مظاهرات مفاجئة تربك حسابات السلطة في السودان

مصرع شخصين بالرصاص في الخرطوم

جانب من احتجاجات الخرطوم أمس المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم أمس المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
TT

مظاهرات مفاجئة تربك حسابات السلطة في السودان

جانب من احتجاجات الخرطوم أمس المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات الخرطوم أمس المطالبة بالحكم المدني (أ.ف.ب)

لقي شخصان على الأقل مصرعهما وأصيب آخرون، أثناء احتجاجات شارك فيها آلاف السودانيين، ضمن موكب مفاجئ لم يكن مدرجاً ضمن جدول المواكب التي يعلنها مسبقاً «تجمع المهنيين» و«لجان المقاومة». ومن جانبها، واجهت السلطات العسكرية المتظاهرين بعنف مفرط مستخدمة الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والرصاص بكثافة، لتفريق المحتجين الذين وصلوا إلى محيط القصر الرئاسي، للمرة الثالثة خلال بضعة أيام.
وتفاجأت السلطات العسكرية بالموكب غير المعلن، فسارعت إلى إعادة إغلاق الجسور وقطع خدمة الاتصالات والإنترنت دون إعلان، بعد أن كانت قد أعادت افتتاحها قبل ساعات، ونشرت على عجل كذلك قوات عسكرية كبيرة لمنع المحتجين من الوصول إلى القصر الرئاسي الذي أصبح الواجهة المستهدفة للمواكب التي ظلت تنطلق منذ قرارات قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

لجنة الأطباء
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية – وهي هيئة مهنية طبية – إن قتيلين على الأقل رصدتهما خلال احتجاجات أمس، وقالت في نشرة صحافية: «ارتقت روح شهيد لم يتم التعرف على بياناته بعد إثر إصابة عنيفة مباشرة في الرأس من قبل قوات السلطة الانقلابية أدت لتهتك الجمجمة، وإصابة متظاهر آخر برصاصة في الصدر خلال مشاركتهما في مواكب الخرطوم وأم درمان»، ليبلغ عدد القتلى برصاص السلطات العسكرية في مدينة أم درمان وحدها 8 شهداء خلال أربعة أيام فقط.
وأوضحت اللجنة أن قتيل أمس يرفع عدد «الشهداء الذين حصدتهم الأجهزة الأمنية، إلى 56 شهيداً منذ الانقلاب، 14 سقطوا بعد توقيع الاتفاق بين الفريق البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك» في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك في إشارة لفشل رئيس الوزراء في حقن دماء السودانيين وفق تبريره لتوقيع الاتفاق مع الجيش.
وأعلنت «لجان المقاومة» – وهي تنظيمات شبابية شعبية في الأحياء - عن مواكب احتجاجية مليونية مجدولة طوال شهر يناير (كانون الثاني) الجاري، خلال أيام (6، 9، 12، 18، 22، 24، 26، 30) من الشهر، بيد أن لجان مقاومة منطقة «الديوم» وسط الخرطوم، أعلنت عن موكب خارج الجدولة المعلنة، وسارعت لجان المقاومة في مدن الخرطوم والولايات للانضمام إليها، رافعة شعار «لن تسيروا وحدكم»، في أول موكب احتجاجي للعام الجديد.
وعلى عجل، أغلقت السلطات العسكرية الجسور الرابطة بين مدن العاصمة الثلاث عشية الموكب، بعد أن كانت قد أكملت رفعها مساء ذات اليوم، وأعادت نشر قوات كبيرة من مختلف الوحدات العسكرية «شرطة، جيش، دعم سريع، جهاز أمن، وقوات أخرى يرجح أنها تابعة لقوات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام في جوبا». وبذلك تحول وسط الخرطوم إلى ساحة حرب خالية من المدنيين والنشاط التجاري، ويحتلها جنود بأزياء عسكرية وقوات مساندة بأزياء مدنية.
عنف مفرط
واستخدمت القوات العسكرية العنف المفرط «المعتاد الذي ظلت تستخدمه ضد المحتجين السلميين، بيد أن المحتجين أفلحوا في الوصول إلى محيط القصر الرئاسي، وخاضوا معارك كر وفر مع قوات الأمن الكثيفة المنتشرة للحيلولة دون وصولهم إلى محيط القصر الرئاسي، ما أدى لإصابة عدد من المحتجين بمقذوفات قنابل الغاز والصوت نقلوا على إثرها للمستشفيات لتلقي العلاج. وقال أحد المحتجين لـ«الشرق الأوسط»: «إنهم يطلقون القنابل مباشرة إلى أجساد المحتجين، ما أحدثت إصابات وحروقاً في الوجه والعين والرأس للبعض»، وتابع: «إطلاق قنابل الغاز مباشرة على الأجساد أخطر من الرصاص الحي ومن الرصاص المطاطي».
وجاءت مواكب أمس بعد يومين من مواكب 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، التي شارك فيها مئات الآلاف، واستخدمت خلالها القوات العسكرية الرصاص والذخيرة الحية، ما أدى إلى مقتل 4 أشخاص على الفور، ووفاة شخصين في وقت لاحق متأثرين بجراحهم، فيما أصيب نحو 300 شخص بإصابات متفاوتة، أغلبهم في مدينة أم درمان. وقال منظمو موكب أمس إن موكبهم يحمل اسم «الوفاء لدماء الشهداء»، رافضين اتفاق البرهان وحمدوك ومطالبين بضرورة محاسبة قتلة المتظاهرين السلميين، وتسليم السلطة للمدنيين، ورددوا هتافات: «العسكر للثكنات والشارع للثوار» مطالبين بفض الشراكة بين العسكريين والمدنيين، وفقاً لشعار الثلاثة لاءات الذي رفعوه منذ تسلم الجيش للسلطة، وهي: «لا تفاوض، لا شراكة، لا مساومة».
وتعد مظاهرات أمس، الموكب الثالث عشر الذي يشارك فيه مئات الآلاف في مختلف مدن السودان، منذ انقلاب قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر الماضي، وقتل خلال هذه الفترة 56 شخصاً معظمهم برصاص الأجهزة العسكرية وأصيب خلالها المئات من المحتجين، لكن العنف المفرط زاد الاحتجاجات زخماً.

شلل تام
ودرجت السلطات العسكرية على إغلاق الجسور الرابطة بين مدن العاصمة الثلاث «الخرطوم، الخرطوم بحري، أم درمان»، وقطع خدمة الإنترنت والاتصالات بشكل كامل، في محاولة لمنع التجمعات من تنسيق مواقفها والوصول للقصر الرئاسي، لكن تلك الإجراءات لم توقف المواكب الاحتجاجية ذات السمة الشبابية التي تقودها لجان المقاومة. ووفقاً للمراقبين، فإن إغلاق الجسور وقطع خدمات الاتصال أصابت الحياة في البلاد بالشلل التام، وعادة ما تغلق المتاجر ومراكز الخدمات، ومؤسسات الدولة أبوابها أيام المواكب، إذ درجت القوات العسكرية على إصدار أوامر للمحال التجارية ومراكز الترفيه في وسط الخرطوم بإغلاق أبوابها. كما لم يقتصر تأثير عمليات عزل المدن عن بعضها، وقطع خدمات الاتصالات على أيام المواكب وحدها، بل يمتد تأثيرها على مجمل الحياة في البلاد، وهو ما وصفه المحتج موسى علي لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «إنهم يساعدوننا على فرض عصيان مدني بإغلاق الجسور ومراكز الخدمات».
وفي 25 أكتوبر الماضي، أصدر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان حزمة قرارات أعلن بموجبها حالة الطوارئ في البلاد، وعلق نصوصاً في الوثيقة الدستورية، واعتقل عدداً من الوزراء وكبار المسؤولين والسياسيين، بمن فيهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الذي وضع في الإقامة الجبرية قرابة الشهر، واعتبرتها المعارضة ولجان المقاومة «انقلاباً عسكرياً كاملاً» واجهته باحتجاجات متواصلة.
ووقع البرهان وحمدوك في 21 نوفمبر الماضي، اتفاقاً سياسياً، قال الأخير إنه قبل به مضطراً لـ«حقن دماء السودانيين». وقضى الاتفاق بعودة رئيس الوزراء لممارسة مهام منصبه، وتكوين حكومة كفاءات مستقلة، بيد أن الاتفاق واجه رفضاً كبيراً من القوى المدنية واعتبرته «شرعنة للانقلاب»، وفي ذات الوقت فشل رئيس الوزراء في تكوين حكومته الجديدة.
وإزاء فشله في تحقيق توافق وطني وتشكيل حكومة، واستمرار القوات العسكرية في سفك دماء المحتجين السلميين، واستخدام العنف المفرط ضدهم، لوح رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بتقديم استقالته أكثر من مرة، ولا يزال يلوح بها.



قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
TT

قاسم يعلن «انتصار» «حزب الله» ويتعهّد صون الوحدة الوطنية وانتخاب رئيس

الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)
الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم معلناً «الانتصار الكبير» (رويترز)

قال الأمين العام لـ«حزب الله» إن الحزب حقّق «انتصاراً كبيراً يفوق النصر الذي تحقق عام 2006»، وذلك «لأن العدو لم يتمكن من إنهاء وإضعاف المقاومة».

وجاءت مواقف قاسم في الكلمة الأولى له بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار يوم الأربعاء الماضي. وقال قاسم: «قررت أن أعلن كنتيجة (...) بشكل رسمي وواضح أننا أمام انتصار كبير يفوق الانتصار الذي حصل في يوليو (تموز) 2006»، في إشارة إلى الحرب الأخيرة بين الجانبين. وأضاف: «انتصرنا لأننا منعنا العدو من تدمير (حزب الله)، انتصرنا لأننا منعناه من إنهاء المقاومة أو إضعافها إلى درجة لا تستطيع معها أن تتحرك، والهزيمة تحيط بالعدو الإسرائيلي من كل جانب» .

وتوجّه قاسم في مستهل كلمته إلى مناصري الحزب، قائلاً: «صبرتم وجاهدتم وانتقلتم من مكان إلى آخر، وأبناؤكم قاتلوا في الوديان، وعملتم كل جهدكم لمواجهة العدو». وأضاف: «كررنا أننا لا نريد الحرب، ولكن نريد مساندة غزة، وجاهزون للحرب إذا فرضها الاحتلال. والمقاومة أثبتت بالحرب أنها جاهزة والخطط التي وضعها السيد حسن نصر الله فعّالة وتأخذ بعين الاعتبار كل التطورات، و(حزب الله) استعاد قوّته ومُبادرته، فشكّل منظومة القيادة والسيطرة مجدداً ووقف صامداً على الجبهة».

 

ولفت إلى أن إسرائيل فشلت في إحداث فتنة داخلية، قائلاً: «الاحتلال راهن على الفتنة الداخلية مع المضيفين، وهذه المراهنة كانت فاشلة بسبب التعاون بين الطوائف والقوى». وعن اتفاق وقف إطلاق النار، قال قاسم: «الاتفاق تمّ تحت سقف السيادة اللبنانية، ووافقنا عليه ورؤوسنا مرفوعة بحقنا في الدفاع، وهو ليس معاهدة، بل هو عبارة عن برنامج إجراءات تنفيذية لها علاقة بالقرار 1701، يؤكد على خروج الجيش الإسرائيلي من كل الأماكن التي احتلها، وينتشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني لكي يتحمل مسؤوليته عن الأمن وعن إخراج العدو من المنطقة».

وأكد أن «التنسيق بين المقاومة والجيش اللبناني سيكون عالي المستوى لتنفيذ التزامات الاتفاق، ونظرتنا للجيش اللبناني أنه جيش وطني قيادة وأفراداً، وسينتشر في وطنه ووطننا».

وتعهّد بصون الوحدة الوطنية واستكمال عقد المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة التي حدّدها رئيس البرلمان نبيه بري، في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، واعداً بإعادة الإعمار بالتعاون مع الدولة، «ولدينا الآليات المناسبة»، قائلاً: «سيكون عملنا الوطني بالتعاون مع كل القوى التي تؤمن أن الوطن لجميع أبنائه، وسنتعاون ونتحاور مع كل القوى التي تريد بناء لبنان الواحد، في إطار اتفاق الطائف، وسنعمل على صون الوحدة الوطنية وتعزيز قدرتنا الدفاعية، وجاهزون لمنع العدو من استضعافنا».