89 قتيلاً في «تمرد داعش» بالحسكة

«الشرق الأوسط» تواكب المواجهات حول سجن الصناعة بحي غويران

نازحون من مناطق الاشتباكات مع «داعش» في الحسكة أمس (أ.ف.ب)
نازحون من مناطق الاشتباكات مع «داعش» في الحسكة أمس (أ.ف.ب)
TT

89 قتيلاً في «تمرد داعش» بالحسكة

نازحون من مناطق الاشتباكات مع «داعش» في الحسكة أمس (أ.ف.ب)
نازحون من مناطق الاشتباكات مع «داعش» في الحسكة أمس (أ.ف.ب)

استمرت أمس (السبت) لليوم الثالث المعارك بين «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يهيمن عليها الأكراد وبين عناصر من تنظيم «داعش»، بمدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، وسط تقارير عن سقوط ما لا يقل عن 89 قتيلاً في المواجهات المتواصلة منذ ليلة الخميس إثر هجوم شنه عناصر «داعش» على سجن الصناعة بحي غويران في المدينة بهدف تحرير مئات من رفاقهم.
ورصدت «الشرق الأوسط» أمس ميدانياً تطور المواجهات، ففي نقطة متقدمة مطلة على سجن الصناعة بحي غويران جنوب مدينة الحسكة، كان يمكن رصد مجموعة من القناصين وعناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في محيط السجن وأسواره العالية والمناطق المحيطة به. وعلى وقع اشتباكات متقطعة كان بالإمكان مشاهدة ألسنة النار وتصاعد الدخان الذي شكل سحابة سوداء فوق بناء السجن الكبير. وشوهدت مجموعة من السيارات والعربات العسكرية المحترقة في ميدان الحي أو «دوار المرور» سابقاً. أما في الجهة المقابلة أمام محطة «سادكوب» لتوزيع المواد البترولية والنفطية، فكان بالإمكان مشاهدة حطام ثلاث سيارات شحن كبيرة متفحمة لم يتبق منها سوى كومة خردة. وهذه الشاحنات كانت مملوءة بالمتفجرات، وقد استخدمها عناصر «داعش» بعملية انتحارية في هجومهم على بناء السجن ليل الخميس الماضي، في محاولة لتحرير مئات من سجناء التنظيم.
وتواصلت العمليات العسكرية لليوم الثالث على التوالي في حي غويران ومحيطه حيث تدور اشتباكات عنيفة، بعد حالة استعصاء وتمرد نفذها محتجزو «داعش» بسجن غويران والذين نجحوا في شن هجوم مباغت وسيطروا على مناطق محيطة بالسجن. لكن مقاتلي «قوات سوريا الديمقراطية»، بغطاء من طيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، تمكنوا في الساعات الماضية من إحراز تقدم واستعادوا السيطرة على مناطق محاذية للسجن وفرضوا طوقاً أمنياً محكماً بعد معارك دامية ضد مقاتلي «داعش» الذين انتشروا في أجزاء من السجن وفي مناطق بحي الزهور وحوش البعر وغويران.
وقال القائد العام لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي إن قواته نجحت بدعم ومساعدة من قوات التحالف والطيران الحربي، «بصد الهجوم وتم تطويق محيط السجن بالكامل واعتقال جميع الهاربين»، مضيفاً أن «داعش» حشد «معظم خلاياه في محاولة لتنظيم هروب من سجن الحسكة، عن طريق انتحاريين والقيام بعصيان داخل السجن من قبل المعتقلين». ونشر عبدي تغريدة على حسابي الشخصي بموقع «تويتر» قال فيها: «لن تتوقف قواتنا عن قتال (داعش) حتى يتم وضع جميع العناصر الإجرامية خلف القضبان».
وفي ميدان المرور والطريق المتجهة نحو ساحة الكراج المحاذية من سور السجن بقيت جثث مسلحي التنظيم ملقاة على قارعة الطريق مع جعب ومخازن أسلحة، وبجانبها بقع من الدم وفوارغ الرصاص وطلقات صواريخ «آر بي جي» متناثرة هنا وهناك. وبحسب إحصاءات «قوات سوريا الديمقراطية»، ارتفعت حصيلة قتلى «داعش» إلى 40 مسلحاً، بحسب ما قال قيادي عسكري ميداني. وأشار هذا القيادي إلى أن خلايا التنظيم وعناصره المحتجزين داخل السجن تمكنوا بعد خروجهم من الزنازين من السيطرة على أجزاء من مبنى السجن وأسلحة الحراس والذخيرة وأحكموا قبضتهم على منطقة المقابر والمخبز الآلي وساحة الكراج ومبنى كلية الاقتصاد المجاورة، متحدثاً عن مقتل 5 من «سوريا الديمقراطية» و3 من قوى الأمن الداخلي (الأسايش)، فيما قُتل 5 مدنيين جراء هذه الاشتباكات.
من جهته، أكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، أن الاشتباكات أدت إلى مقتل 28 عنصراً من القوات الأمنية الكردية، و56 مقاتلاً من مقاتلي تنظيم «داعش» وخمسة مدنيين منذ بدء الهجوم على سجن غويران. وأشار «المرصد» إلى اعتقال مئات السجناء من «داعش» بينما لا يزال العشرات منهم فارين، من دون تحديد العدد الإجمالي للسجناء الذين تمكنوا من الهرب.
وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن تنظيم «داعش» تبنى عبر حساب وكالة «أعماق» الدعائية التابعة له على تطبيق تلغرام «الهجوم الواسع» على السجن بهدف «تحرير الأسرى المحتجزين بداخله»، مشيراً إلى أن «الاشتباكات لا تزال جارية في محيط السجن وأحياء أخرى».
وفيما كانت تُسمع بوضوح أصوات انفجارات ضخمة وإطلاق قذائف صاروخية، شهدت منطقة القتال حالة نزوح جماعية للسكان نحو مناطق أكثر أمناً. وقال سيامند علي، القيادي في قوات «قسد»، إن الاشتباكات مستمرة في محيط سجن الصناعة وإن قواتهم شددت الخناق على عناصر التنظيم، موضحاً «أن خلايا (داعش) وعناصره باتوا محاصرين في مواقع صغيرة ضمن حي غويران المجاور، وتمت السيطرة على مبنى السجن وسيتم إجبارهم على تسليم أنفسهم». وأشار إلى أن الهدف الرئيسي من مواصلة خلايا «داعش» الاشتباكات على رغم ضيق المساحة الجغرافية التي ينتشر فيها مقاتلو التنظيم هو «توجيه رسالة إلى المحتجزين داخل السجن كي يواصلوا أعمال الشغب والتمرد والاستعصاء في انتظار توفير فرصة لهروبهم».
وأشار قادة عسكريون ومواطنون نجحوا بالفرار من منازلهم إلى أن عناصر التنظيم كانوا يستخدمون السكان المدنيين دروعاً بشرية، ما يعوق تقدم قوات الأمن لإنهاء الموقف وأحكام السيطرة على السجن والمناطق المحيطة. وتقوم وحدات خاصة وأخرى من قوى الأمن الداخلي (الأسايش) بتأمين وتوفير ممرات آمنة لخروج السكان من منطقة الاشتباكات.
ومنشأة الصناعة بحي الغويران بالحسكة من بين 7 سجون منتشرة في شمال شرقي سوريا يُحتجز فيها 5 آلاف متطرف كانوا ينتمون إلى «داعش». وهذه المنشأة عبارة عن بناء كبير يضم عشرات المهاجع الضخمة والزنازين وتحيط به أسوار عالية تخضع لحراسة مشددة من قوات «قسد»، بدعم مالي من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. ويقع هذا السجن في منطقة عسكرية متشابكة ومعقدة حيث تنتشر إلى جانب قوات «قسد» وقوات التحالف الدولي والجيش الأميركي، قوات حكومية موالية للرئيس السوري بشار الأسد ووحدات من الجيش الروسي. وهذه القوات الأخيرة تحكم السيطرة على جيب حكومي يقع في مركز مدينة الحسكة.
وتشير إحصاءات إدارة السجون لدى الإدارة الذاتية شرق الفرات إلى وجود نحو 12 ألف شخص كانوا ينتمون إلى صفوف التنظيم المتشدد، بينهم 800 مسلح ينحدرون من 54 جنسية غربية، وألف مقاتل أجنبي من بلدان عدة، على رأسها تركيا وروسيا ودول آسيوية، بالإضافة إلى 1200 مسلح ينحدرون من دول عربية، غالبيتهم قدموا من تونس والمغرب. كما يبلغ عدد المنحدرين من الجنسية العراقية نحو 4 آلاف، والعدد نفسه ينحدر من الجنسية السورية.
واتهم لقمان آحمي، الناطق باسم الإدارة الذاتية، حكومة دمشق بأنها شريكٌ في الهجوم على السجن، مشيراً، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن حكومة الرئيس الأسد قامت بـ«الترويج للخلايا الإرهابية ووصفها بأنها مجموعات المقاومة الشعبية ودعمتها إعلامياً ولوجيستياً». وأوضح أن «الطرف الأول ورأس الحربة في الهجوم (على السجن) كان عناصر من داعش يعملون ضمن خلايا نائمة تحاول رفد عناصرها عن طريق إخلاء العناصر المحتجزين في سجن الصناعة». واعتبر أن الأطراف المستفيدة من أحداث السجن «هي الحكومة التركية وفصائل المعارضة السورية».


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي: مقتل اثنين من «داعش» بضربة في سوريا

المشرق العربي صورة من شريط فيديو لغارة جوية أميركية على مستودع أسلحة في شرق سوريا يوم 8 نوفمبر 2023 (أ.ب)

الجيش الأميركي: مقتل اثنين من «داعش» بضربة في سوريا

قال الجيش الأميركي إنه نفذ ضربة جوية في سوريا، قتلت اثنين من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، وأصابت آخر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في سوتشي بروسيا... 29 سبتمبر 2021 (رويترز) play-circle 02:04

إردوغان: نجري حوارا وثيقاً مع أحمد الشرع

قال إردوغان إنه «لا مكان في مستقبل سوريا لأي منظمة إرهابية بما في ذلك (داعش) وحزب العمال الكردستاني»، مضيفا أن نهج تركيا الثابت هو حماية وحدة الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي عناصر من الجيش الوطني السوري في شرق حلب (أ.ف.ب)

​اشتباكات عنيفة حول عين العرب ومخاوف من تفاقم الوضع الإنساني

وقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين «قسد» وفصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا بعد هجومين متزامنين نفذتهما الفصائل على محوري سد تشرين وجسر قره قوزاق

سعيد عبد الرازق (أنقرة )
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يترأس اجتماعاً لقيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة نينوى (رئاسة الوزراء)

السلطات العراقية تراقب محاولات لتسويق «داعش»

بعد أيام من رفع علم تنظيم «داعش» في إحدى قرى محافظة كركوك شمال بغداد، رصدت القوات الأمنية الاثنين في بغداد عبارات تمجد التنظيم الإرهابي.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي القائد العام للإدارة السورية أحمد الشرع مستقبلاً فيدان في مستهل زيارته لدمشق (رويترز) play-circle 00:32

تركيا تدعم دمشق سياسياً... وتتأهب عسكرياً ضد «الوحدات الكردية»

زار وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، دمشق، والتقى قائد الإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، وبالتزامن أجرى وزير الدفاع التركي جولة تفقدية على الحدود.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مقتل عنصرين من «حركة الشباب» في غارة أميركية جنوبي الصومال

عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
TT

مقتل عنصرين من «حركة الشباب» في غارة أميركية جنوبي الصومال

عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)

أعلن الجيش الأميركي الخميس أنّه شنّ غارة جوية في جنوب الصومال الثلاثاء أسفرت عن مقتل عنصرين من «حركة الشباب».

وقالت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) في بيان إنّه «وفقا لتقييم أولي لم يصب أيّ مدنيّ» في هذه الضربة الجوية التي نُفّذت «بالتنسيق مع الحكومة الفدرالية الصومالية». وأوضحت أفريكوم أنّ الضربة استهدفت هذين العنصرين بينما كانا «على بُعد نحو عشرة كيلومترات جنوب غربي كوينو بارو»، البلدة الواقعة جنوب العاصمة مقديشو.

من جهتها، أعلنت الحكومة الصومالية الخميس مقتل قيادي في الحركة في عملية نفّذت في نفس المنطقة. وقالت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة في منشور على منصة إكس إنّ «رئيس العصابة الإرهابية محمد مير جامع، المعروف أيضا باسم أبو عبد الرحمن» قُتل خلال «عملية خطّطت لها ونفّذتها بدقّة قواتنا الوطنية بالتعاون مع شركاء دوليّين».

ومنذ أكثر من 15 عاما تشنّ حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة تمرّدا مسلّحا ضدّ الحكومة الفدرالية الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي في بلد يُعتبر من أفقر دول العالم. ونفذت الحركة العديد من التفجيرات والهجمات في مقديشو ومناطق أخرى في البلاد.

وعلى الرّغم من أنّ القوات الحكومية طردتهم من العاصمة في 2011 بإسناد من قوات الاتحاد الإفريقي، إلا أنّ عناصر الحركة ما زالوا منتشرين في مناطق ريفية ينطلقون منها لشنّ هجماتهم ضدّ أهداف عسكرية وأخرى مدنية.