محافظ الأنبار لـ«الشرق الأوسط»: ضعف التجهيزات العسكرية لا يساعد المقاتلين على الهجوم

الحشد الشعبي دخل الرمادي وخرج منها تنفيذًا لطلبات شيوخ عشائرها

محافظ الأنبار صهيب الراوي
محافظ الأنبار صهيب الراوي
TT

محافظ الأنبار لـ«الشرق الأوسط»: ضعف التجهيزات العسكرية لا يساعد المقاتلين على الهجوم

محافظ الأنبار صهيب الراوي
محافظ الأنبار صهيب الراوي

أفادت مصادر مطلعة في هيئة الحشد الشعبي بأن بعض فصائله دخلت مدينة الرمادي لساعات معدودة في محاولة منفردة للاشتراك في المعارك الجارية ضد تنظيم داعش، لتعاود بعد ذلك انسحابها مجددًا، نزلا عند طلبات شيوخ العشائر في محافظة الأنبار. للحيلولة دون أي تماس قد يفضي إلى توتر طائفي.
وأضافت المصادر أن فصائل تابعة لقوات الحشد الشعبي انسحبت وأعادت انتشارها عند أطراف محافظة الأنبار، وتحديدًا عند المسافة الفاصلة ما بين محافظتي بغداد والأنبار.
وقال كريم النوري، المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك وجودا دائما لفصائل تابعة للحشد الشعبي في محافظة الأنبار وتحديدًا في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار حتى قبل بدء العمليات العسكرية في محافظة صلاح الدين». مشيرًا إلى أن «هذه الفصائل اشتركت في معارك كثيرة ضد عصابات تنظيم داعش الإرهابي في الكرمة وأطراف الرمادي وأماكن متعددة من مدن الأنبار».
وبحسب المصادر، فإن فصائل تابعة لقوات الحشد الشعبي، قد أعادت تموضعها قرب محافظة الأنبار، بانتظار تعليمات واضحة من قيادات الجيش والحكومة العراقية والحكومة المحلية في الأنبار من أجل اشتراكها في القتال ضد تنظيم داعش أو بعدم المشاركة.
وقال محافظ الأنبار صهيب الراوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الساعات الماضية شهدت معارك عنيفة لم تتوقف لحد اللحظة (أمس) بعد سلسلة الهجمات التي شنتها القوات الأمنية العراقية على وجود مسلحي تنظيم داعش في أحياء التأميم والملعب وشارع عشرين داخل مدينة الرمادي». وأضاف قائلا إن «المعارك شهدت أيضا سلسلة من الطلعات الجوية لطيران التحالف الدولي والطيران الحربي العراقي وتم توجيه ضربات مكثفة على مواقع (داعش) في مناطق البوفراج والبوسودة والبوغانم شمال المدينة».
وأشار الراوي إلى «ضعف التجهيزات العسكرية والإمدادات القادمة من بغداد من أجل دعم المقاتلين المدافعين عن مدن الأنبار من أبناء العشائر والمقاتلين من أبناء الجيش العراقي والشرطة، الأمر الذي قلل من أداء المقاتلين ومعنوياتهم وعدم انتقالهم من موضع الدفاع إلى حالة الهجوم».
من جانبه اعتبر مجلس محافظة الأنبار السلاح المرسل من الحكومة المركزية إلى الأنبار «لا يفي بالغرض ولا يوازي المعركة ضد تنظيم داعش»، واصفا إياه بـ«السلاح الخفيف ويصلح للاستخدام من قبل النساء».
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار فرحان محمد الدليمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يتناقله البعض عن إرسال كميات كبيرة من السلاح والأعتدة إلى المقاتلين من أبناء الأنبار هو كلام إعلامي فقط». وأضاف أن «السلاح الذي وصل إلى المحافظة لا يوازي المعركة، ورغم قلته فإنه عبارة عن كلاشنيكوف ذي القبضتين، كانت تستخدمه النساء بالجيش الشعبي العراقي بزمن النظام السابق».
وأشار الدليمي إلى أن «المحافظة بحاجة إلى سلاح يوازي المعركة، لأن تحريرها سيكون أصعب من تحرير صلاح الدين، لأسباب كثيرة ومنها كبر المساحة وارتباطها بمحافظة نينوى من الشمال وسوريا من الغرب، والمنطقتان تعتبران من أهم معاقل مسلحي تنظيم داعش ومصدرا مهما من مصادر تمويله وتعزيز قوات مسلحيه». وتابع أن «محافظة الأنبار تحتاج إلى أسلحة فعالة في المعركة توازي الأسلحة التي يمتلكها المسلحون أو أكثر قدرة وفعالية خصوصًا والأنبار لديها الآن آلاف المتطوعين من أبنائها الذين ينتظرون من الحكومة تجهيزهم بالسلاح والعتاد بعد تلقيهم تدريبات مكثفة في قاعدتي الحبانية وعين الأسد. «تم فتح مراكز للتطوع والتدريب في قاعدة الحبانية لمشاركة الأهالي الموجودين بالمحافظة أو النازحين منها، لتحرير مناطقهم».
يذكر أن مجلس محافظ الأنبار أعلن، في الثامن من الشهر الحالي عن الانتهاء من تدريب أكثر من 10 آلاف متطوع من أبناء العشائر، للمشاركة مع القوات الأمنية في تحرير المحافظة من تنظيم داعش.
وفي مدينة الكرمة (70 كلم شرق مدينة الرمادي)، صرح مصدر أمني مسؤول عن قيام القوات الأمنية وبمساندة قوات من الحشد الشعبي ومقاتلي العشائر بتحرير ثلاث مناطق في قضاء الكرمة 45 كلم غرب العاصمة بغداد.
وقال العقيد جمعة فزع الجميلي آمر الفوج الأول اللواء 30 للجيش العراقي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «القوات الأمنية وبمساندة الحشد الشعبي تمكنت من تحرير ثلاث مناطق في قضاء الكرمة وهي منطقتي البوسودة والبوخليفة شمال الكرمة ومنطقة البوخنفر شمال غرب الكرمة».
وأضاف الجميلي أن «القوات الأمنية تمكنت من قتل أكثر من 70 مسلحًا من عناصر تنظيم داعش وتفجير 80 عبوة ناسفة زرعها مسلحو التنظيم في أماكن متفرقة أغلبها ذات النوع المضغوط وتم حرق ثلاث آليات تابعة لتنظيم داعش». وأشار إلى أن «الأيام القادمة ستشهد انطلاق عملية واسعة النطاق لتحرير مدينة الكرمة بالكامل بعد وصول تعزيزات عسكرية تابعة لقيادة عمليات بغداد».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.