أكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أن «تحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم (فكر متشدد)»، فيما هنأ أمس بابا الفاتيكان فرنسيس، وبابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية بمصر تواضروس الثاني، ورئيس أساقفة كانتربري جاستن ويلبي، وبطريرك القسطنطينية برثلماوس الأول، وقادة الكنائس، والمسيحيين في الشرق والغرب بمناسبة أعياد الميلاد. ودعا خلال تدوينه له على «فيسبوك» و«تويتر» أمس، لأن «يشمل العالم السلام والمحبة والأخوة، وأن يجنبنا ويلات الحروب و(الكراهية)».
واعتاد تواضروس على زيارة شيخ الأزهر في مقر مشيخة الأزهر بالدراسة وسط العاصمة في عيدَي «الفطر والأضحى»، كما يزور الطيب مقر الكاتدرائية المرقسية في ضاحية العباسية شرق القاهرة... ويؤكد الطيب في جميع مقابلاته مع بابا الأقباط «العلاقة بين الإسلام والأديان الأخرى القائمة على الود والاحترام المتبادل». وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد افتتح مسجد «الفتاح العليم» وكنيسة «ميلاد المسيح»، في العاصمة الجديدة، عشية احتفال الأقباط الأرثوذكس بعيد الميلاد يناير (كانون ثاني) عام 2019، في رسالة رمزية للتسامح في البلد الذي يشكل المسلمون أغلبية سكانه، بنحو 90 في المائة... وتتسع كاتدرائية «ميلاد المسيح» لأكثر من ثمانية آلاف مصلٍّ، في حين يتسع مسجد «الفتاح العليم» لنحو ضعف هذا العدد.
من جهته، قال شيخ الأزهر إن «من يحرمون تهنئة المسيحيين بأعيادهم غير مطلعين على فلسفة الإسلام في التعامل مع الآخر بشكل عام، ومع المسيحيين بشكل خاص». وأضاف خلال تصريحات لصحيفة «صوت الأزهر» الصادرة عن مشيخة الأزهر، أن «تحريم تهنئة المسيحيين (فكر متشدد)، وهو فكر لم تعرفه مصر قبل سبعينات القرن الماضي؛ فمنذ السبعينات حدثت اختراقات للمجتمع المصري مست المسلمين والمسيحيين، وهيأت الأرض لأن تؤتى مصر من قبل الفتنة الطائفية، وتبع هذا أن أصبح المجتمع أسيرا لشكليات وتوجهات لأشخاص غير مؤهلين، فاقدين لثقافة الإسلام في هذا الجانب، وكانوا يسعون إلى نشر مذاهب يريدون من خلالها تحويل المسلمين إلى ما يمكن أن نسميه (شكليات فارغة) من جوهر الإسلام الحقيقي». وأكد شيخ الأزهر، أن «الإسلام لا ينظر لغير المسلمين من المسيحيين واليهود؛ إلا من منظور المودة والأخوة الإنسانية، وهناك آيات صريحة في القرآن تنص على أن علاقة المسلمين بغيرهم من المسالمين لهم - أياً كانت أديانهم أو مذاهبهم - هي علاقة البر والإنصاف»، مشدداً على أن «المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، ولا محل ولا مجال أن يطلق على المسيحيين أنهم أهل ذمة»، لافتاً إلى أن «مصطلح الأقليات لا يعبر عن روح الإسلام ولا عن فلسفته، وأن مصطلح المواطنة هو التعبير الأنسب، والعاصم الأكبر والوحيد لاستقرار المجتمعات».
في سياق مواز، يواصل شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان التأكيد على «مواصلة ما بدأوه معاً من حوار بناء وتعاون مشترك وتكاتف وتآخ أثمر وثيقة تاريخية هي وثيقة (الأخوة الإنسانية) التي تم إعلانها من أبوظبي عام 2019 لأهميتها وتأثيرها في تعزيز التآخي بين البشر جميعاً». ووقع شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان «وثيقة الأخوة الإنسانية والسلام العالمي والعيش المشترك» عام 2019، وهي الوثيقة التي «تحث الشعوب على نبذ التعصب». وفي ديسمبر (كانون أول) 2020، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك قراراً عربياً قدمته «المملكة العربية السعودية والإمارات ومصر والبحرين»، للاحتفال بـ«اليوم الدولي للأخوة الإنسانية» في الرابع من فبراير (شباط) كل عام. وتم اعتماد القرار من قبل الأمم المتحدة بتوافق الآراء، ليجسد ذلك اليوم «الجهود المشتركة في مكافحة خطابات الكراهية، ونشر ثقافة التسامح».
ووفق وزارة الخارجية المصرية حينها، فإن «القرار جاء تقديراً لذكرى يوم توقيع وثيقة (الأخوة الإنسانية والسلام العالمي والعيش المشترك) في أبوظبي، وهي الوثيقة التي تمثل حدثاً تاريخياً يحمل رسالة سلام ومحبة وإخاء إلى العالم، وتحثّ الشعوب على التسامي بالقيم البشرية ونبذ التعصب».
وتركز الوثيقة على عدد من النقاط المهمة، من أبرزها «التأكيد على أن الأديان لم تكن قط مثيرة للعنف وإراقة الدماء». يشار إلى أن الإمارات أعلنت، في وقت سابق، تشكيل «لجنة عليا» لتحقيق أهداف وثيقة «الأخوة الإنسانية». وقال الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، حينها، إن «تشكيل اللجنة يأتي تنفيذاً لرؤية مشتركة لبلورة المبادرات والأفكار، الداعية إلى التسامح والتعاون والعيش المشترك». فيما أشاد شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان في أكتوبر الماضي بجهود ومبادرات (اللجنة العليا للأخوة الإنسانية) في تفعيل وترسيخ قيم وثيقة (الأخوة الإنسانية) من أجل التعايش بين البشر. من جهته، ناقش الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية محمد عبد السلام قبل أيام مع سفير الولايات المتحدة الأميركية للحرية الدينية الدولية رشاد حسين «أهمية تفعيل مبادئ وثيقة (الأخوة الإنسانية)».
شيخ الأزهر: تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم «فكر متشدد»
شيخ الأزهر: تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم «فكر متشدد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة