وكيل الأزهر لـ {الشرق الأوسط}: «عاصفة الحزم» أمر مشروع لمحاربة البغي واغتصاب السلطة

د. شومان أكد أن السعودية لم تشن هجوما على الحوثيين إنما هبت لرد اعتدائهم ودعم الشرعية

وكيل الأزهر عباس شومان («الشرق الأوسط»)
وكيل الأزهر عباس شومان («الشرق الأوسط»)
TT

وكيل الأزهر لـ {الشرق الأوسط}: «عاصفة الحزم» أمر مشروع لمحاربة البغي واغتصاب السلطة

وكيل الأزهر عباس شومان («الشرق الأوسط»)
وكيل الأزهر عباس شومان («الشرق الأوسط»)

يوما بعد آخر تزداد وتتسع الأهمية السياسية والأمنية والدينية والإنسانية لعملية «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية لتصحيح الأوضاع المأساوية في اليمن. وفي هذا السياق، قال وكيل الأزهر في مصر، الدكتور عباس شومان، إن عملية «عاصفة الحزم» أمر مشروع وهدف نبيل وردّ فعل لما قامت به جماعة الحوثي من اعتداء على الشرعية في اليمن، لافتا إلى أن تصوير العملية بأنها حرب سنية شيعية.. عمل رخيص.
وأكد شومان، الذي يعد الرجل الثاني في الأزهر، وهو الأمين العام لهيئة كبار العلماء بمصر، أن «عاصفة الحزم».. حرب على البغي والعدوان واغتصاب السلطة، وما يقوم به التحالف العربي المشترك لتفويت الفرصة على المتآمرين والمتربصين الساعين لنشر الفوضى والدمار في المنطقة. وأضاف وكيل الأزهر في حوار مع «الشرق الأوسط» بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة، أن «إيران تسعى لتحويل الكثير من الدول العربية إلى دول شيعية». وفي الوقت نفسه قال إن «داعش» بغاة ولو حكم الأزهر بتكفيرهم لصار مثلهم ووقع في فتنة التكفير..
وفيما يلي نص الحوار..
* علماء السعودية أكدوا أن «عاصفة الحزم» جهاد في سبيل الله، لأنها ضد نظام فاسد وجماعة متطرفة.. هل تؤيد ذلك؟
- العمليات العسكرية التي تقوم بها المملكة ومصر ومن يشاركهما في التحالف العربي الإسلامي لعودة الشرعية في اليمن، أمر مشروع فرضته التطورات الأخيرة في اليمن، وهذه العمليات هي عمليات دفاعية لنصرة الشعب اليمني وإنقاذ اليمن من الفوضى والانهيار التام. وتأييد الأزهر للمملكة في تحركها العسكري ضد جماعة الحوثي ودعمه لعملية «عاصفة الحزم» يأتي في إطار حتمية تصدي الدول العربية والإسلامية لأي خطر يهدد الدين والوطن، خصوصا أن التدخل العربي والإسلامي لعودة الشرعية وإعادة الاستقرار والهدوء لليمن إنما جاء بعد استنفاد جميع الوسائل والسبل السلمية المشروعة وعدم استجابة الحوثيين للمناشدات المحلية والإقليمية والدولية، بالعدول عما أقبلوا عليه واللجوء إلى الحوار لحماية الدولة والشعب اليمني من الانزلاق في أتون الحرب.
* لكن بعض الأصوات تشكك في عملية «عاصفة الحزم» التي تقوم بها المملكة ودول بينها مصر لإغاثة الشعب اليمني.. فما تعليقكم؟
- بداية، يجب أن نؤكد أن المملكة لم تشن هجوما على الحوثيين، وإنما هبت لرد اعتداء الحوثيين على إخوانهم اليمنيين لدعم الشرعية واستعادة الاستقرار. أما هدف عملية «عاصفة الحزم» فهو هدف نبيل وردّ فعل لما قامت به جماعة الحوثي ومن يدعمها في الداخل والخارج، ولا ينبغي أن يكون ذلك محل خلاف، فالجميع يعلم أن عملية «عاصفة الحزم» إنما جاءت اضطرارا لتلبية استغاثة الشعب اليمني والحفاظ على وحدة التراب اليمني وسلمه الاجتماعي، فهي عمل دفاعي وليس هجوميا اقتضته الأحداث فكان لزاما على الجميع أن يهب لنصرة اليمن وحماية أراضيه. ومن هذا المنطلق جاءت «عاصفة الحزم» لترفع ما حل بهم وبدارهم من قوارع تدمي القلوب وتبكي العيون، بالإضافة إلى حماية الحرمين الشريفين من أن تطالهما أيدي العابثين.
* الأزهر أكد أن «عاصفة الحزم» صفحة جديدة في الشرق الأوسط.. ما تفسيركم؟
- لا شك أن «عاصفة الحزم» بداية مرحلة جديدة في تاريخ العرب والمسلمين وصفحة جديدة في سجل الشرق الأوسط. ومن خلال متابعة الأزهر للوضع الذي آلت إليه الأمور في اليمن، وما شهده من انتشار لأعمال العنف وظهور بذور الطائفية عقب انقضاض جماعة الحوثي على المؤسسات الشرعية باليمن، كان من الطبيعي جدا أن يبارك الأزهر جهود قادة الدول العربية في مواجهة التحديات التي تهدد الأوطان. ونثمن عاليا هذه الصحوة العربية التي بدأت تدوي في المنطقة بعد انطلاق عملية «عاصفة الحزم» سواء على مستوى الشعوب أو الحكومات. ومن ثم، فالأزهر يرى أن استجابة الدول العربية لدعم الشرعية في اليمن وتدخلها للدفاع عن أمن واستقرار اليمن وسلامة أراضيه، يأتي في إطار مسؤولياتها التاريخية تجاه الأمن القومي العربي.
* وكيف قرأ الأزهر بداية انطلاق «عاصفة الحزم»؟
- الأزهر قدر المبادرة غير المسبوقة التي وضعت حدا حاسما وسريعا لكل من يسول له غروره العبث بأمن ووحدة الأمة العربية والتدخل في شؤونها أو اللعب على وتر الفتنة الطائفية والمذهبية. وهي مبادرة مباركة تحفظ أمن دول المنطقة وتحمي شعوبها وتحرس آمالهم وطموحاتهم وتدعم حقهم في ردع المعتدي ورده إلى النسيج المجتمعي.
* إيران تلعب دورا خطيرا لضرب وحدة الدول العربية في المنطقة.. كيف ترى ذلك؟
- أعتقد أن إجابة هذا السؤال وضحت من الإجابة على سابقه.. فإيران تسعى لتحويل الكثير من الدول العربية إلى دول شيعية، ولا أدل على ذلك مما يحدث في العراق وسوريا ولبنان، واليمن أخيرا وليس آخرا. وهو مخطط يهدد أمن المنطقة بل يساعد مخططات خارجية أخرى تسعى لزعزعة الاستقرار في أوطاننا العربية والإسلامية، وخير دليل على ذلك وجود التنظيم الإرهابي المسمى «داعش» في المنطقة. وما يقوم به تحالف «عاصفة الحزم» يأتي من منطلق تفويت الفرصة على المتآمرين والمتربصين بالدول العربية والإسلامية الساعين لنشر الفوضى والخراب والدمار في المنطقة. وأعتقد أن هذا المخطط لن يتم بإذن الله بفضل يقظة الشعوب العربية وحكمة القادة العرب وحسن تقديرهم للأمور واتخاذ القرارات المناسبة في الأوقات المناسبة.
* هل تعتقد أن جماعة الحوثي سوف تستوعب الدرس أم أنها ستظل في مقاومتها وإرهابها؟
- أتمنى أن تنصت هذه الجماعة وغيرها من الجماعات الباغية لصوت العقل وتغلب المصلحة العامة على مصالحها الضيقة حتى نتلاشى وقوع مزيد من الضحايا ونجنب المنطقة العربية بأسرها حروبا لا يعرف مداها إلا الله، لكن أعتقد أن جماعة الحوثي لن تستوعب الدرس سريعا وأن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تتمكن «عاصفة الحزم» من قطع خطوط إمداد هذه الجماعة بالمال والسلاح وكسر شوكتها على الأرض وإيصال رسالة قوية على المستويات كافة لمن يدعمها في الداخل والخارج.
* ما رأيكم في توصيف بعض العلماء لأفكار التطرف والإرهاب الذي تمارسه «داعش» وبعض الجماعات الأخرى على أنها عدو الإسلام الأول؟
- لا شك أن ما تقوم به «داعش» وأخواتها من الجماعات المنتسبة إلى الإسلام أمر مؤسف لا يقبله عقل ولا شرع، وأن ما يحملونه من فكر متطرف هو أخطر بكثير من الأعداء التقليديين لأمتنا العربية، لأن هذه التنظيمات تدين ديننا وتتحدث لغتنا وتندس بيننا وتتخذ الفكر سلاحا لها وهو أخطر بكثير من السلاح العسكري.
* في تصوركم.. كيف نواجه «داعش».. ولماذا لم تصدر فتوى من الأزهر بتكفيرهم؟
- أعضاء «داعش» بغاة أشاعوا الفساد في الأرض، لذا وجبت مواجهتهم وقتالهم بكل قوة. وهذا أمر واضح لا لبس فيه، فالذي يحمل السلاح ويستحل الدماء الحرام ولا يفرق بين أتباع دين ودين، ولا بين صغير وكبير، ولا بين مدني وعسكري، ولا رجل وامرأة لا يجدي معه إلا السلاح الذي لا يسمعون إلا صوته. أما الحوار فهو يجدي، بل إنه ضروري مع المضللين الذين استهواهم فكر هؤلاء من شباب المسلمين في الشرق والغرب ممن لا يحملون هذا الفكر المسموم عن قناعة، هؤلاء الشباب يجدي معهم الحوار ودحض شبهات المبطلين الذين يتسللون إليهم من خلالها، وهذا ما يفعله الأزهر عبر اللقاءات والندوات والقوافل الدعوية التي تجيب عن الأسئلة الحائرة في أذهان هؤلاء الشباب المغرر بهم بكل صراحة ووضوح. ولما كان لزاما علينا استخدام نفس الوسائل والتقنيات التي تستخدمها هذه الجماعات الإرهابية، أنشأ الأزهر مرصدا إلكترونيا لرصد ما تبثه هذه الجماعات وفي مقدمتها «داعش» من سموم فكرية تحاول بها تجنيد شباب المسلمين لانتهاج طريقهم الدموي، ويقوم بالرد على هذه الشبهات وهذه الأفكار المتطرفة مختصون يجيدون لغات مختلفة ليردوا بنفس اللغة التي بثت بها هذه الأفكار، وسيعلن عن إطلاقه رسميا قبل نهاية هذا الشهر بإذن الله.
أما قضية تكفير «داعش»، فالأزهر وعلماؤه لا يستطيعون أن يحكموا بالكفر على مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، مهما بلغت ذنوبه، بل إنه من المقرر في أصول العقيدة أنه لا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحد ما أدخله فيه، وهو الشهادة بالوحدانية ونبوة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأن الذنوب مهما بلغت لا تخرج العبد من الإسلام. ولو حكمنا نحن الأزهريين بتكفير عناصر «داعش» لصرنا مثلهم ووقعنا في فتنة التكفير، وهو ما لا يمكن للأزهر أن يقبله منهجا، فالأزهر كما هو معلوم للجميع يمثل الإسلام الوسطي المعتدل.
* كثيرون يطالبون بتجديد الخطاب الديني.. في رأيكم هل سيحل مشكلات المسلمين وينهي العنف في المنطقة؟
- تجديد الخطاب الديني يحتاج تضافر جهود مؤسسات الدول العربية والإسلامية كافة، حتى الدول ذات الغالبية غير الإسلامية يلزمها أن تتجاوب مع جهود الدول الإسلامية، لأن غالب الشر يتطاير من هناك، بدليل أن معظم أفراد «داعش» ليسوا من الدول العربية أو الإسلامية. وإصلاح أو تجديد الخطاب الديني وحده لن يقضي على الإرهاب، لكن يلزم أيضا بالتوازي مع ذلك بل قبله حل مشكلات البطالة والفقر والمرض والأمية.. وغير ذلك من الأسباب التي تمثل بيئة حاضنة للفكر الداعشي.
والأزهر حين يعلن عن شيء فهو يعنيه، فهو يعمل كثيرا ويتحدث قليلا، وحين يعلن عن شيء تكون خطواته قد بدأت على الأرض، وأول خطوة بعد مؤتمره العالمي الذي عقده في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي لنبذ العنف والتطرف حول العالم، وبعده مؤتمر التربية على قيم المواطنة العالمية الذي عقد مؤخرا في مركز الأزهر للمؤتمرات بالتنسيق مع اليونيسكو، سيعقد ندوة للتجديد في الفكر الديني الأسبوع المقبل يحاضر فيها كبار العلماء وفي مقدمتهم شيخ الأزهر، وشخصيات من خارج الأزهر، وسيعلن في نهايتها عن خطوات تالية. والأزهر يرحب بالأشقاء من السعودية وغيرها في المؤتمرات التي يعقدها، وقد شارك الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب في مؤتمر السعودية الأخير لمكافحة التطرف والإرهاب، كما يشارك الأزهر في فعاليات مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في فيينا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.