تقرير حقوقي يحث على توفير «ضمانات دولية» لعودة النازحين السوريين

بعد محادثات المبعوث الأممي في لبنان

نازحون سوريون في ريف حلب في 5 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
نازحون سوريون في ريف حلب في 5 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

تقرير حقوقي يحث على توفير «ضمانات دولية» لعودة النازحين السوريين

نازحون سوريون في ريف حلب في 5 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)
نازحون سوريون في ريف حلب في 5 من الشهر الحالي (أ.ف.ب)

حثت جمعية حقوقية، المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن والدول الفاعلة، على «توفير بيئة آمنة وضمانات دولية» لعودة 13 مليون نازح سوري.
وقالت «الرابطة السورية لكرامة المواطن» في تقرير أمس، «من أجل تهيئة هذه البيئة الآمنة بطريقة تضمن حق السوريين العائدين في سلامتهم وكرامتهم، يجب أن يكون النازحون السوريون جزءاً من المداولات بشأن العودة، التي يبدو أنها تتكشف خلف الأبواب المغلقة».
ووفقاً لبيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، فقد صرح مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، في 13 من ديسمبر (كانون الأول)، بأن «الأمم المتحدة تعمل حالياً على إيجاد تدابير مقبولة لتمكين اللاجئين السوريين من العودة إلى وطنهم»، وأن «هذا يشكل أولوية بالنسبة للأمم المتحدة خلال المداولات الجارية في جنيف، التي دُعي لبنان للمشاركة فيها».
وتسعى «الرابطة السورية لكرامة المواطن» منذ تأسيسها، للدفاع عن حقوق النازحين السوريين في كل مكان و«تهيئة الظروف لعودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين، مع ضمانات دولية قوية، كشرط مسبق لأي حل سياسي، كما أنها تأمل في تحقيق سلام دائم في سوريا». وقالت أمس: «أي تفكير واقعي لصياغة وتنفيذ حل سياسي شامل ومستدام في سوريا يجب أن يستند إلى ضرورة توفير إطار عملي وفعال لإعادة النازحين السوريين إلى وطنهم وتمكينهم من المشاركة في صياغة الحل السياسي وتحقيقه».
وتضمن «بيان جنيف» وقرار مجلس الأمن الدولي اللاحق رقم 2254، أن البيئة الآمنة هي الشرط الضروري لتحقيق أي عنصر من عناصر الحل السياسي، إلا أنه لم يتم تحديد هذا البند حتى الآن، كما لم تتم صياغة خريطة طريق لتحقيقه، ولم تتم استشارة السوريين حول شروط تعريف البيئة الآمنة ومحدداتها.
وقالت «الرابطة السورية» إن «البيئة الآمنة والحيادية هي الخالية من أي تهديدات بدنية أو عاطفية/نفسية، سواء كانت من صنع الإنسان، أو لأسباب طبيعية، أو غير ذلك. وتعني البيئة المحايدة أن كافة الأطراف المعنية في سوريا تتعامل مع اللاجئين والنازحين داخلياً - من العائدين إلى الدولة السورية أو الباقين داخل حدودها - وفقاً للقانون ومبادئ العدالة، وعلى قدم المساواة مع الجميع، من دون محاباة أو تفضيل لطرف على آخر، سواء على أساس عرقي أو ديني أو طائفي أو مذهبي، أو بسبب لغتهم أو لونهم أو معتقداتهم أو انتمائهم السياسي».
كما أشارت إلى أن الصراع «لا يمكن أن ينتهي تماماً من دون ضمان حق اللاجئين السوريين والنازحين في العودة بأمان إلى المناطق والمساكن التي كانوا يعيشون فيها قبل الصراع. وتكون ممارسه هذا الحق بناء على إرادتهم الحرة، وهو أمر لا يمكن بلوغه حتى تصبح سوريا آمنة وحيادية بالنسبة لهم»، وأنه «ينبغي على جميع البلدان المضيفة للاجئين والمجتمع الدولي، ممثلاً في الأمم المتحدة ومنظماتها، اتخاذ كافة التدابير اللازمة لمنع أي أنشطة على أراضيها تعوق أو تعرقل عودة اللاجئين والنازحين داخلياً بصورة آمنة وطوعية بمجرد تحقق الظروف البيئية الآمنة، مع السعي إلى توفير الدعم المادي والمعنوي لعودتهم».
وتشير نتائج الدراسات والاستبيانات المؤيدة لهذا الموقف إلى أن «الفشل في تحقيق بيئة آمنة للسوريين وفقاً لتعريفهم وفهمهم لواقع بلادهم، سوف يؤدي حتماً إلى استمرار عدم الاستقرار، وحدوث موجات جديدة من النزوح من سوريا باتجاه أوروبا وتركيا، بصفة أساسية»، وهو ما أكده «المجلس النرويجي للاجئين»، الذي توقع أن تشهد سوريا نزوح 6 ملايين لاجئ إضافيين خلال السنوات العشر المقبلة إذا ما بقيت الأوضاع في سوريا على حالها.
وأشارت المنظمة إلى «أن 82 في المائة من السوريين النازحين الذين تم استطلاع آرائهم يرون أن تغيير النظام السوري هو شرط أساسي لعودتهم، مما يجعل التفكير في تحقيق بيئة آمنة مع استمرار سياسات النظام السوري الأمنية والعسكرية الراهنة والتدهور الاقتصادي في غياب نظام قضائي وقانوني حقيقي أمراً عسيراً».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».