سياسيون تونسيون متهمون بـ«جرائم انتخابية» يواجهون عقوبات مالية أو السجن

قيس سعيد يقول إنه أنفق 18 دولاراً فقط في حملته الرئاسية عام 2019

وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين خلال إعلانه عن الشبهات التي استدعت توقيف القيادي في حركة «النهضة» نور الدين البحيري يوم الاثنين الماضي (إ.ب.أ)
وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين خلال إعلانه عن الشبهات التي استدعت توقيف القيادي في حركة «النهضة» نور الدين البحيري يوم الاثنين الماضي (إ.ب.أ)
TT

سياسيون تونسيون متهمون بـ«جرائم انتخابية» يواجهون عقوبات مالية أو السجن

وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين خلال إعلانه عن الشبهات التي استدعت توقيف القيادي في حركة «النهضة» نور الدين البحيري يوم الاثنين الماضي (إ.ب.أ)
وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين خلال إعلانه عن الشبهات التي استدعت توقيف القيادي في حركة «النهضة» نور الدين البحيري يوم الاثنين الماضي (إ.ب.أ)

يواجه رؤساء الحكومات السابقون في تونس، وبعض رؤساء الأحزاب السياسية والوزراء السابقين، ممن اتهموا بارتكاب «جرائم انتخابية»، عقوبات مالية يمكن أن تتطور إلى أحكام بالسجن، علاوة على الحرمان من الترشح للانتخابات لمدة تصل إلى خمس سنوات في حال ثبوت تهمة تلقي تمويل أجنبي. ويعني ذلك أن الأسماء التي أوردتها النيابة العامة في المحكمة الابتدائية بشبهة التورط في جرائم انتخابية قد تُحرم من الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة دستورياً سنة 2024.
ويعتبر منتقدون للرئيس قيس سعيد أن فتح ملف المخالفات الانتخابية المزعومة يمكن أن يزيح من وجهه منافسين يُتوقع أن يتقدموا معه للترشح في السباق الرئاسي عام 2024 على غرار الرئيس السابق المنصف المرزوقي، ورئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد. كما أن سعيد سيخوض الانتخابات المقبلة بحظوظ وافرة للفوز من جديد، في حال إدانة منافسيه أمام القضاء.
وبالنسبة للعقوبات التي ستسلط على من ارتكبوا «جرائم انتخابية»، أكد عادل البرينصي، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، أن القانون الانتخابي التونسي ينص على تسليط عقوبات مالية على المرشحين الذين ارتكبوا جرائم انتخابية وعقوبات بالسجن تصل إلى خمسة أعوام ضد المرشحين للانتخابات الرئاسية الذين تلقوا أموالاً من الخارج خلال الحملة الانتخابية. ويضيف أن القانون ذاته يفرض عقوبة تجميد العضوية بالنسبة لمن فازوا في الانتخابات بعد أن تلقوا تمويلات أجنبية، علاوة على حرمان من تتم إدانته بالحصول على تمويل أجنبي من الترشح للانتخابات لمدة خمس سنوات بدءاً من تاريخ صدور الحكم.
وفي السياق ذاته، قال نجيب القطاري، رئيس محكمة المحاسبات، إن جرائم الإشهار السياسي والانتفاع بدعاية انتخابية غير مشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخرق فترة الصمت الانتخابي تكون عقوبتها مالية. وأضاف أن المحكمة تقدمت بمشروع لتنقيح القانون الانتخابي من أجل إضفاء نجاعة أكبر على تدخل محكمة المحاسبات، وبهدف اعتماد إجراءات وآجال محددة للتقاضي في المخالفات الانتخابية.
كان رئيس الدولة، قيس سعيد، قد رد على اتهامات بتلقيه تمويلات أجنبية خلال حملته الانتخابية وتمتعه بالحصانة في وجه تطبيق العدالة، بالقول إن المبلغ الوحيد الذي دفعه خلال الحملة الانتخابية سنة 2019 كان عبارة عن 50 ديناراً تونسياً فقط (حوالي 18 دولاراً أميركياً)، مؤكداً أنه رفض الحصول على التمويل العمومي (الذي تقدمه الدولة لمرشحي الرئاسة). وتابع: «قلت للهيئة العليا - المفترض أن تكون مستقلة - للانتخابات، إن الصفحات (الفيسبوكية) لا أستعملها أصلاً ولا أعلم من وراءها، وهي لا تُلزمني».
كان حزب العمال الذي يتزعمه حمة الهمامي، الوارد اسمه ضمن قائمة من ارتكبوا «جرائم انتخابية»، قد استغرب عدم إدراج اسم الرئيس التونسي نفسه على رأس قائمة المنتفعين بالإشهار السياسي والدعاية غير المشروعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفق ما ورد في تقرير محكمة المحاسبات التي ذكرت في ملاحقها أن قيس سعيد تلقى مساندة من قبل 30 صفحة دعاية على الإنترنت لفائدته موزعة على تونس والعديد من الدول الأجنبية بعدد مشاركين فاق ثلاثة ملايين شخص. ويشير تقرير محكمة المحاسبات، المتعلق برقابة الحملات الانتخابية لانتخابات الرئاسة والانتخابات التشريعية لسنة 2019، إلى أن الحملة الانتخابية لقيس سعيد لم تخل من مخالفات انتخابية عديدة، فعلاوة على 30 صفحة دعائية لمصلحته، بلغ عدد المنشورات المدعومة على الصفحات غير المصرح بها من قبل سعيد 7 منشورات جميعها في صفحة واحدة. وفيما يهم الدعاية الانتخابية يوم الصمت الانتخابي في الدورة الثانية، تم تسجيل 143 مخالفة على صفحات «فيسبوك» غير المصرح بها لفائدة الرئيس التونسي الذي يقول إن هذه الصفحات غير مرتبطة به.
وخلال الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، بلغت القيمة الإجمالية للفواتير التي لا تتضمن الموجبات القانونية في حملة قيس سعيد 12.515 ألف دينار تونسي، وهو ما يمثل 47.1 في المائة من مجموع النفقات. وتتمثل النقائص في غياب المعرف الجبائي أو تنصيصات أخرى، حسب تقرير محكمة المحاسبات.
وورد في التقرير ذاته أن قيس سعيد قدم حساباته المالية خلال الآجال القانونية للإيداع لدى محكمة المحاسبات، وأن موارد حملته الانتخابية في الدورة الأولى قُدرت بحوالي 18.965 ألف دينار تونسي (جميعها موارد خاصة). وبلغت قيمة الصوت الواحد 30 مليماً (الدينار التونسي يساوي ألف مليم) وهي أقل كلفة بين مرشحي الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية لعام 2019، وبلغت نفقات الحملة الانتخابية في الدورة الثانية للمرشح سعيد حد 26.535 ألف دينار تونسي.
على صعيد آخر، وفي إطار حديثه عن نور الدين البحيري، نائب رئيس حركة «النهضة» الخاضع للإقامة الإجبارية والمقيم حالياً في المستشفى إثر تدهور حالته الصحية بعد تمسكه بالإضراب عن الطعام والدواء، قال الرئيس التونسي لدى إشرافه أول من أمس على اجتماع مجلس الوزراء: «من يُضرب عن الطعام هو حر، لكن رغم ذلك وفرنا له جميع الأسباب التي تقيه من الإضرار بنفسه. وليتذكر من خانته الذاكرة أن الذي يُضرب عن الطعام اليوم تم الحكم عليه بعدم سماع الدعوى في 1987»، في إشارة إلى دعوى قانونية خلال فترة الحكم السابق في تونس في ثمانينات القرن الماضي. وأضاف منتقداً: «هو الذي أمضى الميثاق الوطني في نوفمبر (تشرين الثاني) 1988 ولم يقع تتبعه إطلاقاً، ولا أريد أن أتحدث عن الأموال الطائلة والتجاوزات التي حصلت من المحيطين به ومن الأشخاص الذين يريدون أن يجعلوا منه ضحية». وتابع: «إن أراد أن يجعل من نفسه ضحية فهو حر، وإن أراد أن يأكل أو يشرب فهو حر». وكشف عن تسخير طاقم طبي له وتمكين أفراد عائلته من البقاء معه في المستشفى.
على صعيد متصل، دعت هيئة الدفاع عن نور الدين البحيري، زوجته سعيدة العكرمي، إلى إنهاء إضرابها عن الطعام في المستشفى الذي يقيم به، والالتحاق بالمحامين المعتصمين بـ«دار المحامي»، للمطالبة بإطلاق سراحه. وأكدت الهيئة أن زوجة البحيري استجابت لتلك الدعوة والتحقت بـ«دار المحامي» مع مواصلتها الإضراب عن الطعام.
كان وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين، قال يوم الاثنين إن هناك «شبهات إرهاب جدية» في ملف توقيف البحيري، وإن «الأمر يتعلق بتقديم شهادات الجنسية وبطاقات هوية وجوازات سفر بطريقة غير قانونية لأشخاص لن أصفهم، وسأترك الأبحاث القضائية تطلق عليهم الوصف السليم»، حسب ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن من بين الأشخاص المعنيين بهذه القضية فتاة من أبوين سوريين. وفتحت النيابة بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب تحقيقاً في ذلك.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».