غضب شعبي يستبق قرار تأجيل الانتخابات الليبية

سياسيون يحمّلون المسؤولية للمفوضية ومجلسي النواب والأعلى للدولة

TT

غضب شعبي يستبق قرار تأجيل الانتخابات الليبية

استبق سياسيون ليبيون القرار الرسمي المرتقب بخصوص تأجيل الانتخابات الرئاسية في البلاد، بحالة من الغضب، وسط إحباط شعبي من الغموض الذي يكتنف مصير الاستحقاق.
ولم يصدر قرار رسمي حتى الآن بالتأجيل، بينما قال عضو مجلس النواب الليبي محمد عامر العباني، كان يفترض على المفوضية، طبقاً لقانون الانتخابات الرئاسية أن تقترح يوماً محدداً لإجراء العملية الانتخابية، ويوافق عليه مجلس النواب ويقره، وليس الاعتراض على التاريخ الذي حددته خريطة الطريق التي نتجت عن مفاوضات أعضاء «ملتقى الحوار السياسي» في تونس وجنيف.
ويرى العباني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «خطأ المفوضية يتركز  في عدم التزامها ببنود قانون الانتخابات الرئاسية، حيث كان يستوجب عليها رفض أوراق المرشحين التي لم تتوافق مع القانون، وتعلن ذلك على الملأ»، لكنها «لم تفعل ما اضطر المرشحين الـ25 الذين رفضتهم للطعن أمام المحاكم، ومن ثم العودة مرة ثانية للسباق الانتخابي، إلى أن وصلنا للمرحلة الراهنة بالتعثر في إعلان القائمة النهائية للمرشحين». ولفت العباني إلى أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية دخلت نفقاً مظلماً، لكون إجراء الأخيرة يتطلب 30 يوماً من إجراء الأولى.
أما عضو مجلس النواب صالح أفحيمة، فحمل بالمثل جانباً كبيراً من المسؤولية للمفوضية أيضاً، وذلك «لعدم إعلانها مبكراً عن تأجيل الانتخابات رغم تسلمها تقارير عديدة من جهات أمنية وسياسية حول حقيقة الواقع على الأرض»، منوهاً إلى أنها (المفوضية) استمرت في تبني موعد الـ24 من ديسمبر (كانون الأول) «والذي لم يتم تحديده بطريقة عملية والتقليل من أي تخوفات حوله». وقال أفحيمة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن هذه السياسة التي اتبعتها المفوضية «أسهمت في تسويق الموعد وتشويق الليبيين إليه، دون أن تكون لديها القدرة على إنجاز المراحل الأهم بالعملية الانتخابية وهي إعلان القائمة النهائية للمرشحين، للبدء في مرحلة الدعاية ومن ثم التوجه لعملية التصويت».   
 وعبر أفحيمة عن عدم تفهمه لـ«تلكؤ المفوضية» في نشر القائمة النهائية للمرشحين لأن أسماءهم أصبحت معروفة في ضوء قرارات المحاكم الليبية التي قبلت طعونهم، وبالتالي «كان يتوجب عليها إعلانها وترك الخيار للشعب في التصويت لمن يريد»، متابعاً: «الشعب ليس قاصراً، ويدرك جيداً أن هناك تجاذبات واستقطابات، في ظل وجود مرشحين يتمتعون بشعبية واضحة، وآخرين يزعجهم ذلك ويسعون لإقصاء منافسيهم».
وذهب أفحيمة إلى أن «التأجيل قد يكون هدفه الرئيسي إتاحة الوقت لإقصاء من يحظون بقدر واضح من الشعبية، وليس عبر طرق قانونية، وهو الأمر الذي سيضاعف الشكوك بمصداقية المفوضية أي كان موعد الانتخابات مستقبلاً». 
وأشار أفحيمة إلى أن الارتباط القانوني والسياسي ما بين الانتخابات التشريعية والرئاسية سيزيد من حالة الاحتقان الشعبي جراء تأجيل الأخيرة، موضحاً «الجميع يعرف أن هناك أطرافاً سياسية لن تسمح بتمرير أو تقديم الانتخابات البرلمانية، ما يصعب الأمر على المواطن الذي يريد أن يستشعر بالأمل في حلحلة الوضع السياسي». 
في المقابل، يرى الناشط السياسي حسام القماطي، أن «تحميل المفوضية  بمفردها كامل المسؤولية يعد تبرئة لساحات أطراف ومؤسسات أخرى أسهمت في إرباك المشهد».   وقال القماطي لـ«الشرق الأوسط»: «المسؤولية مشتركة ويتحملها الجميع بدءاً من مجلس النواب الليبي الذي أصدر قانون انتخابات لم يكن بالمستوى المطلوب، ثم دخول بعض الشخصيات للسباق الرئاسي وفي مقدمهم رئيس حكومة عبد الحميد الدبيبة»، متابعاً: «الدبيبة تراجع عن تعهداته التي قطعها أمام (ملتقى الحوار السياسي) بجنيف، بعدم الترشح ما أشعل حدة المنافسة كونه يهيمن من خلال موقعه الحكومي على كافة مؤسسات الدولة ومواردها المالية». ونوه القماطي بأن ترشح سيف الإسلام القذافي أسهم أيضاً في ارتفاع مستويات التحشيد والاستقطاب في الداخل، وقلب الطاولة  فيما يتعلق بالمشهد الدولي، حيث باتت دول عديدة كانت من قبل تدفع نحو إجراء الانتخابات تراجع حساباتها».  وأكمل قائلاً: «هناك بالطبع دور للمفوضية في إزاحة جزء كبير من مهمتها للقضاء الذي تعتمد أحكامه إلى المستندات القانونية فقط، ولا يتوفر له ذات التواصل مع الواقع السياسي بكل تفاصيله». 
وطبقاً للقماطي وهو عضو مؤسس حراك (من نحن)، «فإن تسلم ما يقرب من مليوني ونصف من الليبيين لبطاقاتهم الانتخابية يعكس اشتياق الليبيين للتغيير وتمللهم من عدم وجود رئيس، أو سلطة موحدة للبلاد، ويعكس أيضاً رغبتهم في الذهاب لانتخابات تشريعية لإزاحة الوجوه والأجسام السياسية الراهنة وخصوصاً مجلسي النواب والأعلى للدولة».  
من جانبه، توقع  عضو «ملتقى الحوار السياسي» أحمد الشركسي، أن يتم التأجيل لمدى زمني قصير يسمح للمفوضية بإجراء تعديلات طفيفة لمعالجة الانسداد الراهن بالعملية الانتخابية واستكمال باقي مراحلها الأخيرة، وتحديداً عبر تشكيل لجنة عليا للنظر في الطعون بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء.
ودافع الشركسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن المفوضية وقيامها بكل الإجراءات المنوطة بها، وقال إنها «لم تتوقع الكثير من المشاكل التي ظهرت خلال مرحلة الطعون القضائية، ووصل الأمر لمنع ممثليها القانونيين من الذهاب للمحاكم لاستئناف قرارات القضاء بعودة بعض ممن استبعدتهم».
ويرى عضو الملتقى أن  غضب الليبيين منصب على كل من مجلسي النواب الليبي والأعلى للدولة، «اللذين سعيا لإفشال الانتخابات وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه عبر تأجيل الانتخابات لمدة ستة أشهر أولاً ثم تكرار السيناريو ذاته» وفق قوله.



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.