«النواب» الليبي يلقي كرة تأجيل الانتخابات إلى المفوضية

المستشارة الأممية ويليامز تلتقي بعض المرشحين

ليبيون أمام لوحة تحث على التسجيل للتصويت في طرابلس خلال سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
ليبيون أمام لوحة تحث على التسجيل للتصويت في طرابلس خلال سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

«النواب» الليبي يلقي كرة تأجيل الانتخابات إلى المفوضية

ليبيون أمام لوحة تحث على التسجيل للتصويت في طرابلس خلال سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)
ليبيون أمام لوحة تحث على التسجيل للتصويت في طرابلس خلال سبتمبر الماضي (أ.ف.ب)

برز خلاف أمس بين مجلس النواب الليبي ومفوضية الانتخابات، حول الجهة المختصة بإعلان تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة، بينما وسَّعت ستيفاني ويليامز، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا، دائرة مشاوراتها لتشمل أبرز مرشحي هذه الانتخابات المثيرة للجدل.
وأعلن مجلس النواب أن لجنته المكلفة بمتابعة العملية الانتخابية والتواصل مع المفوضية العليا للانتخابات والمجلس الأعلى للقضاء، أنهت أعمالها ولم يعد لها أي مهام بموجب إنجاز تقريرها النهائي.
وأكد عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم المجلس، أن أمر النظر في التقرير يعود للمجلس مجتمعاً، في أول جلسة رسمية ستُحدد لاحقاً من قبل رئاسته؛ لكن عماد السايح، رئيس مفوضية الانتخابات، أبلغ أمس وكالة أنباء «الأناضول» التركية، أن المفوضية ليست لديها أي مشكلة فنية في إجراء الانتخابات في موعدها؛ مشيراً إلى أنه في حال تأجيل الانتخابات فإن مجلس النواب هو من يعلن وليس المفوضية.
وأضاف بليحق: «ليس من اختصاصنا الإعلان عن التأجيل، ومن أصدر أمر التنفيذ هو من يصدر أمر الإيقاف، وهو من يقرر يوم الاقتراع، فما بالك بقرار التأجيل».
من جانبه، دعا فوزي النويري، الرئيس المكلف لمجلس النواب، محمد الحافي، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، إلى عدم تنفيذ القانون المتضمن تعديل بعض أحكام قانون القضاء؛ لأنه دون مرجعية أو سند قانوني، ويخالف ما خلص إليه أعضاء مجلس النواب وتم التصويت عليه.
وطالب النويري، الحافي، باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والاحترازية والبلاغات المتبعة في مثل هذه الحالات، وبشكل عاجل.
ونفى ناطق باسم عقيلة صالح الذي تخلى عن رئاسة مجلس النواب وترشح للانتخابات الرئاسية، وجود لقاءات رسمية مع خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، لافتاً إلى أنه سيتم الإعلان قريباً عن الموعد الجديد للانتخابات. وبينما قال إن الاتصالات لم تنقطع بين مختلف الأطراف الليبية، نفى تواصل المستشارة الأممية ويليامز مع مجلس النواب خلال زيارتها الأخيرة إلى مدينة بنغازي.
بدورها، قالت ويليامز إنها التقت بعدد من المرشحين الرئاسيين والبرلمانيين المسجلين في طرابلس ومصراتة وبنغازي، بمن فيهم عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة، وفتحي باشاغا وزير الداخلية السابق، والمشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، كلاً على حدة، مشيرة إلى أنها تنوي مقابلة مزيد من المرشحين في الفترة القادمة للاستماع إلى آرائهم حول العملية الانتخابية، وسبل المُضي قدماً.
وتعهدت المستشارة الأممية بأنها لن تدخر جهداً من خلال العمل مع كل الليبيين لمساندتهم في إيصال ليبيا إلى بر الأمان، معربة عن سعادتها بزيارة مدينة بنغازي مجدداً؛ حيث ناقشت مع حسين القطراني نائب رئيس الوزراء، العملية الانتخابية، والحاجة المستمرة للمصالحة، وأطلعته على طبيعة مهامها فيما يتعلق بقيادة جهود الوساطة لتعزيز تنفيذ مسارات الحوار الثلاثة، المنبثقة عن عملية برلين.
وأوضحت أنها أجرت ما وصفته بنقاش صريح مع رئيس بلدية بنغازي المهندس صقر بوجوارو، وأعضاء المجلس البلدي حول القضايا التي تهم المدينة، وخصوصاً إعادة الإعمار، والهجرة غير الشرعية، والحاجة إلى اللامركزية؛ حيث شددوا على الحاجة الملحة للدفع بعملية المصالحة الوطنية قدماً.
لكن ممثلي منظمات المجتمع المدني وبعض المرشحين للانتخابات البرلمانية، عن مدينة بنغازي، أعلنوا رفضهم تأجيل الانتخابات، وطالبوا في بيان لهم بمعاقبة معرقليها، وهددوا بتصعيد الموقف، بما في ذلك التلويح بإعلان العصيان المدني حتى إسقاط كافة الأجسام القائمة حالياً.
من جهة أخرى، أعادت وسائل إعلام محلية موالية لحكومة الوحدة نشر صور وزعتها وزارة الدفاع التركية، لتدريبات التخلص من الذخائر المتفجرة والدفاع تحت الماء، قدمتها القوات الجوية التركية لقوات البحرية بالجيش الليبي، في قاعدة الخمس البحرية، ضمن اتفاقيات التعاون المشترك بين الطرفين، ونقلت عن مسؤولين عسكريين أن 900 فرد تدربوا في 75 دورة مختلفة في القاعدة حتى الآن.
في المقابل، أعلن وفد مجلس النواب الذي زار تركيا الأسبوع الماضي، تشكيل لجنة صداقة برلمانية بين ليبيا وتركيا. وأوضح في بيان وزعه المجلس، أنه تم الاتفاق على فتح مجال الطيران وخطوط النقل والشحن بين بنغازي وتركيا، وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرة.
بدوره، دعا اللواء فوزي المنصوري سكان مدينة سبها إلى تسليم أسلحتهم، وحذر من أن قوات الجيش ستستخدم القوة في وجه أي جهة عسكرية لا تتبعهم، كما طالب بنزع الغطاء الاجتماعي عن المجرمين والخارجين على القانون.
إلى ذلك، انضمت بلديات طرابلس إلى الجهات المحلية التي تطالب المجلس الرئاسي بسحب قراره بإقالة عبد الباسط مروان، قائد منطقة طرابلس العسكرية، واعتبرته قراراً عبثياً وفاقم الوضع، وقالت في بيان لها مساء أول من أمس، إن الغرض منه تأجيج الفوضى والفتن، وإنه دون معايير تبني الدولة المدنية.
في سياق آخر، أعلنت حكومة الوحدة أن وفداً من مكتب استرداد أموال الدولة الليبية وإدارة الأصول المستردة، أنهى زيارته للولايات المتحدة التي أكدت دعمها لعمل المكتب واستراتيجياته؛ مشيرة إلى أن الوفد الذي ناقش في واشنطن مع مسؤولين في وزارات الخارجية والخزانة والعدل الأميركية، قيام بعض المؤسسات القانونية بالتدخل في الملف بشكل غير قانوني، تواصل مع مكاتب المحاماة غير المخولة قانوناً لأخذ خطوات قضائية، وتقديم كل المعلومات بحوزتهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».