المنفي يعتبر المصالحة الليبية الحقيقية علاجاً لـ«صراع السلطة»

«النواب» يمنح أعضاءه جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة

صورة وزعتها حكومة الوحدة لاجتماع رئيسها الدبيبة أمس مع عضوي مجلس النواب عن مدينة تاورغاء
صورة وزعتها حكومة الوحدة لاجتماع رئيسها الدبيبة أمس مع عضوي مجلس النواب عن مدينة تاورغاء
TT

المنفي يعتبر المصالحة الليبية الحقيقية علاجاً لـ«صراع السلطة»

صورة وزعتها حكومة الوحدة لاجتماع رئيسها الدبيبة أمس مع عضوي مجلس النواب عن مدينة تاورغاء
صورة وزعتها حكومة الوحدة لاجتماع رئيسها الدبيبة أمس مع عضوي مجلس النواب عن مدينة تاورغاء

اعتبر محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي أن «المشاكل الحاصلة في البلاد نتيجة الحروب والصراعات على السلطة، لا تعالجها إلا مصالحة وطنية حقيقية وشاملة، يُشارك فيها الجميع».
ودافع المنفي عن صمته إعلاميا، وقال في تغريدة له عبر موقع تويتر: «أحياناً نُصر على الصمت، لأن هناك أشياء لا يُعالجها الكلام الكثير، ولا الخطابات الرنانة التي لا تشبع ولا تغني من جوع».
وكان المنفي أكد لدى اجتماعه بطرابلس مساء أول من أمس مع سفير إيطاليا جوزيبي غريمالدي، التزام المجلس، الذي اعتبره يمثل الآن وحدة البلاد ويمثل كل الليبيين، بإجراء انتخابات يقبل بنتائجها الجميع، وفق رؤية توافقية بين جميع الأطراف، مشيراً إلى أهمية تواصل زخم الانتخابات، واستمرار تضافر جهود تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
كما ناقش المنفي مع وفد من المنطقة الشرقية ضم بعض الأعيان والحكماء وأعضاء من لجنة الحوار السياسي ملف المصالحة.
وقال المنفي في بيان وزعه مكتبه إن الاجتماع تطرق إلى جهود إجراء الانتخابات بأسرع وقت ممكن، حتى لا يفقد هذا الاستحقاق زخمه، من أجل إنهاء الانقسام بين أطراف العملية السياسية، والتأكيد على دعم عمل اللجنة العسكرية المشتركة 5+5. وأشاد المنفي، لدى اجتماعه مع السفير الألماني لدى ليبيا ميخائيل أونماخت بالدور الإيجابي لألمانيا في إنجاح الحوار السياسي الليبي، مؤكداً استمرار المجلس في العمل على ملف المصالحة لإعادة الاستقرار للبلاد، مجدداً دعم المسار السياسي للوصول لانتخابات حرة ونزيهة.
من جانبه، بحث أمس عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة مع عضوي مجلس النواب عن مدينة تاورغاء احتياجاتها العاجلة، بالإضافة إلى سبل تقريب وجهات النظر في التطورات السياسية خلال هذه المرحلة.
في المقابل، أعلن عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، أنه ناقش بمقره في القبة مساء أول من أمس مع كنعان يلماز السفير التركي لدى ليبيا، مستجدات الوضع السياسي في ليبيا، والعلاقات الثنائية بين البلدين بما يخدم الشعبين الليبي والتركي.
بدوره، أكد يلماز استعداد بلاده لإعادة فتح القنصلية في مدينة بنغازي، واستئناف رحلات الخطوط الجوية التركية إليها عند توفر ما وصفه بالظروف المناسبة.
من جهة أخرى، دافع أعضاء في مجلس النواب عن قرار مفاجئ بمنحهم جوازات دبلوماسية مدى الحياة، في سابقة هي الأولى من نوعها، ما أثار جدلا في الشارع الليبي. وقال بعض أعضاء المجلس إنهم صوتوا في جلسته الأخيرة بمقره في مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد، بالإجماع لصالح حصولهم على هذه الجوازات حتى بعد انتهاء فترة عملهم.
وطبقا لإبراهيم الزغيد عضو المجلس فإن القرار تم بتوصية من اللجنة التشريعية وبموافقة نجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة، لافتا في تصريحات تلفزيونية إلى أن القرار غير قابل للنقاش. ولم يعلن المجلس رسميا عن القرار، لكن ناشطين ووسائل إعلام محلية تداولوه.
بدورها، استمعت لجنة خريطة الطريق المُشكلة من مجلس النواب لإحاطة من رئيس مصلحة الأحوال المدنية محمد بالتمر حول مشروع «الانطلاقة» لتحسين سجل الأحوال المدنية. وقال عبد الله بليحق المتحدث باسم المجلس إنه تم الاتفاق على تزويد اللجنة بتقرير مكتوب ومفصل حول المشروع، مشيرا إلى مطالبة اللجنة محافظ مصرف ليبيا المركزي ووزير المالية بضرورة إتمام كافة الإجراءات المالية المطلوبة لانطلاق المشروع في أسرع وقت.
كما ناقشت اللجنة مع وفد من بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، الدعم الفني الذي قد تحتاجه للعملية القانونية والدستورية.
من جهتها، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات تشكيل لجنة من مختصين لفحص ومراجعة قوائم التزكية المقدمة من مرشحي الانتخابات الرئاسية ومطابقة مدى انطباق أحكام الطعون الصادرة عن المحاكم مع قانون الانتخابات.
وتضمن القرار تقديم مدير إدارة العمليات بالمفوضية مقترح اللائحة الإجرائية لعملية الفحص والوسائل والمدد الزمنية اللازمة لها، على أن تَرفع اللجنة التي ستستعين بمن تراه مناسباً لإنجاز أعمالها، تقريرها إلى مجلس المفوضية خلال 72 ساعة من تاريخ أول اجتماع لها.
من جهة أخرى، أبلغ اللواء أمراجع العمامي عضو اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 وسائل إعلام محلية أمس أن المجلس الرئاسي بصدد الإعلان عن مبادرة لبدء إجلاء المرتزقة من البلاد بشكل رسمي، مشيرا إلى أنه لم تتم عملية إجلاء المرتزقة باستثناء إجلاء 300 منهم مؤخرا من المنطقة الشرقية.
وكشف النقاب عن اشتراط روسيا وتركيا أن يكون خروج المرتزقة بشكل متزامن وبنفس العدد. ونفى العمامي اعتزام أكثر من 150 مرتزقا مغادرة ليبيا بإشراف اللجنة، التي قال إنها تركز أعمالها على إخراج المرتزقة التابعين لدول جنوب ليبيا، لافتا إلى وجود تنسيق مع الأمم المتحدة لعقد مصالحات للجماعات المعارضة مع بلدانها قبل بدء عودتها. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مصادر أن قيادة فصائل فرقة الحمزة وسليمان شاه والسلطان مراد الموالية لتركيا أوعزت لنحو 150 من عناصرها بحزم أمتعتهم للرحيل، بعد موافقة الحكومة التركية على منحهم استراحة في سوريا، ولفت إلى مغادرة دفعة جديدة من المرتزقة سوريا أول من أمس، في طريقها إلى تركيا، بينما لا تزال وجهتها الأخيرة مجهولة، فيما عده مؤشرا على استئناف عمليات تبدل المرتزقة مجددا بعد أسابيع من توقفها.
إلى ذلك، دشن الصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي ونائبه علي الحبري عقب اجتماعهما أمس في تونس، عملية لإعادة توحيد المصرف والتوقيع على عقد لتقديم خدمات استشارية مع شركة للخدمات المهنية الرائدة لدعم تنفيذ خريطة إعادة التوحيد التي تتكون من أربع مراحل، سينتج عنها نموذج تشغيلي متطور للمصرف، يحاكي الممارسات العالمية.
بموازاة ذلك، أمر النائب العام بحبس رئيس لجنة إدارة الهيئة العامة لصندوق التضامن الاجتماعي احتياطيا بتهم خصم قيم مالية من مرتبات موظفي الصندوق بالمخالفة للقوانين المعمول بها في الدولة.
كما أمرت النيابة العامة بحبس رئيس جهاز الحرس البلدي السابق، احتياطيا بعد استكمال التحقيقات في التهم الموجه إليه، بالتسبب عمداً في إلحاق ضرر جسيم بالمال العام؛ والتواطؤ مع الغير لغرض تحقيق منافع غير مشروعة، وتزوير بيانات قرارات تعيين بعض أفراد الجهاز، وتوريد الأسلحة النارية للجهاز بالمخالفة للإجراءات.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.