تصعيد بين أنقرة و «قسد» في عفرين بذكرى «غصن الزيتون»

قصف سوري على نقطة تركية جنوب إدلب

TT

تصعيد بين أنقرة و «قسد» في عفرين بذكرى «غصن الزيتون»

شهدت مدينة عفرين الواقعة في ريف حلب الشمالي تصعيداً من جانب قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقوات التركية تزامناً مع مرور 4 سنوات على عملية «غصن الزيتون» العسكرية التي نفذتها تركيا وفصائل موالية في 20 يناير (كانون الثاني) 2018 وأسفرت عن انتزاع السيطرة على المدينة من أيدي «قسد»، في وقت أصيب 5 جنود أتراك في هجوم لقوات النظام على نقطة عسكرية تركية في كنصفرة في جبل الزاوية في جنوب إدلب.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن قواتها قصفت أهدافًا لـ«قسد»، رداً على هجومها الصاروخي على عفرين مساء الخميس، مضيفة أن «التنظيم الإرهابي»، في إشارة إلى «قسد»، أظهر مرة أخرى: وجهه الحقيقي عبر استهداف المدنيين الأبرياء بهجوم صاروخي على مركز مدينة عفرين في الذكرى السنوية لانطلاق عملية «غصن الزيتون» التي ضمنت السلام والاستقرار في المنطقة». وتابع البيان أن «قواتنا قصفت أهداف «الإرهابيين» بدقة، وما زالت تلك الأهداف تتعرض للقصف».
وقصفت قوات «قسد» عفرين، أول من أمس، براجمات الصواريخ، حيث سقط 6 صواريخ على مركز المدينة، ما أدى إلى مقتل 7 مدنيين بينهم 3 أطفال وامرأة، وإصابة 25 آخرين بينهم 10 أطفال و7 نساء.
واستهدف القصف المنازل والسوق التجارية وسط مدينة عفرين، ما أدى إلى اشتعال النار في المحال التجارية، كما استهدف القصف مدرسة في المدينة بشكل مباشر.
وأعلنت «الخوذ البيضاء» أن القصف امتد إلى مدينة أعزاز وريفها، إذ قتلت امرأة على طريق «مريمين – أعزاز» باستهداف سيارة كانت تقلها، بصاروخ موجه انطلق من مناطق تسيطر عليها قوات قسد وقوات النظام السوري، فيما تركز القصف في مدينة أعزاز على محيط المستشفى الوطني بأكثر من قذيفة، ولم تسفر عن إصابات بين المدنيين بينما خلفت أضراراً مادية.
كما طال القصف قرية إسكان القريبة من بلدة الغزاوية بريف عفرين وسقطت معظم القذائف في الأراضي الزراعية على أطراف القرية دون وقوع إصابات.
وقتل عنصر من «قسد» وأصيب آخرون، أمس (الجمعة)، في هجوم مسلح شنه مجهولون استهدفوا خلاله سيارة عسكرية تابعة لـ«قسد» في مدينة الهجين شرق دير الزور.
وصعدت القوات التركية، ليل الخميس - الجمعة، من قصفها على مناطق متفرقة في ريفي حلب الشمالي والشمالي الغربي، ضمن مناطق انتشار قوات «قسد»، واستهدفت بالقذائف الصاروخية والمدفعية 15 منطقة، هي تل رفعت وكفرنايا وشيخ عيسى ودير جمال وعين دقنة وخريبكة والزيارة وآقبية وإرشادية والمالكية وتنب ومرعناز وشوارغة وكفر أنطون والعلقمية، ما أدى لسقوط جرحى بالإضافة إلى أضرار مادية.
وكشفت وزارة الدفاع التركية، في بيان آخر عن القضاء على 6 آلاف و370 من عناصر «قسد»، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة تنظيماً إرهابياً، العمود الفقري لها، على مدار 4 سنوات منذ انطلاق عملية «غضن الزيتون» وحتى الآن، مشيرة إلى أن الجيش التركي تمكن، خلال العملية، من «تحقيق الأمن على مساحة 1859 كيلومتراً مربعاً».
وقال البيان، الصادر بمناسبة مرور 4 سنوات على عملية «غصن الزيتون»، إن «الجنود الأتراك اقتحموا أوكار الإرهابيين الخرسانية الواحد تلو الآخر، والتي كانت نتاج الجهات التي تقودهم، ودفنوا هؤلاء الإرهابيين في الأنفاق التي حفروها بأنفسهم مع أحلامهم التي كانوا يسعون لتحقيقها». وأضاف البيان أن عملية «غصن الزيتون» نُفِذت بكاملها وفق القانون الدولي وباحترام حقوق الإنسان، وانتهت بنجاح وفق المخطط بعد 57 يوماً.
في المقابل، قالت إلهام أحمد، رئيس الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، إن عفرين «احتلت» أمام أنظار العالم أجمع وبضوء أخضر من قبل الكثير من القوى العالمية التي دعمت تركيا في عمليتها العسكرية قبل 4 سنوات.
وذكرت أحمد، في تصريحات على هامش استقبال مجلس سوريا الديمقراطية، الخميس، وفداً من المهجرين من عفرين، بالتزامن مع الذكرى السنوية الرابعة للتدخل التركي في المنطقة، أن عفرين كمدينة كانت محاصرة سابقاً من جميع جهاتها وكانت معزولة عن مناطق الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، لذا وجدت تركيا أنها الحلقة الأضعف، لكنها واجهت مقاومة شرسة طيلة شهرين تقريباً من قبل سكانها الأصليين أمام جميع الأسلحة المتطورة.
وأضافت أن «سوريا برمتها تعيش بمؤامرة دولية حيث كل الأطراف تحاول تسيير البلاد وفق مصالحها... وفي عفرين حاولت تركيا إظهار أنها حررت المنطقة من الإرهابيين، لكن منذ 4 سنوات لا تستطيع إدارة جغرافية مثل عفرين، لأن المجالس والمؤسسات التي تنشئها تركيا لا تمت للمنطقة بصلة وفشلت مشاريعها في كامل مناطق سيطرتها شمال غربي سوريا».
وشددت على ضرورة إنهاء «الاحتلال التركي ووقف الجرائم والانتهاكات الممنهجة التي تشهدها عفرين، وضمان عودة آمنة وكريمة للنازحين»، مطالبة جميع سكان مدينة عفرين الذين هاجروا إلى الخارج القيام بكل ما يقع على عاتقهم تجاه فضح الانتهاكات التركية من تنظيم المسيرات ومراجعة المحاكم الدولية.
على صعيد آخر، أصيب 5 عناصر من حرس نقطة المراقبة العسكرية التركية في بلدة كنصفرة، جنوب إدلب، جراء قصف مباشر نفذته قوات النظام، الليلة قبل الماضية.
وقصفت قوات النظام لليوم الثاني على التوالي، محيط النقطة التركية في قرية قوقفين بجبل الزاوية، دون وقوع إصابات.
وكان نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان قد رصدوا، قصفاً صاروخياً نفذته قوات النظام على جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، ومحور قليدين بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، كما شهد محور المشاريع بسهل الغاب استهدافات متبادلة، بين قوات النظام والفصائل.
في المقابل، قال محمود عواد وهو ناشط في مدينة عفرين، إن «قصفاً صاروخياً مكثفاً بأكثر من 20 صاروخاً، نفذته قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من مناطق انتشارها بريف حلب الغربي، مساء الخميس 20 استهدف مدينة عفرين ومحيطها بشكل مباشر، وعدد من الصواريخ سقطت في سوق شعبية وأحياء سكنية وسط مدينة عفرين، ما أسفر عن مقتل 6 مدنيين وإصابة أكثر من 30 مدنياً، بينهم أطفال ونساء بجروح». وأضاف، «بدورها فصائل الجيش الوطني المدعومة من تركيا، والقوات العسكرية التركية قصفت عدداً من مواقع قسد بريف حلب الشمالي والغربي».
من جهته، ذكر قيادي في فصائل المعارضة السورية المسلحة، أن «قوات النظام قصفت بقذائف المدفعية الثقيلة النقطة العسكرية التركية في بلدة كنصفرة بجبل الزاوية جنوب إدلب، ما أسفر عن إصابة 5 عناصر من طواقم الحراسة بجروح، وترافق القصف على النقطة التركية مع قصف مماثل طال قرى البارة ودير سنبل وسفوهن ومحيط قرى كفرعويد وكنصفرة بريف إدلب وقرى العنكاوي والقاهرة بريف حماة الشمالي الغربي، ما أسفر عن إصابة مدني بجروح».



الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعلنون هجوماً ضد إسرائيل ويزعمون إسقاط مسيرة أميركية

زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين دعا أتباعه إلى الاحتشاد بأكبر قدر ممكن عقب فوز ترمب بمنصب الرئيس الأميركي (أ.ف.ب)

بعد نحو 10 أيام من الهدوء وتراجع الهجمات الحوثية ضد السفن، تبنّت الجماعة المدعومة من إيران قصف قاعدة إسرائيلية في منطقة النقب، الجمعة، وزعمت إسقاط مسيرة أميركية من طراز «إم كيو 9»، بالتزامن مع إقرارها تلقي غارتين غربيتين استهدفتا موقعاً في جنوب محافظة الحديدة الساحلية.

وجاءت هذه التطورات بعد يومين فقط من فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية؛ حيث تتصاعد مخاوف الجماعة الحوثية من أن تكون إدارته أكثر صرامة فيما يتعلّق بالتصدي لتهديداتها للملاحة الدولية وتصعيدها الإقليمي.

صاروخ زعمت الجماعة الحوثية أنه «فرط صوتي» أطلقته باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

وتهاجم الجماعة منذ أكثر من عام السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحرين الأحمر والعربي، كما تطلق الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مساندة «حزب الله» اللبناني.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إن قوات جماعته نفّذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية الإسرائيلية في منطقة النقب بصاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، وإذ ادّعى المتحدث الحوثي أن الصاروخ أصاب هدفه، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراضه دون الحديث عن أي أضرار.

وتوعّد المتحدث العسكري الحوثي بأن جماعته ستواصل ما تسميه «إسناد فلسطين ولبنان»، من خلال مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، زاعماً أن هذه العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الحرب على قطاع غزة ولبنان.

حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر ضربات إسرائيلية استهدفت خزانات الوقود (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكان آخر هجوم تبنّته الجماعة الحوثية ضد إسرائيل في 28 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي، حينها، أن طائرة مسيّرة أُطلقت من اليمن عبرت أجواء مدينة عسقلان قبل أن تسقط في منطقة مفتوحة.

وخلال الأشهر الماضية تبنّت الجماعة إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة؛ وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

12 مسيّرة تجسسية

زعم المتحدث العسكري الحوثي، في البيان الذي ألقاه خلال حشد في صنعاء، أن الدفاعات الجوية التابعة للجماعة أسقطت، فجر الجمعة، «طائرة أميركية من نوع (إم كيو 9) في أثناء تنفيذها مهام عدائية في أجواء محافظة الجوف».

وحسب مزاعم الجماعة، تُعدّ هذه الطائرة المسيرة الـ12 التي تمكّنت من إسقاطها منذ بدأت تصعيدها البحري ضد السفن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

المتحدث العسكري باسم الحوثيين يردّد «الصرخة الخمينية» خلال حشد في صنعاء (أ.ف.ب)

وتحدّثت وكالة «أسوشييتد برس» عما وصفه شهود، الجمعة، بأنه سقوط مسيّرة في أحدث إسقاط محتمل لمسيرّة تجسس أميركية. وأوردت أن الجيش الأميركي على علم بشأن مقاطع الفيديو المتداولة عبر الإنترنت التي تُظهر ما بدا أنها طائرة مشتعلة تسقط من السماء والحطام المحترق في منطقة، وصفها من هم وراء الكاميرا بأنها منطقة في محافظة الجوف اليمنية.

وحسب الوكالة، قال الجيش الأميركي إنه يحقّق في الحادث، رافضاً الإدلاء بمزيد من التفاصيل، وذكرت أنه «لم يتضح على الفور طراز الطائرة التي أُسقطت في الفيديو الليلي منخفض الجودة».

غارتان في الحديدة

في سياق الضربات الغربية التي تقودها واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة الحوثية على مهاجمة السفن، اعترفت وسائل الجماعة بتلقي غارتين، الجمعة، على موقع في جنوب محافظة الحديدة.

وحسب ما أوردته قناة «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، استهدفت الغارتان اللتان وصفتهما بـ«الأميركية - البريطانية» مديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً رئيسياً لشن الهجمات البحرية ضد السفن.

قاذفة شبحية أميركية من طراز «بي 2» مضادة للتحصينات (أ.ب)

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم رابع ضد سفينة ليبيرية.

يُشار إلى أن الجماعة أقرت بتلقي أكثر من 770 غارة غربية، بدءاً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة الهجومية.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

وتقول الحكومة اليمنية، إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

صورة طوربيد بحري وزّعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

ويتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية؛ إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

وتترقّب الجماعة، ومعها حلفاء المحور الإيراني، بحذر شديد ما ستؤول إليه الأمور مع عودة ترمب إلى سدة الرئاسة الأميركية؛ إذ يتوقع المراقبون اليمنيون أن تكون إدارته أكثر صرامة في التعامل مع ملف إيران والجماعات الموالية لها، وفي مقدمتها الجماعة الحوثية.

وحاول زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، في خطبته الأسبوعية، الخميس، التهوين من أهمية فوز ترمب بالرئاسة الأميركية، كما حاول أن يطمئن أتباعه بأن الجماعة قادرة على المواجهة، وأنها لن تتراجع عن هجماتها مهما كان حجم المخاطر المرتقبة في عهد ترمب.