الريال اليمني يستعيد 40 % من قيمته... والحكومة تعد بمزيد من الإصلاحات

ترقب لدعم سعودي ـ خليجي وتحذيرات من خسارة المكاسب المحرزة

TT

الريال اليمني يستعيد 40 % من قيمته... والحكومة تعد بمزيد من الإصلاحات

وسط ترقب لدعم سعودي - خليجي للبنك المركزي اليمني، أعلن رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك استعادة الريال اليمني نسبة 40 في المائة من قيمته بعد الانهيار غير المسبوق الذي وصل إليه خلال الشهر الماضي، وتعهد بمزيد من الإصلاحات الاقتصادية ومحاربة الفساد وضبط المتلاعبين بالأسعار ومكافحة التهرب الضريبي، في وقت يحذر فيه اقتصاديون من خسارة هذه المكاسب إذا لم تمضِ الحكومة في الإصلاحات التي بدأتها.
وخلال ترؤسه في عدن اجتماعاً لوزارة الصناعة وهيئة المواصفات والمقاييس وجمعية حماية المستهلك، تحدث معين عبد الملك عن «النقاشات القائمة مع الأشقاء في السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي حول الوديعة القادمة وآليات الحوكمة المعدة لإدارتها وضمان الاستفادة منها بشكل فاعل ومؤثر على الوضع الاقتصادي والمعيشي بشكل عام».
ونقلت وكالة «سبأ» عنه قوله: «استطعنا السيطرة على المضاربات في سوق العملة، التي تحسنت بنسبة أكثر من 40 في المائة، وستشهد مزيداً من التحسن مع الإصلاحات الكبيرة التي نعمل عليها. وهذا يتطلب انعكاساً مماثلاً في أسعار السلع والخدمات».
وأكد عبد الملك «أن المتلاعبين من التجار سيتم التعامل معهم بحزم»، وقال: «الحكومة لن تتهاون مع المتلاعبين بالأسعار ومكافحة ظاهرة التهريب والتحقق من جودة السلع وصلاحيتها، واتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المخالفين».
وتعهد رئيس الوزراء اليمني باستمرار الحملات الميدانية القائمة للرقابة على الأسواق وشموليتها بما يحافظ على حقوق المستهلك ويحمي حياة ومعيشة المواطنين. وكشف عن قرارات مقبلة في كل الهيئات والمؤسسات المالية، وشدد على عدم التهاون مع المقصرين في أداء واجباتهم، وتعزيز النزاهة والشفافية في جميع إدارات ومؤسسات الدولة، وتفعيل المحاسبة للفاسدين.
كما وجّه رئيس الحكومة اليمنية بعدم التهاون مع المتلاعبين بالأسعار ومكافحة ظاهرة التهريب والتحقق من جودة السلع وصلاحيتها، واتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المخالفين. وقال: «نحن في معركة اقتصادية صعبة وتحدٍ صعب، والنتائج بدأت تظهر الآن. هناك إصلاحات كثيرة من الممكن ألا يشعر بها الناس، لكن نتائجها خلال هذه الفترة». مؤكداً أن «المستهلك هو محور اهتمام الحكومة، وشريك أساسي لها في الوقت ذاته في المعركة ضد الفساد وضد من يلعبون بأقوات الناس».
رئيس الوزراء اليمني شدد على أن «الموضوع لا يقتصر فقط على تخفيض الأسعار، بل التحقق من جودة السلع وصلاحيتها ومدة التقيد بالمواصفات والمقاييس المعتمدة، مع التقليل من فاتورة الاستيراد ودعم الصناعات الوطنية».
وتطرق إلى خطط تعزيز مكافحة التهريب وتقليل فاتورة الاستيراد والتوجيهات الصادرة للوزارات والجهات المعنية بهذا الشأن. ووصف «الوضع المقبل بالأفضل» قائلاً: «إن التحسن الذي نمضي فيه سيلمسه المواطن شيئاً فشيئاً». مستدركاً: «صحيح ما زال دخل المواطن دون المستوى، فنحن في حالة حرب وعلينا ألا ننسى هذا. لدينا ميليشيات تمارس الإرهاب كل يوم، لدينا معركتان، الأولى مع هذه الميليشيات، والأخرى لتحسين دخل المواطن وهي المعركة الاقتصادية».
وكان الريال اليمني واصل تحسنه أمس (الثلاثاء) في عدن حيث وصل إلى 878 ريالاً لكل دولار أميركي، بعد أن كان 1700 مطلع الشهر الحالي، فيما ذكر البنك المركزي اليمني أن سعر الدولار الواحد وصل إلى 799 ريالاً يمنياً للشراء، و830 للبيع.
في غضون ذلك، نبّهت مصادر اقتصادية من إمكانية حدوث انتكاسة جديدة في سعر العملة المحلية إذا لم تسارع الحكومة في تنفيذ الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي والدول المانحة، وبالذات تقييم أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن، وضمان الاستفادة من الدعم السعودي المرتقب.
ويقول الخبير الاقتصادي اليمني عبد الحميد المساجدي لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا التحسن في قيمة العملة يؤكد أن التدهور الكارثي الذي شهدته خلال الفترة الماضية لم يكن حقيقياً، ولا يعبر عن السعر الفعلي لها، بقدر ما هو نتيجة للعبث الذي أحدثه المضاربون في ظل تقاعس البنك المركزي عن القيام بدوره في الرقابة».
ويضيف المساجدي: «بما أن التدهور لم يكن حقيقياً، فإن التحسن الحالي جاء مدفوعاً بالثقة بإمكانية إجراء إصلاحات مع مجيء الإدارة الجديدة للبنك، إضافة إلى التفاؤل بدعم السعودية للبنك المركزي اليمني بوديعة نقدية جديدة تخفف من الضغط الكبير على الريال اليمني».
ويؤكد المساجدي على «أهمية استغلال التحسن الحالي في قيمة العملة لإجراء إصلاحات تدفع لمزيد من التعافي، كتشديد الرقابة على محال الصرافة وشبكات تحويل الأموال، وربطها جميعها بشبكة موحدة تحت إشراف البنك المركزي، وتشكيل لجنة مدفوعات مشتركة مع القطاع الخاص، وتفعيل جميع أدوات البنك المركزي ومواءمة السياستين النقدية والمالية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.