القاهرة ترفض ربط مسار علاقاتها مع واشنطن بـ«أحكام قضائية»

وصفت الانتقادات الأميركية لسجن 3 نشطاء بـ«غير المناسبة»

TT

القاهرة ترفض ربط مسار علاقاتها مع واشنطن بـ«أحكام قضائية»

رفضت مصر انتقادات وجهتها إليها الولايات المتحدة، بسبب حكم قضائي بسجن 3 من النشطاء البارزين، وشدد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية على «عدم جواز تناول مثل تلك المسائل القضائية في أي أطر سياسية، أو ربطها بمسار العلاقات بين البلدين. وقضت محكمة مصرية، أول من أمس، بسجن المدون والناشط السياسي علاء عبد الفتاح 5 سنوات، بعد إدانته بـ«نشر أخبار كاذبة من شأنها تهديد الأمن القومي»، كما حكمت كذلك على المدون محمد إبراهيم (أكسجين) والمحامي محمد الباقر بالسجن 5 سنوات لنفس الاتهامات. وأثار الحكم انتقادات دولية، على رأسها الولايات المتحدة، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس، أمس، إن الحكومة الأميركية «أصيبت بخيبة أمل» من الأحكام الصادرة بحق ثلاثة من المدافعين عن الحقوق، مضيفاً أن «الصحافيين والمدافعين عن حقوق الإنسان يجب أن يكونوا قادرين على ممارسة حريتهم في التعبير من دون مواجهة عقوبات جنائية».
وقال برايس: «أكدنا للحكومة المصرية أن علاقتنا الثنائية تتعزز من خلال تحسين احترام حقوق الإنسان، وسنواصل الحديث مع الحكومة المصرية حول قضايا حرية التعبير وحقوق الإنسان العالمية الأخرى».
ورد السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، على التصريحات الأميركية، مؤكداً أنه «ليس من المناسب إطلاقاً التعليق بأي شكل على، أو التطرق إلى، أحكام تصدر من القضاء تنفيذاً لقوانين واستناداً لأدلة وأسانيد دامغة وقاطعة في إطار مسار قضائي عادل ونزيه ومستقل».
وأكد حافظ، في تصريحات لـ«وكالة أنباء الشرق الأوسط» (الرسمية)، أنه «لا يجوز تناول مثل تلك المسائل القضائية في أي أطر سياسية، أو ربطها بمسار العلاقات بين البلدين، لما ينطوي عليه ذلك من تعقيدات غير مبررة».
وبين القاهرة وواشنطن تباين مُعلن بشأن أوضاع حقوق الإنسان بمصر، قررت على أثره إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، تعليق مبلغ 130 مليون دولار من المعونة العسكرية الأميركية المقدَّمة إلى مصر، رهناً بتحقيق تقدم في ملف حقوق الإنسان. وتطالب واشنطن بإسقاط مصر للمحاكمات والتهم الموجهة ضد نشطاء ومنظمات حقوق الإنسان.
وسبق أن انتقدت وزارة الخارجية الألمانية، محاكمة عبد الفتاح ورفاقه، وقالت إن الحكم سيكون «بمثابة إشارة إلى الاتجاه الذي تتطور إليه حالة حقوق الإنسان في مصر». وأضافت في بيان لها عشية صدور الحكم أنه «لا يجوز معاقبة المحامين على ممارسة نشاطهم المهني». ومن وجهة نظر الحكومة الاتحادية، فإن حرية التعبير هي أساس السلام الاجتماعي.
وردّت وزارة الخارجية المصرية كذلك، برفض تلك الانتقادات، وقالت في بيان إنها «تَعدّ هذا الأسلوب الذي ينطوي على تجاوزات غير مقبولة تدخلاً سفراً وغير مبرر في الشأن الداخلي». وشددت مصر على أنها «تؤكد مجدداً رفضها الكامل للتدخل في الشأن الداخلي، ووجوب احترام سيادة القانون ودستور الدولة المصرية».
وتتهم جمعيات حقوقية دولية السلطات المصرية بتوقيف المعارضين السياسيين، لكنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يتولى رئاسة البلاد منذ 2014 عادةً ما ينفي وجود سجناء سياسيين في مصر.
ويُحتجز عبد الفتاح وكل من محاميه محمد الباقر ومحمد رضوان إبراهيم وشهرته (أكسجين)، منذ سبتمبر 2019 على ذمة القضية. وتعد الأحكام الصادرة بحق الثلاثة نهائية غير قابلة للطعن عليها بطريق الاستئناف.
وكان عبد الفتاح من النشطاء البارزين في أحداث «25 يناير (كانون الثاني)» عام 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك. وسبق أن قضى فترة عقوبة مماثلة (السجن 5 سنوات)، حين أُلقي القبض عليه عام 2013 للمشاركة في مظاهرة غير مرخصة. وأُفرج عنه عقب انقضاء فترة العقوبة في 2019 إلا أنه أُعيد توقيفه بعد بضعة أشهر ووُضع في الحبس الاحتياطي حتى الآن.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.