ليبيا: استئناف حوار الأمم المتحدة في الجزائر.. وتلويح غربي بلجنة العقوبات

حفتر يسعى لكسر الحظر على السلاح

ليبيا: استئناف حوار الأمم المتحدة في الجزائر.. وتلويح غربي بلجنة العقوبات
TT

ليبيا: استئناف حوار الأمم المتحدة في الجزائر.. وتلويح غربي بلجنة العقوبات

ليبيا: استئناف حوار الأمم المتحدة في الجزائر.. وتلويح غربي بلجنة العقوبات

فيما بدا أنه بمثابة تحذير للميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، هدد بيان مشترك لوزراء خارجية أميركا وخمس دول أوروبية، «أولئك الذين يهددون السلام والاستقرار أو الأمن في ليبيا، أو تقويض نجاح الانتقال السياسي بوضعهم تحت لجنة العقوبات في الأمم المتحدة»، فيما قال بنيادينو ليون مبعوث الأمم المتحدة إنه يجب أن يكون هناك إمكانية لجميع الليبيين للعيش معا.
تزامنت هذه التطورات، مع إعلان سلطات طرابلس تشديد الإجراءات الأمنية في المدينة غداة هجومين استهدفا سفارتي كوريا الجنوبية والمغرب وتبناهما تنظيم داعش المتطرف الذي كثف هجماته خلال الأسابيع الماضية.
وقال عضو بالمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته: «هناك قرار بتشديد الإجراءات الأمنية والضرب بيد من حديد على معاقل الإرهاب وكل من يحاول المساس بأمن واستقرار العاصمة».
وأوضح مسؤول أمني في طرابلس لوكالة الصحافة الفرنسية أن الإجراءات الأمنية الجديدة تشمل «زيادة الحواجز الأمنية في العاصمة»، مشيرًا إلى أن «اجتماعات تعقد حاليا في هذا الخصوص لاتخاذ الخطوات المناسبة».
وقتل شخصان بينهما حارس أمن وأصيب شخص ثالث بجروح قبل يومين عندما أطلق مسلحون النار على غرفة أمنية أمام سفارة كوريا الجنوبية، فيما انفجرت أمس حقيبة وضعت بها متفجرات أمام مقر السفارة المغربية.
ودعت وزارة الخارجية المغربية السلطات الليبية لإجراء تحقيق لتحديد ملابسات هذا العدوان الإجرامي الخسيس وفاعليه.
تبنى الهجومين تنظيم داعش، الذي كثف مؤخرا هجماته في العاصمة الليبية، مستهدفا سفارات ونقاط تفتيش ومراكز أمنية، علما أن غالبية السفارات في طرابلس أغلقت أبوابها بسبب تدهور الوضع الأمني.
وبينما تتواصل المعارك اليومية بين الجانبين، والتي بلغت مناطق قريبة من العاصمة، اجتمع ممثلون عن أحزاب سياسية ليبية ونشطاء سياسيون في الجزائر لبحث خيارات حل النزاع في حوار ترعاه الأمم المتحدة.
وقال المبعوث الأممي بيرنادينو ليون لدى افتتاحه الاجتماع: «نحن هنا لإرسال رسالة قوية بأنه لا مزيد من القتل في ليبيا»، مشيرًا إلى أن هذه المرة الأولى التي يلتقي فيها ممثلون هامون عن الأحزاب السياسية لمناقشة مسودة اتفاق.
وتابع: «علينا جميعًا أن نتنازل قليلاً من أجل الوصول إلى اتفاق، وعد أن من هم ضد الديمقراطية والمتطرفون فقط يقصون أنفسهم، لافتا إلى أن هناك أمثلة في المنطقة على تجاوز المشكلات عبر الديمقراطية».
وثمن ليون «الدور الهام جدًا للجزائر، من بين مبادرات أخرى، وعبر عن تضامنه مع كل من كوريا الجنوبية والمغرب بعد استهداف سفارتيهما في طرابلس. وقال: «ينبغي ألا يفقد المزيد من الليبيين أرواحهم».
من جانبه، شدد الوزير الجزائري المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والأفريقية عبد القادر مساهل أن «عدو ليبيا ليس الفرد الليبي، بل هو الإرهاب وعدم الاستقرار والفوضى». ودعا إلى مواجهة «هذه المعضلات بالتصدي لها بالوحدة والعزيمة»، معربًا عن اعتقاد بلاده «بأن الأشقاء الليبيين على مختلف توجهاتهم، لهم من الحكمة والوطنية والشجاعة والرصيد التاريخي ما يجعلهم يعون كل الوعي بأنهم على موعد متجدد مع التاريخ لتقرير مصيرهم».
وقال: «وجب علينا أن نشجعهم على اتخاذ تدابير جريئة من شأنها أن تساعد على التهدئة وتمهد الطريق للحل السلمي».
إلى ذلك، رحب وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا في بيان مشترك، باستئناف الحوار الليبي تحت رعاية الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة «برناردينو ليون» في المغرب يوم الأربعاء المقبل.
وقالوا: «نحث بقوة جميع المشاركين في الحوار للتفاوض بحسن نية واستغلال هذه الفرصة لوضع اللمسات الأخيرة للاتفاق بشأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، واتخاذ الترتيبات لوقف إطلاق النار غير المشروط».
وبعدما شدد على أن حلول الوسط فقط هي من ستمكن ليبيا من التقدم نحو مستقبل أكثر أمنًا واستقرارًا وازدهارًا، حث البيان جميع الأطراف على وقف القتال، وأعربوا عن توقعهم من قادة ليبيا تقديم الدعم الكامل إلى ليون والانخراط في الحوار السياسي المدعوم من الأمم المتحدة.
ودعا البيان إلى الوقف الفوري للغارات الجوية والهجمات البرية، معتبرًا أن مثل هذه الاستفزازات تقوض محادثات الأمم المتحدة وتهدد فرص المصالحة. وعد أن «الآن هو الوقت المناسب لجميع الأطراف في ليبيا للمضي قدمًا في روح التوافق وأن مزيدًا من التأخير في التوصل إلى اتفاق سياسي يعمق الانقسامات في المجتمع الليبي ويشجع أولئك الذين يسعون للاستفادة من الصراع الدائر»، وأعلن أن المجتمع الدولي على أتم الجاهزية لتقديم الدعم الكامل لحكومة وحدة بمواجهة التحديات في ليبيا.
من جهته، كشف رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة عن تفهم إيطاليا التي زارها مؤخرا لإرادة الشعب الليبي وقناعته بأن مجلس النواب هو السلطة الشرعية الوحيدة في ليبيا. وقال في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الرسمية إن السلطات الإيطالية تأكيدًا لهذا الفهم والقناعة أعلنت خلال زيارته عن تمكين عز الدين العوامي من مباشرة مهامه سفيرًا للدولة الليبية لدى إيطاليا.
وأكد عقيلة على تأييد مجلس النواب لعملية الحوار بين الأطراف الليبية وفق الثوابت التي حددها هذا المجلس، مشيرًا إلى ضرورة التمسك بالإعلان الدستوري والتشريعات القائمة في ليبيا.
وكشف النقاب عن أنه طلب خلال اجتماعه برئيسة البرلمان الإيطالي، دعم الجيش الوطني، محذرًا من الخلط بين دعم الجيش الليبي واستمرار الحوار، وقال: «هناك فارق بين استمرار جلسات الحوار الليبي ودعم الجيش الوطني حتى يستطيع القضاء على آفة الإرهاب التي تهدد ليبيا والمنطقة وصولاً إلى أوروبا والعالم أجمع».
من جهته، أكد العاهل الأردني عبد الله الثاني لدى اجتماعه بالفريق خليفة حفتر قائد الجيش الليبي، على وقوف ودعم الأردن لليبيا في معركتها ضد الإرهاب والجماعات الإرهابية المتطرفة التي قال إنها تهدد أكثر من أي وقت مضى استقرار وأمن ليبيا ومستقبل الشعب الليبي.
وأوضحت وكالة الأنباء الحكومية الموالية للسلطة الشرعية في ليبيا، أن الاجتماع ناقش آليات دعم القوات المسلحة الليبية بالتدريب والاستشارات العسكرية، وسبل تطوير التنسيق والتواصل المباشر بين القيادات العسكرية في البلدين، وكذلك الاطمئنان على وضع جرحى الجيش، مشيرة إلى أن اللقاء تناول أيضا الوضع في المنطقة العربية واتفاقية الدفاع العربي المشترك، ودعم عملية الحزم التي تخوضها القوات العربية المشتركة لنصرة الشرعية باليمن.
وكان حفتر، الذي يترأس وفدا من كبار مساعديه وقادة الجيش الليبي، قد التقى في وقت سابق مع رئيس هيئة الأركان المشتركة القائد العام للجيش الأردني الفريق مشعل محمد الزبن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».