إثيوبيا وهاجسا الاستقلال والحداثة

أحلام الخديوي اسماعيل وعناد الأباطرة

إثيوبيا وهاجسا الاستقلال والحداثة
TT

إثيوبيا وهاجسا الاستقلال والحداثة

إثيوبيا وهاجسا الاستقلال والحداثة

على الرغم من القرب الجغرافي واللغوي بين شبه الجزيرة العربية والحبشة، ظلت العلاقات السياسية ضعيفة والتبادل الاقتصادي والثقافي ضئيلا ًبين الجانبين بعد نشوء الدول العربية – الاسلامية في القرن السابع الميلادي. ولم تشهد إثيوبيا فتحاً عربياً بفضل شعور المسلمين بالامتنان لإيواء ملك أكسوم النجاشي أصمحة (أو أشاما بحسب المصادر الإثيوبية) للمسلمين الأوائل. وفي سياق ذلك، اعتُبر الحديث الشريف «اتركوا الحبشة ما تركوكم» من محددات العلاقة بين العرب والحبشة، على الرغم من الخلاف بين المفسرين والمحدين في شأن مضمون الحديث وصحته.
حجم اثيوبيا، والتعداد الكبير لسكانها وثرواتها، وتنوعها الإثني واللغوي والديني، يجعلها دائمة الحضور في الاهتمامات العربية والدولية، فيما تعيق العوامل ذاتها، إضافة إلى الفقر والصراعات الدموية المتكررة، تبوُّأ إثيوبيا المكانة التي تستحق بين الدول. ومنذ الخلاف العميق مع مصر والسودان في شأن سد النهضة، ثم اندلاع الحرب بين جبهة تحرير شعب تيغراي والحكومة الاتحادية، ظهر أن الأحلام التي رافقت وصول رئيس الوزراء الحالي آبيي أحمد الى الحكم في 2018، تبخرت لتحل مكانها الحقائق المريرة لواقع الانقسامات.
وتتناول السطور التالية جانبا من سعي اثيوبيا بشعوبها المختلفة الى الحفاظ على استقلالها، في وجه عالم عات وعوامل ذاتية تشمل الصراعات بين الاقوام والشعوب الاثيوبية. بيد ان تركيزنا سيكون على العناصر الخارجية وهو قد يُفسر باعتماد الرواية الاثيوبية للأحداث. وليس هذا هو القصد.

هاجس الاستقلال

على مدى قرون كان الحفاظ على الاستقلال هاجس الممالك التي توالت على حكم الهضبة الاثيوبية. في القرن السادس عشر، شكّل ظهور الأمير أحمد بن ابراهيم – أحمد غران (الأعسر) في المصادر الإثيوبية- مصدر قلق كبير لملوك السلالة السليمانية التي استولت على الحكم سنة 1270 بعد الاطاحة بالأسرة الزغوية. وزعم افراد السلالة السليمانية تحدرهم من النبي سليمان وملكة سبأ واقاموا شرعيتهم على نسبهم هذا، إضافة الى تعزيزهم دور الكنيسة الارثوذكسية التي لا تقل أهمية في التاريخ الإثيوبي عن الممالك المختلفة.
فقد وصلت المسيحية الى مملكة أكسوم، الواقعة على البحر الأحمر والتي كانت تحتل أجزاءً من أريتريا واقليم امهرى الحاليين، على يد القديس فرونتيوس الآتي الى الحبشة من مدينة صور سنة 316 والذي أقنع عدداً من النبلاء باعتناق المسيحية، قبل أن يقيم الصلة بين كنيسته الجديدة وبين بطريركية الاسكندرية، التي أرسلت مبشرين لنشر المسيحية وحافظت على العلاقة مع الكنيسة الحبشية. بذلك اصبحت الحبشة الدولة الثانية التي تتبنى المسيحية ديناً رسمياً بعد أرمينيا.
وأدت المسيحية دوراً حاسماً في الحفاظ على تميز هويات ابناء المرتفعات الاثيوبية، على الرغم من انحسار الأهمية الاستراتيجية التي اكتسبتها الممالك الاثيوبية أثناء الصراع الروماني ثم البيزنطي مع الفرس، وكان اليمن وجنوب الجزيرة العربية ساحة من ساحاته المهمة، بعدما ظهر الاسلام وانتشر في تلك النواحي، إلا أنّ الكنيسة الاثيوبية ثابرت على علاقات غير منتظمة مع نظيرتها في الاسكندرية، واتخذتا مواقف متطابقة اثناء السجالات اللاهوتية، التي شهدتها المجامع المقدسة المسيحية في الشؤون العقدية وفرقت بين المسيحيين ووزعتهم بين الكنائس المتنافسة المختلفة. وثمة وجود قديم للكنيسة الحبشية في القدس. ويقول المؤرخ كمال الصليبي في كتابه «منطلق تاريخ لبنان» أنّ ديراً للأحباش اقيم في منطقة بشري شمالي لبنان، ويرجح أن وجود الاحباش هناك جاء نتيجة التنافس بين الموارنة واليعاقبة الذين بسطوا نفوذهم في المناطق المارونية وجاءوا برهبان من الحبشة ووطنوهم هناك.

أحمد الأعسر

الخطر الأكبر الذي واجهه استقلال الممالك الاثيوبية، التي شهدت العلاقات بين بعضها البعض تبدلات حيث تمدد جديدها على حساب القديم وتغيرات في ولاءات الاقاليم المختلفة، كان الدولة التي اقامها الامام أحمد بن ابراهيم كما سلفت الاشارة. وكان أحمد من الأسرة الجبرتية في الصومال والتي يقال إنّ أصولها تعود الى الجزيرة العربية. وأصبح ملكاً على مملكة عَدَل التي توسعت لتشمل أكثرية أراضي الحبشة بين العامين 1529 و1549 وكادت تقضي على المملكة الحبشية بعدما اصيبت بهزيمة قاسية في 1527. حصل ذلك في ذروة النفوذ التركي العثماني، حيث قدم الأتراك بعض قطع المدفعية التي أدت دوراً مهماً في معارك الامام أحمد ودوّن تفاصيلها المؤرخ اليمني شهاب الدين أحمد بن عبد القادر في كتابه «تحفة الزمان- فتوح الحبشة».
ولم يتأخر الصراع الصومالي- الاثيوبي أن تحول الى جزء من المعركة بين السلطنة العثمانية والبرتغال، التي كانت تتوسع جنوباً وشرقاً بعد اصطدامها بالعقبة الاسبانية عندما حاولت التوسع نحو العالم الجديد في الغرب. أثيوبيا كانت واحدة من الساحات التي تواجه فيها الأتراك والبرتغاليون وسقط في معركة وفلة سنة 1542 كريستوفاو دي غاما، ابن المستشكف الشهير فاسكو دي غاما. وكان دي غاما الابن نظّم جيشا صغيرا للقتال الى جانب الاثيوبيين، إلا أنه وقع في أسر القوات الصومالية التي أعدمته. وبعد عام، قُتل الامام احمد برصاص قناص برتغالي، فطُوي مشروع فتح الحبشة وانهارت مملكة عَدَل المسلمة وعاد الكثير من الاثيوبيين الذين اعتنقوا الاسلام بعد مجيء القوات الصومالية الى المسيحية.
واستعادت قوات الامبراطور غيلاوديوس (أو أصناف سَغَد الأول، بحسب اسمه الرسمي) القسم الاكبر من الأراضي التي احتلتها مملكة عدل الى ان تمكن الامام نور بن المجاهد، وهو ابن شقيق الامام احمد، من وقف الهجوم الاثيوبي سنة 1549. وبذلك بقي وجود للمسلمين في اثيوبيا التاريخية، في منطقة أوغادين، اضافة الى تبنيه من قبائل الاورومو في المناطق الغربية.

أحلام إسماعيل

مبدئيا، دُفِع التهديد عن الاستقلال الاثيوبي بانحسار مملكة عَدَل، ولم يعد للظهور سوى في القرن التاسع عشر، مع محاولة الخديوي اسماعيل انشاء امبراطورية أفريقية تشمل منابع النيل الأزرق وتضمن تحول مصر الى قطب عالمي، من ضمن مشاريع اسماعيل الكبيرة. يرى عدد من المؤرخين في مشاريع اسماعيل استئنافا لأحلام جده محمد علي باشا في مجالي التوسع الاقليمي والتحديث الصناعي والتعليمي. وبالفعل، يجوز القول إن اندفاعة اسماعيل في سبعينات القرن التاسع عشر تتشارك في العديد من السمات مع حملة جده على السودان التي قادها ابنه طوسون باشا في 1820 وكان من قادتها عابدين بك الارناؤوطي (الألباني) الذي بنى جزءاً من القصر المعروف باسمه حتى اليوم.
ووصل الجيش المصري الى أعماق الاراضي السودانية والحدود الاثيوبية وكانت من العلامات التي أظهرت القدرات اللافتة لباشا مصر، العامل حتى تلك الفترة في ظل العلم العثماني، قبل ان تنشب الحرب بين الجانبين في العقد التالي ويشن محمد علي حملته الشامية ضمن محاولته اسقاط الدولة العثمانية برمتها. بعد فشل حلم محمد علي هذا، بفعل التدخل الدولي لمصلحة السلطان العثماني، توسع الوجود المصري في القرن الأفريقي ليضم محطات تجارية وقواعد عسكرية في مصوع وعصب في اريتريا وهرار في اثيوبيا، اضافة الى بربرة الواقعة في جمهورية ارض الصومال الحالية. الجدير بالذكر ان اسماعيل استعان ايضا لبناء جيشه بضباط سابقين من الكونفدرالية الاميركية (الولايات الجنوبية) الذين خسروا الحرب الأهلية الاميركية وراحوا يبحثون عمن يشتري خبراتهم وخدماتهم. وقد عيّن أحدهم، الجنرال وليام وينغ لورينغ الذي عرف باسم «لورينغ باشا» رئيسا لاركان قواته المتجهة الى اثيوبيا.
ملوك الداخل الاثيوبي، الذين لم تخلُ علاقاتهم من تنافس وصراع، كانوا شعروا بما حمله الاستعمار الغربي الى أفريقيا من خطر على استقلالهم. يضاف الى ذلك أن الخديوي اسماعيل جدد المخاوف من الاختراق المصري الواسع. وعلى جاري العادة في الدول التي تبحث في السبيل الكفيلة بمواجهة التحديات الجديدة، بدأت افكار التحديث كطريق للحفاظ على الاستقلال تجد طريقها الى القصور، خصوصا ان القواعد المصرية عزلت الداخل عن الخطوط البحرية التجارية.
وتقول المصادر المصرية أن السبب في حملة اسماعيل كان احتجاج الامبراطور يوحنس الرابع (يوهانس او يوحنا) الذي أدرك الخطر الذي يمثله القصور الحضاري الاثيوبي عن العصر، على استمرار استقلال بلاده. وأوفد يوحنس الى القاهرة بعثة نقلت المطالب الاثيوبية بإلغاء الرسوم الجمركية على السلع العابرة للمرافئ الارتيرية الواقعة في قبضة القوات المصرية، نظرا الى الأعباء الكبيرة المترتبة على الاقتصاد الاثيوبي. مهما يكن من أمر، لم تؤد المفاوضات الى نتيجة واستعان يوحنس بالمغامر البريطاني تشارلز كيركهام لبناء جيش حديث وقيادته ضد المصريين الذين بدأوا ما يعرف بـ»حملة الحبشة» من مرافئ اريتريا. وانتهت الحملة في 1874 بهزيمة الخديوي اسماعيل وتعزيز نفوذ الامبراطور الاثيوبي. ما سيكون له عواقب سيئة على مستقبل اسماعيل وحكمه واخفاق مشاريعه.

حملة نابيير

الحضور البريطاني الذي سعى ملوك اثيوبيا الى استخدامه في مواجهة التمدد المصري، كان سابقا على ظهور كيركهام. إذ ان حرباً نشبت بين سلف يوحانس، الامبراطور تواضروس الثاني، والبريطانيين. ويُعتبر تواضروس مؤسس مشروع تحديث اثيوبيا، من خلال محاولته الغاء النظام الاقطاعي، وتعيين اصحاب الكفاءة في المناصب العليا، وبناء جيش قادر على التصدي للقوى الاستعمارية التي راحت ترسل مبعوثيها الى أفريقيا تمهيدا لغزوها. سعيُ تواضروس الى تثبيت مكانة دولية له مقابل تجاهل الغرب لجهوده، دفعه الى اعتقال عدد من المرسلين والمغامرين البريطانيين، لترد لندن بتجريد حملة «تأديبية» كبيرة بقيادة الجنرال روبرت نابيير قوامها الأساس قوات هندية، تمكنت من إلحاق الهزيمة بتواضروس بعدما تخلى عنه امراء المناطق، واحتل البريطانيون حصنه في مغدلا في 1868 لتجده وقد انتحر مفضلا الموت على الاستسلام للبريطانيين، ما اتاح المجال لمنافسه يوحنس الرابع تولي الحكم كإمبراطور على اثيوبيا.
أدت الأسلحة التي خلفتها حملة نابيير وراءها، وخصوصا قطع المدفعية، دورا في تدمير جيش الخديوي اسماعيل. وبعد اخفاق الحملة المصرية التي قادها اراغيل بيه الارمني والعقيد ادولف اهرنهوب الدنماركي في معركة غونديت، باءت المحاولة المصرية الثانية لاجتياح الهضبة الاثيوبية بالفشل ايضا بهزيمة كاملة في معركة سهل غورا، التي قاد القوات المصرية فيها راتب باشا سنة 1875. فيما تولى راس علولا انغيدا، القائد التيغراني اللامع، قيادة الاثيوبيين. ولقب «راس» يُطلق في اثيوبيا على الزعماء الذين يثبتون جدارة في الميدان حتى لو لم يمتوا بصلة الى العائلة المالكة.
نهاية حلم الخديوي بإمبراطورية أفريقية كان بداية حلم آخر بزغ في روما هذه المرة. إيطاليا الساعية الى اللحاق بنظيراتها الاوروبيات، بعدما جاءت متأخرة الى حفل تقاسم المستعمرات في أفريقيا وآسيا، منّت النفس بالحصول على مدخل الى القارة من اريتريا. وتحولت المستوطنتان الايطاليتان في عصب ومصوع الى منطلق للتوسع في الداخل الاثيوبي بعد قيام «اريتريا الايطالية». علة التأخر الإيطالي عن ركب الاستعمار الاوروبي، غياب الدولة الوطنية فيها حتى منتصف القرن التاسع عشر وتوزعها على دويلات متناحرة، واستطرادا تخلف البنى الرأسمالية المشابهة لتلك التي باتت راسخة في بريطانيا وفرنسا على سبيل المثال.

ثم جاءت إيطاليا

الحرب الايطالية الاولى في 1894 -1896 انتهت بهزيمة مشينة للقوات الايطالية على يدي راس علولا الذي أشرف على جيش يوحنس الرابع. وقعت الحرب نتيجة تمرير الايطاليين فقرة في معاهدة ثنائية اعقبت صدامات وقعت بين سنتي 1887 و1889 مع الاثيوبيين تنص على وضع بلاد هؤلاء في حماية ايطاليا. لكن نتيجة الحرب ضمنت الاستقلال الاثيوبي كحقيقة. وجاء الامبراطور ميلينك الثاني، الذي اختار اسما يُذكّر بأحد ابناء الملك سليمان من ملكة سبأ، ليعلن عودة السلالة السليمانية من طريقه وهو الذي يتحدر من اسرة نبيلة ونجح في تثبيت نفسه كامبراطور خلفا ليوحنس الذي مات متأثرا بجرح اصيب به خلال معركة ضد الأنصار السودانيين. ومع انتصار القائد راس علولا في مقلي وعدوى سنة 1896، اختتمت الحرب الايطالية -الاثيوبية الاولى بدخول مينيليك، ملك شيوا السابق، كشخصية أفريقية الى الساحة الدولية بعدما استطاع الحفاظ على استقلال بلده - مع بعض المساعدة الفرنسية والروسية في سياق التنافس التقليدي الاوروبي- في وجه الاستعمار الايطالي.
وسيبدأ مينيليك مرحلة جديدة من تحديث البلاد وتغيير حدود المقاطعات وتعيين حكام جدد ووسع حدود اثيوبيا، لتصبح على الرقعة الموجودة عليها اليوم تقريبا. ويُنسب الفضل اليه في انشاء الوزارات المتخصصة وادخال التعليم الحديث وبناء العاصمة الجديدة أديس أبابا. بعد وفاته في 1913، تولى راس تفاري، ابن عم مينيليك، السلطة كولي للعهد ومساعدا لزوديتو ابنة الامبراطور الراحل. فتابع مشروع التحديث وترسيخ اجهزة الدولة التي انضمت في 1923 الى عصبة الامم.
وتحسن اقتصاد اثيوبيا بفضل الارباح التي كان يدرها تصدير البن الاثيوبي الممتاز. وما زال هذا المنتج الزراعي المصدر الاول للعملة الصعبة الى اليوم. وفي 1928 سمّت زوديتو تفاري ملكا باسم هيلا سيلاسي الأول. لتبدأ مرحلة من التاريخ الاثيوبي ستشهد حربا ثانية تشنها ايطاليا، واحتلالا جديدا ينتهي بدخول هيلاسيلاسي اديس أبابا ظافرا بعد طرد الايطاليين بمساعدة الحلفاء سنة 1941 وصعودا في مطالب اريتريا الاستقلالية، ثم فشلا لمشاريع الاصلاح وتفاقم الفساد والحركات الطلابية المطالبة وصولا الى الانقلاب العسكري وحكم مجلس «الدريغ» بزعامة العقيد منغستو هيلا ميريام و»رعبه الاحمر» واطروحات الاشتراكية العلمية...
ما تقدم جوانب من الخلفية التي تدور عليها صراعات اليوم بين إثيوبيين لم يبرأوا من أوزار الماضي وتبعاته، وحيث تتقرر من جديد السبل التي ستمضي عليها تلك البلاد الغنية الى حد البذخ بالتاريخ والتنوع، والفقيرة الى درجة الجوع في إدارة الموارد وشح الطبيعة.



تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».