تنفيذ حكم الإعدام بـ 3 عراقيين مدانين بتهم «إرهاب»

إرجاء الجلسة الثانية لمحاكمة المتهم بقتل الباحث هشام الهاشمي

TT

تنفيذ حكم الإعدام بـ 3 عراقيين مدانين بتهم «إرهاب»

تم أمس الثلاثاء تنفيذ حكم الإعدام شنقا بحق ثلاثة عراقيين مدانين بتهم «الإرهاب»، وفق ما أفاد مصدران أمنيان.
وأعدم الرجال الثلاثة في سجن الناصرية المركزي الذي يعرف باسم «الحوت» في المدينة الواقعة بمحافظة ذي قار في الجنوب، وهو السجن الوحيد في البلاد الذي تنفذ فيه عقوبة الإعدام، بعد مصادقة رئيس الجمهورية، وفق مصدر أمني فضل عدم الكشف عن هويته.
وأوضح المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية أن «أحد المعدومين من سكنة ذي قار شارك بتفجير» في الناصرية في أغسطس (آب) 2013 أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، و«الآخر شارك بتفجير في محافظة كربلاء». وأكد مصدر أمني ثان وقوع الإعدامات، مشيراً إلى أن الثلاثة مدانون بقضايا «إرهاب».
وكان العراق خلال الأعوام التي أعقبت الغزو الأميركي في العام 2003 وسقوط نظام صدام حسين، ساحة لحرب طائفية وهجمات بينها تفجيرات يومية بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة، يقف خلفها تنظيم القاعدة، خلفت عشرات آلاف القتلى أغلبهم من المدنيين. ومنذ إعلان العراق «انتصاره» على تنظيم داعش في العام 2017، أصدرت المحاكم العراقية مئات أحكام الإعدام في حق عناصر التنظيم.
وهذه خامس عملية إعدام تنفذ هذا العام، وبذلك يصبح عدد الذين تم إعدامهم في العراق منذ مطلع العام 2021، 17 شخصاً، بحسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية. ويعاقب قانون صدر في 2005 بالإعدام أي شخص يدان بتهمة «الإرهاب»، وهي تهمة قد تشمل الانتماء إلى جماعة متطرفة، حتى لو لم تتم إدانة المتهم بأي أفعال محددة.
من ناحية ثانية، أرجأت محكمة عراقية أمس إلى 28 فبراير (شباط) جلسة محاكمة المتهم بقتل الباحث هشام الهاشمي، إثر اعتقاله في يوليو (تموز) بعد عام على عملية الاغتيال التي أثارت تنديداً داخلياً ودولياً. وقال مصدر قضائي إن «القاضي قرر إرجاء المحاكمة إلى 28 فبراير المقبل بعد أن تقدم محامي المتهم بطلب لإعادة الفحص الطبي الذي أجري له سابقاً»، موضحاً أن هذه كانت الجلسة الثانية في القضية. وأضاف أن «المتهم ادعى بالجلسة الأولى أنه تعرض إلى التعذيب لانتزاع اعترافاته».
واعتبر مصدر مقرب من عائلة الهاشمي أن «تأجيل المحاكمة لأكثر من شهرين لغرض إعادة فحص طبي هو تسويف للقضية». ومنعت السلطة القضائية حضور الإعلاميين داخل قاعة المرافعة.
وقتل الهاشمي (47 عاماً) المتخصص في الحركات المتطرفة في 6 يوليو 2020 برصاص رجال على دراجات نارية خارج منزله في بغداد. وكان الباحث الناشط في المجتمع المدني تبنى موقفاً قوياً لصالح الاحتجاجات التي انطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وطالبت بإصلاح شامل للنظام السياسي ونددت بالنفوذ الإيراني في العراق.
وبعد عام من اغتياله، في يوليو 2021، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلقاء القبض على «قتلة» الهاشمي. وبث التلفزيون الرسمي إثر ذلك «اعترافات» للمتهم في القضية، وهو شرطي منذ العام 2007 يبلغ من العمر 36 عاماً ويدعى أحمد الكناني. وأكد مصدر أمني حينها أن الشرطي مقرب من «كتائب حزب الله» أحد فصائل الحشد الشعبي الأكثر نفوذاً.
وتوعد الكاظمي أكثر من مرة بمحاسبة المسؤولين عن اغتيال الهاشمي. وقال في كلمة الأسبوع الماضي: «وعدناكم بإلقاء القبض على قتلة الباحث هشام الهاشمي... وقاتل هشام اليوم في السجن وينتظر حكم العدالة».
وقبل الهاشمي، لقي عشرات الناشطين مصيره منذ بدء الانتفاضة التي تعرضت لقمع دموي (نحو 600 قتيل و30 ألف جريح)، في حين اختطف عشرات آخرون أطلق سراحهم بعد وقت قصير. ومنذ عام، اتهمت ثماني منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان العراق في تقرير بعدم احترام التزاماته بمحاسبة المسؤولين عن الاغتيالات وهو «ما عزز عقوداً من الإفلات من العقاب».
ومطلع نوفمبر (تشرين الثاني)، أصدرت محكمة عراقية حكماً بالإعدام شنقاً بحق المتهم الرئيسي بقتل صحافيين معروفين بنشاطهما الداعم للاحتجاجات، ومتهمين آخرين بقتل مراهق في احتجاجات في أكتوبر 2019 في مدينة البصرة في أقصى جنوب العراق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.