بغداد تستقبل نازحي الرمادي بلا كفيل مع وصول قوات الصولة إلى المدينة

وزارة الدفاع العراقية: انطلاق العمليات العسكرية في الأنبار ضد «داعش»

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في اجتماع مع القيادة العسكرية ببغداد مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في اجتماع مع القيادة العسكرية ببغداد مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

بغداد تستقبل نازحي الرمادي بلا كفيل مع وصول قوات الصولة إلى المدينة

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في اجتماع مع القيادة العسكرية ببغداد مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في اجتماع مع القيادة العسكرية ببغداد مساء أول من أمس («الشرق الأوسط»)

في الوقت الذي يتواصل فيه توافد آلاف العوائل النازحة من أهالي مدينة الرمادي إلى العاصمة بغداد بعد توسيع تنظيم داعش نطاق هجماته على مركز المدينة فقد وصلت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مشارف مدينة الرمادي لبدء الهجوم المضاد. وكان البرلمان العراقي صوّت أمس السبت على إرسال قوات لمحافظة الأنبار وتسليح العشائر وإلغاء مطالبة النازحين بالكفيل للدخول إلى العاصمة بغداد. وقال عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار فارس طه الفارس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الأوضاع في الرمادي سواء بجانبها العسكري أو الإنساني تحتاج إلى معالجة سريعة وهو ما أدى بمجلس النواب إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات على هذا الصعيد منها الطلب من الحكومة وبأقصى سرعة إرسال تعزيزات عسكرية كافية ومن قوات النخبة لكي تتمكن من دحر هجوم تنظيم داعش بالإضافة إلى التحرك باتجاه الأميركان لتكثيف الضربات الجوية على مواقع (داعش) وهو ما بدأت تتضح معالمه».
وأضاف الفارس أن «من بين المسائل الهامة التي تم اتخاذ قرار بشأنها وهي إلغاء شرط الكفيل بالنسبة للنازحين حيث شكل هذا الأمر عائقا كبيرا أمام دخول العوائل النازحة إلى بغداد فضلا عن ظهور أعداد من ضعاف النفوس ممن يتولى الكفالة جراء مبالغ مالية الأمر الذي حمل البرلمان على التصويت لإلغاء هذه الفقرة وهو ما حصل بالفعل، حيث إن عملية الدخول الآن تتم في غاية الإنسيابية من خلال ملء استمارة فقط بالإضافة إلى توفير وسائل النقل مجانا».
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع العراقية عن انطلاق العمليات العسكرية في مناطق شمال الرمادي بعد أيام من تمدد «داعش» باتجاه الكثير من تلك المناطق خصوصا البوفراج والبوغانم وتهديده مركز المدينة. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع تحسين إبراهيم في تصريح صحافي إن «العمليات العسكرية في الأنبار بدأت اليوم (أمس) في مناطق البوغانم والبوفراج والسجارية، شمال الرمادي»، مؤكدًا أن «العملية بدأت بقوة، الأمر الذي أدى إلى ضرب الكثير من أهداف (داعش)، وباتت عناصره مطوقة وتحت مطرقة النار». وأضاف إبراهيم أن «الساعات القليلة المقبلة ستشهد تطورًا كبيرًا في الموقف»، لافتًا إلى أن «تعزيزات عسكرية وصلت إلى مدينة الرمادي، من العمليات الخاصة كالشرطة وأبناء العشائر والحشد الشعبي».
وأوضح إبراهيم أنه «تمت تهيئة جميع مستلزمات القتال وما يهمنا فقط سلاح المدفعية والصواريخ والطائرات لعمل ممرات لإخراج المواطنين»، مشيرًا إلى أن «القوات المشاركة في معارك اليوم هي كل من الحشد الشعبي وأبناء العشائر وطيران التحالف الدولي والقوة الجوية العراقية وطيران الجيش». وكان مكتب القائد العام للقوات المسلحة أشار إلى أن رئيس الوزراء حيدر العبادي أعلن أنه أجرى عدة اتصالات بالقيادات الأمنية في بيجي والأنبار حول الوضع الأمني. وقال بيان للمكتب إن العبادي «زار مقر العمليات المشتركة للاطلاع على مستجدات الأوضاع الأمنية في قواطع العمليات وبالأخص في الأنبار وبيجي والقواطع الأخرى». وأجرى رئيس الوزراء بحسب البيان «عددا من الاتصالات بالقادة الأمنيين وأصدر التوجيهات والأوامر للمساهمة بتعزيز الروح القتالية لقواتنا المرابطة في أرض المعركة».
وفي هذا السياق، أكد نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تعزيزات عسكرية كبيرة بدأت تصل إلى الأنبار وهو ما يعني أن موازين القوى ستتغير بشكل إيجابي لصالح قواتنا». وأضاف أن «القوات التي وصلت هي من مختلف الأنواع والأجهزة مثل مكافحة الإرهاب أو المدرعات والدبابات وغيرها من الأسلحة التي كنا نفتقر إليها، الأمر الذي أدى بتنظيم داعش إلى استغلال مثل هذه الفجوات «مشيرا إلى أن «طيران التحالف كثف هو الآخر من غاراته على مواقع (داعش) الأمر الذي يعني أن ما حصل سيتم تداركه بسرعة».
وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري دعا العراقيين إلى المشاركة في عملية تحرير محافظة الأنبار من عصابات «داعش» الإرهابية. وقال الجبوري في كلمة متلفزة له حول الأوضاع في الأنبار إن «على الجميع دعم أهالي وعشائر الأنبار في حربهم على (داعش) وهم عازمون على القضاء عليها». وأضاف أن «الدفاع عن أرضكم وعرضكم ودينكم وشرفكم من ثلة آثرت على نفسها الضلال والزيغ وسفك الدماء من غير وجه حق، فها هم يستحلون أرواح الناس ويزهقونها ويقطعون الرؤوس بالنيابة عن الله ويشوهون الدين ويستبيحون أموال الناس بالباطل، فماذا ينتظرون غير أن تتوجه إليهم رماح الصد التي تقف في وجه الباطل وتنافح وتدافع عن الحق وأهله». ودعا الجميع إلى «مؤازرة أبناء الأنبار فأمن الأنبار من أمن بغداد وهي تمثل خاصرتها الغربية»، مؤكدا أن «توجه (داعش) شرقا يشكل كارثة بقربهم على مرمى حجر من قلب بغداد وهذا ما لا نرضاه ولا نتمناه ولن نسمح به وكل ذلك سيكون بدعمكم وإسنادكم».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.