى درجة أن المرضى يفترشون الأرض ومرميون في ممرات وطواريد مستشفيات عدن بسبب امتلائها وعدم القدرة على استيعابها».
ونوه حليف إلى أن الكثير من حالات الإصابة بالرصاص المباشر كانت حالات قنص، تتوزع على الرأس والرقبة والأرجل، موضحًا أن مستشفى «22 مايو» استقبل 6 حالات لأشخاص تعرضوا للقنص المباشر بالرأس بينهم مدنيين وطفلة. وقال: «حتى حالات الولادة الاعتيادية لم نستطع استقبال الكثير من الحالات، وأحلناهم إلى مستشفى آخر اضطرارًا». وزاد: «المرضى في ممرات المستشفى، وأن الحالات لا تزال تتوافد إلى المستشفى» حتى لحظة كتابة الخبر.
وأشار حليف إلى أن «مديريات خور مكسر وكريتر والمعلا ودار سعد، تباعًا، هي الأكثر تضررًا خلال المواجهات المسلحة على مدى الأسابيع الماضية».
ودعا المدير الطبي في مجمع «22 مايو» في عدن منظمات المجتمع المدني إلى سرعة إغاثة مدينة عدن وإنقاذ المدنيين، متمنيًا أن «تتوقف الحرب ونزيف الدم اليمني، وأن يعود الإخاء بين الشعب اليمني، وأن تعود العملية السياسية وألا نخضع مرة أخرى لحكم عائلة واحدة»، حسب وصفه.
وعلى الرغم من انقضاء 24 ساعة على إعلان قيادة تحالف عاصفة الحزم انتهاء العمليات العسكرية وبدء عمليات «إعادة الأمل» الإنسانية فإن الاشتباكات المسلحة لا تزال تسمع بين الفينة والأخرى، ما بين جيوب ميليشيات الحوثي والقوات الموالية لصالح وما بين المقاومين من أبناء المدينة، بالتزامن مع تدهور الأوضاع المعيشية وانقطاع التيار الكهربائي وانعدام المواد الغذائية والتموينية والمشتقات النفطية والوقود.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».