«الوحدة» الليبية تشكل لجنة لمتابعة حبس وزيري الثقافة والتعليم

مبروكة عثمان وزيرة الثقافة والتنمية الليبية (المكتب الإعلامي للوزارة)
مبروكة عثمان وزيرة الثقافة والتنمية الليبية (المكتب الإعلامي للوزارة)
TT

«الوحدة» الليبية تشكل لجنة لمتابعة حبس وزيري الثقافة والتعليم

مبروكة عثمان وزيرة الثقافة والتنمية الليبية (المكتب الإعلامي للوزارة)
مبروكة عثمان وزيرة الثقافة والتنمية الليبية (المكتب الإعلامي للوزارة)

أمر رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية، عبد الحميد الدبيبة، بتشكيل لجنة متابعة مع النائب العام الصديق الصور، بهدف بحث ملف حبس وزير التربية والتعليم موسى المقريف، ووزيرة الثقافة والتنمية المعرفية، مبروكة توغي عثمان.
وناشد الدبيبة النائب العام، أمس، التعامل مع مبروكة «بحنكة كما حدث في كثير من الأحيان، وبخصوصية كاملة كونها امرأة»، وقال إنه «لا يمكن أن نتعاطف مع أي مسؤول متورط في عملية فساد، لكن يجب ألا ننسي أننا نتعامل مع امرأة ليبية لديها عائلة وأطفال».
وأبلغ الدبيبة مجلس وزرائه «أن ما حدث من إيقاف الوزيرة أمر يحتاج إلى التأني وعدم الاندفاع، لأننا أمام امرأة ليبية». مشيراً إلى أنها «قد تكون أخطأت أو اشتغلت مع أطراف أخرى في بعض الأعمال غير القانونية أو القانونية، لكننا ما زلنا في مرحلة تحقيق».
وكانت النيابة العامة قد أمرت بحسب الوزيرة احتياطياً، مساء أول من أمس، وذلك على خلفية فساد مالي وإداري. وأوضح مكتب النائب العام في ليبيا، عبر بيان صحافي، أن النيابة العامة أمرت بالحبس الاحتياطي للوزيرة على ذمة قضية ارتكاب «جرائم الحصول على المنافع» بالمخالفة للقوانين، التي تحيط المال العام بالحماية، و«صرف المال العام في غير الوجه المخصص له». كما نسب البيان للوزيرة «التورط في تزوير مستندات رسمية لغرض تعقيد إجراءات مراجعة، وتتبع أوجه صرف المال العام».
وسبق للنيابة الليبية حبس موسى المقريف، وزير التربية والتعليم بالحكومة، في العشرين من الشهر الجاري، على خلفية «شبهة فساد»، تتعلق بتأخر طبع الكتب المدرسية حتى الآن.
وفي مواجهة تغول الفساد في مفاصل الدولة الليبية، بحسب التقارير الدولية، كثفت النيابة العامة من تعقب «جرائم الرشى، والتعدي على المال العام»، وقال النائب العام الصديق الصور إن النيابة العامة باشرت التحقيق في واقعة اختلاس مليون و800 ألف دينار من الحساب المصرفي لأحد عملاء مصرف الجمهورية، مشيرة إلى أن التحقيقات أثبتت ضلوع إحدى موظفات المصرف في جريمة اختلاس المبلغ المالي وتمويه مصدره، بعدما حولت الأموال إلى أقاربها، وقيامها بعد ذلك بسحبها نقداً.
وقررت النيابة أمس حبس المتهمة احتياطياً على ذمة التحقيق، كما تولت إجراء استجواب عدد من الموظفين، الذين أهملوا في أداء واجبهم الوظيفي بتخليهم عن مفاتيح الدخول إلى المنظومة الإلكترونية للمصرف لصالح المتهمة، وإعراضهم عن تبليغ الجهات الضبطية بالواقعة المجرمة، كما أمرت أيضاً بحبسهم احتياطياً على ذمة القضية.
واستمرار لمواجهة انتشار الفساد الإداري في البلاد، وجه النائب العام بالتحقيق في واقعة امتناع عدد من العاملين في مصرف الجمهورية عن أداء واجبهم، وإغلاق أبواب الفروع، وامتناعهم عن إنجاز المعاملات المصرفية المطلوبة من العملاء لحمل إدارة المصرف على الاستجابة لمطالبهم، مشدداً على ضرورة ملاحقة مرتكبيها كافة، لما تحمله من آثار «تؤدي حتماً إلى تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد، وحرمان زبائن المصرف من الوصول إلى أقواتهم».
وعقب انتهاء التحقيقات في الواقعة باستجواب المتورطين فيها، أمرت النيابة المتورطين فيها احتياطياً على ذمة القضية.
ودائماً ما تكشف التقارير الدورية، التي يصدرها ديوان المحاسبة عن انتشار الفساد في جميع مؤسسات الدولة بشكل ملحوظ. وسبق لنجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة «الوحدة الوطنية»، أن اشتكت من «تفشي الفساد بالبلاد بشكل كبير»، وقالت إن «الفساد بات آفة فتاكة تنهش جسد دولتنا».
ومنذ عام 2012 تراجع ترتيب ليبيا إلى الأسوأ، وصولاً إلى تصنيفها من بين الدول العشر الأكثر فساداً، وفقاً لـ«مؤشر مدركات الفساد»، الصادر عن منظمة الشفافية الدولية هذا العام.
في سياق ذلك، أعلن النائب العام عن حبس ثلاث قيادات بالشركة الأهلية للأسمنت المساهمة، بتهمة الحصول على «رشوة مالية والإضرار بالمال العام»، وقال إن النيابة باشرت التحقيق في البلاغ المقدم ضد عضوي مجلس إدارة الشركة ومديرها التنفيذي، بتهمة طلبهم الحصول على مبلغ مالي، نظير قيامهم بفسخ عقد توريد مواد للشرطة، وأسفرت التحريات عن إثبات صحة ارتكاب «جرائم الرشوة»، فأصدر أمر بحبسهم على ذمة القضية.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.