غبريال يمين لـ «الشرق الأوسط»: الدراما الحقيقية تحكي عن الإنسان من الداخل

يرى يمين أن مهنة التمثيل هي كناية عن وهم
يرى يمين أن مهنة التمثيل هي كناية عن وهم
TT

غبريال يمين لـ «الشرق الأوسط»: الدراما الحقيقية تحكي عن الإنسان من الداخل

يرى يمين أن مهنة التمثيل هي كناية عن وهم
يرى يمين أن مهنة التمثيل هي كناية عن وهم

لا يمر الممثل اللبناني غبريال يمين مرور الكرام في أي عمل فني يشارك فيه. حضوره يترك دائماً أثره الطيب لدى المشاهد في أعمال درامية أو كوميدية مسرحية أو تلفزيونية. مؤخراً، تعرض الممثل المخضرم لأزمة صحية تجاوزها بعد معاناة. وها هو اليوم يتألق من جديد في أعمال سينمائية ودرامية كان أحدثها فيلم «يربوا بعزكن»، ومسلسل «قبل نص ليل» على شاشة «إم تي في».
يتحدث يمين عما تعلمه من تجربته الصحية الأخيرة، فيقول لـ«الشرق الأوسط»، «علمتني أن أتنبه أكثر إلى الأشخاص الذين يحبونني فأمضي معهم أطول وقت ممكن. كما دفعتني للتفكير ولأول مرة بمرحلة ما بعد الحياة. اكتشاف الحب مع أنه على بعد خطوات عنك، كان بحد ذاته وقفة مع الذات. كأني استيقظت فجأة من نوم عميق، وكانت التجربة محرضاً لي لتعديل حياتي».
يرى يمين، أن القيمين على الدراما في الماضي غشّوا المشاهدين بعد أن صوروا لهم الحياة وردية، كما في القصص التي يشاهدونها عبر الشاشة الصغيرة. لم ينقلوا الواقع المرير، بل قدموا لهم الحب على طبق من فضة. اعتقد المتفرجون، أن أقصى المعاناة التي يمكن أن يلاقوها، ستكون شبيهة بتلك التي تعرض لها رشدي أباظة مثلاً. برأيه، أن المنتجين يبدون وكأنهم مضطرون إلى أن يدرجوا في أعمالهم قصصاً مبنية على رسالة وقضية، والأسوأ أنهم يتطرقون إليها بشكل عابر. «الدراما ليست قصة فقط، بل هي تحكي عن الإنسان في داخله. حتى لو كان الفيلم خيالياً، (ماتريكس) مثلاً حمل فلسفة الإنسان بأكملها فأثر في ذاكرة الناس».
بحسب يمين، فإن الدراما عندما تتطرق إلى ما يوجعنا وما يقلقنا وما يجعلنا نصمت، تكون ناقلة للواقع ولو صورت في سوق للخضراوات أو في حي فقير. «لأن إقناع الناس يولد من الواقعية، وإلا فإن الدراما لن تلامسهم».
لا يزال يمين كما يقول في سياق حديثه يمسك بقلمه ويكتب. فهو إضافة إلى عمله أستاذاً جامعياً وممثلاً ومخرجاً يجيد التأليف الدرامي والمسرحي. ولكنه حالياً لا يكتب ما يقنعه، بل المطلوب منه. «هناك صناعة يجب أن تستمر ونحن مضطرون إلى مجاراتها. فالمنتجون مشكورون؛ لأنهم ورغم كل شيء لا يريدون الاستسلام أو التوقف عن العمل». وعن ورشات الكتابة في الدراما العربية، يقول «إنها أسلوب جيد ومعروف في العالم أجمع، ولكنها في الخارج تعتمد على اختصاصيين. هنا لا أعرف المقاييس المتبعة فيها».
ينتقد يمين بعض ما يدور في كواليس الإنتاج الدرامي «أحياناً يلجأون إلى وجه جميل ويضعونه وسط العمل للفت النظر ليس أكثر. قد لا يكون الأمر سيئاً إلى حد كبير، ولكن يجب من وقت لآخر أن يأخذوا بعين الاعتبار حاجات الناس النفسية ويخاطبوهم من خلالها».
يؤكد غابريال يمين، أن هناك عشرات القصص التي تصادفنا كل يوم، ويمكننا أن نحولها إلى دراما. «هذا الولد الذي كتب رسالة إلى (بابا نويل)، يطالبه بأن يحفظ والده ويهتم به كي يلاقي عملاً، يمكننا أن نستخلص من قصته روايات إنسانية. هذا هو الوجع الذي أتحدث عنه وأريد أن ينقل إلى الشاشة. كبار الأدباء تحدثوا عن الوجع كجبران خليل جبران وتشايكوفسكي وأنسي الحاج ومايكل انجلو؛ ولذلك برعوا. فمهما نجح عمل درامي معين، فإن الناس تنساه بسرعة إذا لم يخاطب ألمهم».
يغبّ غبريال يمين، الأستاذ الجامعي، الكثير من التجارب بفضل طلابه الشباب. «كل الشهادات التي حصلت عليها في حياتي الدراسية لا توازي درساً من الدروس التي يعطيني إياها طلابي. دائماً أسأل نفسي، ماذا سيحمل لهم المستقبل؟ إلى أين هم ذاهبون وأين سيصلون مع هذه المهنة؟ فمهنتنا بأكملها هي مجرد وهم، وهو ما أحاول أن أعلمهم إياه، وبأنه يجب أن يبقوا بأقدامهم على الأرض. ولكن في الوقت نفسه يمكنهم استخدام هذا الوهم لترجمته في أعمال فنية».
ينشغل غبريال يمين في التحضير لأعمال كثيرة «بينها سينمائية واستعراضية ومسلسلات أنفذها تلبية للسوق». ولكن ماذا عن مشاريعك الخاصة؟ «كنت أحضّر لعمل مسرحي، ولكن الجائحة لم تتركنا بسلام. عادة لا أختار أعمالي، بل أختار الفريق الذي أريد التعاون معه». وهل لا تزال الأعمال تروي شغفك؟ يرد «في الماضي كنت أغذي هذا الشغف مع زملاء كريمون جبارة وناجي معلوف - رحمهما الله -وكذلك مع أنطوان ملتقى. حالياً لم تعد هذه النكهات موجودة. وهنا لا أعني أن هذا النوع من الناس انتهى؛ إذ لا بد أن يولد جيل جديد يشبهه».
في مسلسل «قبل نص ليل» الذي عُرض عبر شاشة «إم تي في» المحلية في أسبوع الميلاد الفائت، جسّد يمين دور الصديق القديم لرفيق درب (نقولا دانييل). فقدما معاً عملاً اتسم بالحرفية والإبداع، سيما وأنهما ينتسبان إلى نفس مدرسة المسرح وزمن الفن الجميل. هذه الفرصة التي قدمتها «إم تي في» لطلاب الجامعة اللبنانية كانت بمثابة جرعة أمل لهم كي يتنفسوا الصعداء ويترجموا طاقاتهم المكبوتة. «كنا إلى جانبهم وساندناهم، فهم مبدعون من بلادي وهذه فرصتهم الأولى. لا أعلم لماذا صناع الدراما يستثنون هؤلاء الطلاب من مشاريعهم، مع أنهم يتمتعون بالمستوى المطلوب كتابة وتمثيلاً وإخراجاً».
كتب مسلسل «قبل نص ليل» وأخرجه جان بيار عبدايم، وكان غالبية فريق العمل من طلاب الجامعة اللبنانية قسم التمثيل والإخراج. وتم تلوينه بحضور أساتذة جامعيين كغبريال يمين ونقولا دانييل ومنير معاصري. كما شارك فيه عدد من الممثلين كفؤاد يمين وسيرينا الشامي ورودريغ سليمان وجوزف ساسين. «هؤلاء الطلاب هم نجوم المستقبل» يقول يمين ويتابع «أتمنى أن يأخذوا الفرص المناسبة لإخراج طاقتهم الإبداعية».
وعن سبب غيابه عن الكوميديا، خصوصاً أن شخصية «صابر» في مسلسل «نيال البيت» لا تزال تحفر في ذاكرة اللبنانيين حتى اليوم يقول «نحن موجودون وحاضرون ومن سنين كثيرة نفكر بالموضوع كميل سلامة وأنا. ولكن لا طلب في السوق حالياً على هذا النوع من الأعمال. ولا أعرف إذا الفرصة ستسنح أم سنقوم بتوريث هذه النصوص. هناك متطلبات كثيرة أخرى تعيقنا وتقيدنا، ولا بد أن يأتي اليوم المناسب قريباً. كميل سلامة أخذ فترة استراحة من الكتابة وتفرغ للتمثيل، وأنا على وشك القيام بالمثل». وهل تعني أنك ستكمل المشوار مع التمثيل فقط؟ حالياً أكمل حياتي كما هي، وسأكمل مشواري الكتابي عندما أقوم بعمل يحاكي الإنسان. لا أمثل اليوم من باب إظهار قدراتي فهذه الفترة انتهت، ولكني أحب التمثيل، ومشواري الحقيقي سأكمله في التعليم الجامعي».



جان نخول: تعاوني مع إليسا هدية من السماء

يصف نخول تعاونه مع اليسا بهدية من السماء (جان نخول)
يصف نخول تعاونه مع اليسا بهدية من السماء (جان نخول)
TT

جان نخول: تعاوني مع إليسا هدية من السماء

يصف نخول تعاونه مع اليسا بهدية من السماء (جان نخول)
يصف نخول تعاونه مع اليسا بهدية من السماء (جان نخول)

يعرفه اللبنانيون إعلامياً، يبهرهم بين فينة وأخرى، بموهبة جديدة يتمتع بها. يعمل في الكواليس بعيداً عن الأضواء، يأخذ جان نخول وقته في إبراز مواهبه. وكما في إعداد البرامج المنوعة، يبرع أيضاً في تقديم فقرات سياسية. حالياً، يعدّ برنامج «كأنو مبارح» على شاشة «إم تي في»، ويطلّ في برنامج «صار الوقت» مع مارسيل غانم على الشاشة نفسها. أما آخر ما فاجأ به متابعيه، فهو تعاونه مع الفنانة إليسا. غنّت له «حبّك متل بيروت» التي كتبها بُعيد انفجار مرفأ بيروت، ولحّنها بمشاركة صديقه محمد بشّار.

يقول لـ«الشرق الأوسط» بأن إبراز مواهبه يقف وراءها أحاسيس تنتابه، فتحضّه على الكشف عنها بصورة تلقائية. كيف دخل مجال تأليف الأغاني؟ وما قصة تعاونه مع واحدة من أهم الفنانات في العالم العربي إليسا؟ يردّ نخول: «إذا ما نظرنا إلى المهمات الإعلامية التي أقوم بها، فنلاحظ بأنها تدور جميعها في الفلك نفسه. وكما في فقرات خاصة بالانتخابات النيابية وأخرى ترتكز على الأرقام والدراسات، أقدم محتوى يرتبط بالكتب والتاريخ. اليوم دخلت مجال الموسيقى التي أهواها منذ الصغر، لكن كل مواهبي تخرج من منبع واحد ألا وهو حبي للبنان. وطني يحثّني على الكتابة والتأليف وتقديم المحتوى، الذي من شأنه أن يسهم في تحسين صورة بلدي».

{حبك متل بيروت} أول تعاون فني بين نخول وإليسا (جان نخول)

تقول أغنية «حبّك متل بيروت»: «شمس وسما وشطوط مضوية، لحظة سعادة بتأثر فيي. حلم الطفولة اللي بعده عم يكبر، حبك متل بيروت. كل ما حنله عم حبه، وكل ما لقيته بلاقي السعادة، وكل ما بيعاني عم حبه أكتر».

ويروي نخول قصة ولادة الأغنية: «لقد كتبتها بُعيد انفجار مرفأ بيروت، عندما خفق قلبي حزناً وحباً ببلدي. فلو كان لبنان شخصاً لكان يمثل أسوأ علاقة عاطفية سامة يمكن أن تحصل معي».

يوم كتب هذا الكلام، كان يقوم بزيارة لبيت صديقه المنتج طارق كرم الواقع في منطقة المرفأ. وكان كرم يقوم بترميمه وقتها، وخالياً من أي أثاث أو روح حياة، راح جان يتنقل في أرجائه. ومن على شرفة المنزل شاهد المرفأ المهدّم. ويعلّق: «حضرت أمامي مشهدية كنت أحاول نكرانها في أعماقي. وأدركت حجم الخسارة التي تكبدتها العاصمة، وتحدثت مع نفسي بأنه وبالرغم من كل ما يحصل في بلدي لم تقنعني فكرة هجرته. ويا ليتني أستطيع أن أقع في قصة حبّ تشبه تلك التي أعيشها مع بيروت، فرحت أكتب الكلمات النابعة من مشاعري في تلك اللحظة».

يبدي نخول إعجابه بفنانين عدة وبمقدمهم ملحم زين (جان نخول)

وكي تكتمل قصة الحب هذه، فقد توّجها نخول بتعاون مع أحب الفنانات إلى قلبه إليسا. «عادة ما أعمل معها في خياراتها الغنائية، فأحمل لها مجموعة ألحان كي تستمع إليها. في ذلك اليوم زرتها في منزلها الذي يقع في محيط المرفأ. وكان عمر كلمات (حبك متل بيروت) قد بلغ العام الواحد، فبادرتني وهي تنظر إلى بيروت (شو حلوة بيروت وكم أحب هذه المدينة)، فشعرت وكأنها أعطتني إشارة لأحدثها عن الأغنية».

وبالفعل، أخبر جان إليسا عن الأغنية، وبأن أحد الأشخاص من ذوي المواهب الجديدة كتبها. وما أن سمعت كلماتها وهو يدندنها، حتى طالبته بالاتصال الفوري بالمؤلّف. «لم أكن قد اتخذت قراري بعد بالإعلان عن اسمي كاتباً لها. فجاوبتها (اعتبريها أصبحت لك)».

برأيه الفن كتلة أحاسيس (جان نخول)

أصرّت إليسا على التحدث مع مؤلف كلمات الأغنية. وطلبت من جان نخول أكثر من مرة الاتصال به كي تتحدث معه. عندها اضطر إلى أن يخبرها بأنه صاحب هذا الشعر، وكانت مفاجأتها كبيرة، وردّت تقول له: مواهبك كثيرة. لمن كنت تنوي إعطاء هذه الأغنية؟

يملك جان نخول موهبة الشعر متأثراً ببيته العابق بالأدب. «جدّي يكتب الشعر وله دواوين عدة. والدتي أستاذة تدرّس العربية. لا شعورياً كنت أمسك بقلمي وأكتب نصوصاً وخواطر وأشعاراً، لن أحوّلها مشروعاً تجارياً بالتأكيد، لكنها ستبقى موهبة أترجم فيها أفكاري».

لن تشكّل كتابة الأغاني هاجساً عندي... قد يمرّ العمر كله من دون أن أقوم بتجربة مشابهة

جان نخول

في رأي جان نخول، فإن الفن هو كتلة أحاسيس، ولا بد أن يطفو الجميل منها على السطح. «لن يشكّل كتابة الأغاني هاجساً عندي. قد يمرّ العمر كله من دون أن أقوم بتجربة مشابهة. فالزمن يحدد الوقت المناسب وأترك للصدف هذا الأمر».

فنانون كثر اتصلوا بجان إثر انتشار أغنية «حبك متل بيروت». ويعلّق: «حماسهم كان كبيراً مع أن التعاون معي كاسم جديد في عالم الأغنية أعتبره مخاطرة».

يبدي نخول إعجابه بأصوات عدد من الفنانين اللبنانيين: «أعشق صوت ملحم زين ووائل جسار وجميع أصحاب الأصوات الدافئة. أما إليسا، فأنا معجب بأدائها وصوتها وأغانيها بشكل كبير. وأعتبر تعاوني معها هدية من السماء».

أعشق صوت ملحم زين ووائل جسار وجميع أصحاب الأصوات الدافئة

جان نخول

يملك جان نبرة صوت لافتة، يمكن التعرف إليها بين مئات من الأصوات الأخرى. وقد لاقت شهرة واسعة من خلال إطلالاته الإعلامية، لكنه يرفض أن يطرح نفسه مغنياً. «لدي بعض التجارب، من خلال مشاركتي الغناء مع فريق كورال الكنيسة. لكنني بعيداً كل البعد عن موضوع ممارسة هذه المهنة».

لا تهمني فكرة الظهور تحت الأضواء... فأنا أحب الكواليس وأجدها ملعبي المفضّل

جان نخول

وعن سبب بقائه بعيداً عن الأضواء، يردّ: «لا تهمني فكرة الظهور تحت الأضواء، وإطلالاتي تنحصر بفقرات خاصة بالانتخابات النيابية الفائتة. فأنا أحب الكواليس وأجدها ملعبي المفضّل. كما أنه خيار اعتمدته منذ صغري. وأعتبر نجاحي في كتابة (حبك متل بيروت) يكمن في تتويجها بإحساس إليسا».

يستهوي جان نخول العمل في البرامج الوثائقية. «أعتبرها من أجمل وأهم التجارب. وتضعني على تماس مع نخبة المجتمع اللبناني. فعندما نتحدث عن التاريخ والوقائع نضطر إلى التعاون مع هذا النوع من الناس. وهم بالنسبة لي الهدف الأساسي الذي أطمح للتواصل معه». يحضّر جان نخول لبرنامج تلفزيوني جديد ينكبّ على تحضيره حالياً، لتنفيذه بعد موسم رمضان، ويتألف من محتوى رياضي وسياسي وتاريخي».