جلسة حوارية عاشرة بين حزب الله و«المستقبل» تبحث امتصاص التصعيد السياسي والإعلامي

نصر الله يطل الجمعة في مهرجان «وفاء للشعب اليمني».. والمشنوق: سيُمرّغ أنفه بالتراب من احترف العدوان والإلغاء

جلسة حوارية عاشرة بين حزب الله و«المستقبل» تبحث امتصاص التصعيد السياسي والإعلامي
TT

جلسة حوارية عاشرة بين حزب الله و«المستقبل» تبحث امتصاص التصعيد السياسي والإعلامي

جلسة حوارية عاشرة بين حزب الله و«المستقبل» تبحث امتصاص التصعيد السياسي والإعلامي

على وقع التصعيد السياسي والإعلامي بين حزب الله وتيار المستقبل على خلفية المستجدات اليمنية، انعقدت الجلسة الحوارية العاشرة بينهما والتي بحثت بشكل أساسي سبل تخفيف الاحتقان المستجد وكيفية احتواء المواقف النارية للطرفين، والمرجح أن تستمر مع تحديد حزب الله يوم الجمعة المقبل موعدا لمهرجان شعبي أطلق عليه تسمية «التضامن والوفاء وصرخة الحق في وجه السلطان الجائر»، يطل خلاله أمينه العام حسن نصر الله للحديث بالشأن اليمني.
وقالت مصادر في قوى «8 آذار» مقربة من حزب الله لـ«الشرق الأوسط»، إن «نصر الله سيؤكد خلال المهرجان على المواقف التي أطلقها سابقا لجهة دعم الشعب اليمني، إلا أن هذا الدعم لن يكون مقتصرا على الشق السياسي والحزبي بل سيظهر بوجهه الجماهيري يوم الجمعة».
ولا يبدو أن طرفي «المستقبل» وحزب الله بصدد اتخاذ قرار نهائي بوضع حد للحملات السياسية والإعلامية المحتدمة بينهما على خلفية الوضع اليمني، فبالتزامن مع المواقف السياسية الحادة التي تحولت إلى شبه يومية، تتراشق القنوات اللبنانية وبالتحديد تلفزيون «المنار» التابع لحزب الله وتلفزيون «المستقبل» التابع لتيار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، مقدمات النشرات النارية بتعبير واضح عن حجم الاحتقان الذي خلفته المستجدات على الساحة اليمنية.
ويتبادل الحزب والتيار الاتهامات بشأن الطرف الذي بادر إلى إطلاق «المواقف الاستفزازية»، إذ تشدد المصادر المقربة من حزب الله على أن المواقف التي أطلقها نصر الله وبعده قياديون في الحزب، تندرج بإطار «ردات الفعل والمواقف الفقهية أكثر منها سياسية»، وتضيف: «نحن ننطلق من مبدأ أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، ونتمسك به مع حرصنا الكبير على إغلاق أي باب قد يؤدي إلى مواجهة داخلية».
وتضع المصادر خطابات نصر الله المتتالية في إطار الرد على «موقف الحريري»، لافتة إلى أن المواقف التصعيدية انطلقت أولا من تيار المستقبل. وتقول المصادر: «حزب الله الذي رحّب بالحوار لن يكون مبادرا إلى قطعه لاقتناعه بأن البديل هو التأزيم الداخلي الذي ستكون أولى إشاراته الإطاحة بالحكومة، وهو ما يتفاداه طرفا الحوار حاليا، من هنا التصعيد بالإعلام سيبقى يطال الملفات التي هي أصلا خارج إطار البحث على الطاولة، أما الملفات الأخرى فسنستمر بالتداول فيها حتى ولو كان ذلك لمجرد استهلاك الوقت».
بالمقابل، وفي السياق التصعيدي نفسه، ردّ وزير الداخلية نهاد المشنوق على تصريح سابق للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي فقال: «سمعنا قبل أيام كلامًا يتوعد المملكة العربية السعودية بالهزيمة وبتمريغ أنفها بالتراب، وأنا أقول من بيروت، إن من سيُمرّغ أنفه بالتراب هو كل من احترف ثقافة العدوان والإلغاء وتزوير الإرادات والتطاول على الشرعيات، وكل من يعتقد أن زمن الاستضعاف سيدوم إلى الأبد».
وشدّد المشنوق في كلمة له في عشاء اتحاد الجمعيات البيروتية، على أنه «زمن عربي جديد لن نسمح فيه بتباكي قائد كل الحروب والاشتباكات المذهبية في المنطقة، على أطفال اليمن، فيما هو يرعى ويرشد ويبارك ذبح أطفال سوريا والعراق، وكأن هؤلاء لا يدخلون في حساباته إلى متى كان بالإمكان صرف موتهم في معادلات النفوذ والهيمنة وتزوير الواقع والوقائع». وأضاف: «أقول بكل ضمير مرتاح، إن عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية، هي لتحرير كل مستقبل العالم العربي، من براثن السطو الإيراني على كرامته ومقدراته وخيارات شعوبه، في الوقت نفسه الذي تدعو فيه إلى مناخات طبيعية للحوار والحلول السياسية».
بدوره، وبعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، اتهم عضو كتلة المستقبل النائب زياد القادري، حزب الله، بـ«توريط لبنان في حروب أهلية في سوريا والعراق واليمن خدمة لمصالح وأجندة إيرانية»، مؤكدا «رفض ومعارضة تيار المستقبل لهذه السياسات وزج لبنان في أتون الحروب في المنطقة وفي النيران المشتعلة في كل مكان»، مدينا «تطاول الحزب على العرب عموما، وعلى السعودية خصوصا، التي وقفت إلى جانب لبنان في زمن الحرب وفي زمن السلم، سياسيا ومعنويا وماديا».
أما عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل مصطفى علوش، فشدّد على أن استمرار الحوار مع حزب الله «كان محسوما منذ البداية، أما الآمال التي تعقد عليه بدأت تتقلص»، مؤكدا ألا اتفاق حول القضايا الكبرى الأساسية التي ترتبط بالاستقرار الأمني طويل الأمد.
واعتبر علوش في حديث إذاعي أننا في لجنة ارتباط ولسنا في هيئة حوار، مشددا على أن التراشق الكلامي والإعلامي يمكن أن يتوقف، إذا توقف عنه الحزب بداية لأنه هو من بدأ به من خلال حملته على السعودية، وأضاف: «لو كان تأمن السلاح للفريق الآخر كما هو حال حزب الله، كنا شهدنا تراشقا بالنار، ووقعنا في الحرب».



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.