ويليامز تسابق الزمن لإنقاذ الانتخابات من التأجيل

اشتباكات مفاجئة بين «الوطني الليبي» وعناصر من السلطة الانتقالية في سبها

ستيفاني ويليامز تلتقي محمد الحافي رئيس مجلس القضاء الأعلى (حسابها على تويتر)
ستيفاني ويليامز تلتقي محمد الحافي رئيس مجلس القضاء الأعلى (حسابها على تويتر)
TT

ويليامز تسابق الزمن لإنقاذ الانتخابات من التأجيل

ستيفاني ويليامز تلتقي محمد الحافي رئيس مجلس القضاء الأعلى (حسابها على تويتر)
ستيفاني ويليامز تلتقي محمد الحافي رئيس مجلس القضاء الأعلى (حسابها على تويتر)

سيطرت حالة من الهدوء الحذر أمس، على مدينة سبها، جنوب ليبيا، عقب اشتباكات مفاجئة بين قوات من «الجيش الوطني» وأخرى تابعة للسلطة الانتقالية، للمرة الأولى منذ انتهاء المعارك بين الطرفين، فيما مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة للشأن الليبي، الأميركية ستيفاني ويليامز، تسابق الزمن لإنقاذ الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقرر إجراؤها قبل نهاية الشهر الحالي، من التأجيل.
وكانت اندلعت في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، اشتباكات عنيفة أسفرت، بحسب مركز سبها الطبي، عن مقتل شخص وجرح شخصين آخرين، بسبب محاولة «قوة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة» بقيادة مسعود جدي (اللواء 116 سابقاً) التابعة للمجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفى، مهاجمة مقر الاستخبارات التابع لقوات «الجيش الوطني».
وقال مدير أمن مدينة سبها محمد بشر إن عناصر من «الجيش الوطني» قامت بعملية سطو استهدفت 11 سيارة شرطة جديدة دفع رباعي خصصتها الوزارة للمديرية، مضيفاً في رسالة وجهها إلى وزارة الداخلية في حكومة «الوحدة الوطنية» أن قوات الجيش هاجمت عناصر الشرطة التابعين للمديرية، والمكلفين تسلم السيارات وقامت بنقلهم والسيارات إلى قاعدة براك الشاطئ مقر عمليات الجنوب.
وحمّل بشر المسؤولية القانونية للواء المبروك سحبان، آمر قوة عمليات الجنوب التابعة للجيش، في حال تعرض أعضاء الشرطة أو الآليات إلى أي أذى، واتهمه بزعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة.
وكررت مديرية أمن سبها، في بيان أصدرته صباح أمس، الرواية ذاتها، وقالت إن قوة مدججة بالأسلحة الثقيلة والمدرعات اعتدت بشكل صارخ على ممتلكاتها. ونقلت عن بشر دعوته لأهالي فزان بالتكاتف والوقوف صفاً واحداً للتصدي وطرد هذه العصابات التي باتت الخطر الحقيقي الذي يهدد الجنوب.
وتأتي هذه الاشتباكات، التي اعتبرها اللواء خالد المحجوب مسؤول «الجيش الوطني» بمثابة محاولة لضرب الاستقرار في الجنوب، قبل اجتماع ستعقده اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» بمقرها في مدينة سرت، يومي الخميس والجمعة المقبلين، لمناقشة خطة العمل التي اتفقت عليها مؤخراً لخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا.
مصادر محلية ونشطاء قالوا إن الهدوء الحذر ساد المدينة بعد وساطات محلية لفض النزاع، لكن «الجيش الوطني» أرسل تعزيزات عسكرية إضافية لقواته للجنوب.
ووسط مخاوف من تصعيد وتجدد المواجهات العسكرية، ورداً على معلومات عن تحشيدات لقوات الرائد مسعود، التي أغلقت محيط مديرية أمن سبها، ومقر مفوضية الانتخابات، هدد «الجيش الوطني» على لسان شعبة إعلامه الحربي، في بيان مقتضب أمس، بأن «أي محاولات لزعزعة أمن المواطن في المناطق الجنوبية، وتحديداً في مدينة سبها، ستُقابله القوات المُسلحة بالقوة، وسيُضرب بيدٍ من حديد».
وأجرت المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز محادثات مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المكلف رمضان أبو جناح، ورئيس مجلس النواب المُكلف فوزي النويري، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح.
وشدّد موسى الكوني نائب المنفي، الذي التقى ويليامز في طرابلس أمس، على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، واعتبر أن هناك حاجة تاريخية لليبيا لأن تختار رئيساً واحداً يقودها.
وقال الكوني: «قد يبدو ذلك رهاناً عسيراً، لكنه الأجدر بالالتزام، وهو ما سيصنع الفرق».
وذكرت ويليامز أنها أجرت «لقاء ممتازاً» في طرابلس مع رئيس أركان القوات الموالية للسلطة الانتقالية الفريق محمد الحداد، وأشادت باجتماعه مؤخراً في مدينة سرت مع رئيس أركان الجيش الوطني وقائده العام المكلف الفريق عبد الرزاق الناظوري، متمنية أن يشكل منطلقاً للمضي قدماً في توحيد المؤسسة العسكرية.
وقالت وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن الاتصالات واللقاءات المكثفة التي شرعت فيها ويليامز مع الجهات المعنية في البلاد، تستهدف الوصول إلى نهاية للانسداد الذي تمر به الحالة الليبية، مشيرة إلى أنها أطلعت هؤلاء المسؤولين، ومنهم وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، على أهداف مهمتها، وفق تكليف الأمين العام للأمم المتحدة.
وأعربت ويليامز عن استعدادها الكامل لمساندة الليبيين في سعيهم للوحدة وإنهاء المرحلة الانتقالية، من خلال إجراء انتخابات وطنية حرة ونزيهة وذات مصداقية.
رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المكلف رمضان أبو جناح أعرب، مساء أول من أمس، عن استعداد الحكومة التام للإقدام على الاستحقاق الانتخابي في 24 من الشهر الحالي، باعتباره الحل الوحيد للأزمة الليبية، مجدداً الدعم الكامل لمفوضية الانتخابات لإنجاح هذا الاستحقاق الوطني.
وشددت ويليامز على ضرورة أن يعمل الجميع على إنجاح العملية الانتخابية، مؤكدة أهمية التواصل المشترك بين البعثة الأممية والحكومة، بما يحقق الأهداف المنشودة.
والتقى السائح أمس، السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بوتشينو والوفد المرافق له، وذلك بديوان مجلس المفوضية، وتناول اللقاء العملية الانتخابية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.