كشفت «عاصفة الحزم» وعلى مدار الـ18 يوما الماضية، مزاعم ما يذهب إليه ما يعرف بمحور الممانعة «إيران، سوريا، حزب الله» حول قضايا المنطقة العربية والإسلامية، وسقوط الشعارات المعادية لإسرائيل وأميركا، وذلك بعد أن تغيرت المعادلة في المنطقة العربية، ووقوف العرب بقيادة السعودية بحزم في وجه فرض واقع على المجتمع الدولي وخطف اليمن من قبل ميليشيات مسلحة.
فالمتابع لقنوات إعلام الممانعة، خلال هذه الأيام الفائتة يلاحظ أن العبارات الرنانة التي كان يطلقها بعض قيادات عسكرية وسياسية في هذا المحور تلاشت، فمع انطلاق عاصفة الحزم صبّت قيادات في محور الممانعة جام غضبها على الولايات المتحدة الأميركية، وأنها المحرك لهذه العمليات، بحسب أجندتها في كسب عطف المتلقي، رغم تصريحات الساسة الأميركيين بعد علمهم بتحركات هذا التحالف، وأنهم فوجئوا كغيرهم من دول الاتحاد الأوروبي بانطلاق عاصفة الحزم، وخلال عدة أيام وتحديدا في الثاني من أبريل (نيسان)، وتوصلت حينه دول مجموعة «5+1» إلى اتفاق إطار مع إيران، الذي يتيح مراقبة برنامج إيران النووي وتقليص نشاطها النووي، لتكون منشأة نتانز الوحيدة التي تخصب اليورانيوم بنسبة 3.67 في المائة لمدة 15 عاما، وقبول إيران بخفض أجهزة الطرد المركزي المركبة بنحو الثلثين، تحول الشعار من أميركا إلى السعودية.
ويرى مراقبون أن ما ينتهجه قادة محور الممانعة، تخبط واضح في السياسة التي ينتجها هذا التيار، وبدأ التصريح في العلن بعيدا عن الشعارات المخادعة التي تستقطب البسطاء لما تحمله من صبغة دينية، التي انتشرت في مطلع الألفية الجديدة بين العامة، إلا أنها سرعان ما تبدلت مع تدهور الوضع في سوريا الحليف التقليدي لإيران، وما أفرزته الطلعات الجوية لقوات التحالف، على الميليشيات الحوثية في اليمن وتكبدهم خسائر كبيرة في العدة والعتاد، ويظهر ذلك واضحا بحسب خبراء في السياسة، التناقض في تصريحات حسن نصر الله الأخيرة واتهام السعودية بدعم «داعش»، وهو الذي قبل عام ونيف كان يقدم نصيحة من على منبره في لبنان للسعودية للحذر من تنظيم داعش الذي يحلم بالاستيلاء على مكة المكرمة.
وتساءل المختصون في السياسة عن أسباب هذه الحملة السياسية والإعلامية في هذا التوقيت، ولماذا ظهرت الآن دعوات إيران للحوار، وأين كانت هذه القيادات عندما دعت السعودية مرارا لعقد حوار يجمع الأطياف اليمنية بما فيها «الحوثيون»، وتجنيب البلاد حروبا أهلية بسبب فرض وجهة نظر فصيل على شرائح المجتمع اليمني كافة، معللين ذلك بإخراج حليفهم بأقل الأضرار وإعادة ترتيب هذه الميليشيات، لتوسيع نطاق هذا المحور الذي أسس على عقيدة طائفية لإعادة أمجاد الدولة الصفوية، خاصة أن حزب الله وسوريا ما هما إلا كيانان يعملان لمصالح خاصة بالقيادة الإيرانية.
ومن التناقض السياسي لمحور الممانعة أنهم يعدون ما يقوم به التحالف العربي ضد ميليشيات الحوثيين، لحفظ الأمن وإعادة الشرعية التي سلبت بتهديد السلاح وملاحقة أعضاء الحكومة المنتخبة من قبل المواطنين اليمنيين تدخلا عسكريا، وما تقوم به ألويتهم المدججة بالأسلحة الثقيلة داخل الأحياء والمدن السورية من عمليات عسكرية بعد أن تحركت وقطعت مئات الأميال للوجود داخل سوريا، يمثل دفاعا عن الشرعية التي رفضها الشعب، وما بين هذا وذاك يكون السبب واضحا للتحرك الإيراني في هذا الجانب الذي لا يعير الشعوب العربية أي اهتمام كما تتناقل وسائل إعلامه، وإنما الحفاظ على الحلفاء لها، خاصة في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة من تحولات كبرى.
يقول لـ«الشرق الأوسط» الدكتور خضر القرشي، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي «إن محور الممانعة هو في واقعه كذبة ممزوجة بشعارات رنانة للضحك على البعض، خاصة أنها تمتلك ترسانة دعائية وإعلامية تبث هذه المزاعم حول القضية العربية، فصدقت الشعوب وانجرت خلف تلك المقولات التي تردد في كل وقت ومكان دون فعل، إلى أن ظهرت النوايا الحقيقية لهذا المحور الذي تقوده إيران، وتبينت أهدافهم في المنطقة العربية، واتضح ما يرمون إليه من شعارات زائفة، ويتاجرون بقضايا الإسلام والمسلمين، وقضايا العرب والعروبة، والمتاجرة بقضايا الشعوب أصبحت عملية مكشوفة، خاصة أن الشعوب أصبحت واعية عما كانت عليه في السابق، وتطلع على التقارير الإعلامية من مصادر عدة».
وأضاف القرشي «منذ قيام الثورة الإيرانية التي أطلق عليها إسلامية، وهي في واقعها ثورة فارسية، ووجود إسلامية هو لعملية التمويه وكسب ود الآخرين، لأنها بعيدة تماما عن مضمون الإسلام، فكيف لمدعي الإسلامية أن يفسروا احتلال دولة عربية (الأحواز) وجزر الإمارات، خاصة أن مساحة الأحواز كبيرة مقارنة بعدد من الدول، ويستقيم هذا الاحتلال وأن تنادي عن المناضلة وحرية الشعوب، إضافة إلى التنكيل بالمعارضين والذهاب بعيدا في عمليات قتل ممنهج، لذا فهم يرون أن (القادسية) لا بد أن تمحى آثارها بعيدا عن الشعارات والإسلام وتحقيق حلم الشعوب».
وأردف رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى، «لا بد أن نعي أن المعركة ليست معركة أرض ومصالح، أو سنة وشيعة، إنها معركة إسلام مع من يعملون ضده في الجانب الآخر تحت شعارات تستقطب المستضعفين، وهذه الحرب اتضحت وأصبحت بارزة المعالم في السنوات الأخيرة من خلال تحرك محور الممانعة وتوجهه نحو الدول العربية، وهو الذي كان يتحدث عن تحرير فلسطين والقدس، ولم يقم بأي إجراء حربي في هذا الاتجاه، إلا أنه لا يمانع في محاربة المسلمين وداخل ديارهم كما في سوريا، والعراق، ولبنان، والآن في اليمن».
وفي هذا السياق، قال محمد بلفخر عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجنوبي الجامع «إن الدور السعودي مهم في هذه المرحلة لوقف جميع التجاوزات على الأمة العربية، خاصة أنها دائما تدعو للسلم وحل القضايا وفق إطار جماعي، وتعمل وفق سياستها منذ عهد المؤسس، على معالجة كل القضايا بهدوء بعيدا عن الصخب أو استخدام القوة أو التهديد بها، وذلك وفقا للسياسة السعودية التي تعتمد على تقديم الخير وطمأنة الشعوب في الأقطار العربية والدولية كافة، وهذا ما جعل علاقات السعودية بجيرانها وعلى المستوى الإقليمي متميزة حتى في أسوأ الظروف وتسعى لحل كل ما يعكر الأجواء العربية، بخلاف دول تبحث عن إشعال الفتن وإدخال الشعب في حرب طائفية».
«عاصفة الحزم».. تكشف زيف
شعارات محور «الممانعة» و«المقاومة» تخبط في التصريحات في أقل من 20 يومًا واختار الشتائم أسلوبًا له
«عاصفة الحزم».. تكشف زيف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة