مصر تستهجن «بشدة» تدخل تركيا في أحكام القضاء بعد حكم بإعدام قادة الإخوان

الولايات المتحدة حثت القاهرة على إطلاق سراح محكوم بالمؤبد يحمل جنسيتها

مصر تستهجن «بشدة» تدخل تركيا في أحكام القضاء بعد حكم بإعدام قادة الإخوان
TT

مصر تستهجن «بشدة» تدخل تركيا في أحكام القضاء بعد حكم بإعدام قادة الإخوان

مصر تستهجن «بشدة» تدخل تركيا في أحكام القضاء بعد حكم بإعدام قادة الإخوان

استهجنت الخارجية المصرية بشدة أمس تدخل تركيا في شؤون القضاء المصري، بعد أن علقت الخارجية التركية على أحكام بالإعدام صدرت بحق قادة جماعة الإخوان المسلمين أول من أمس. وجددت الخارجية رفضها الكامل للتدخل من جانب أي دولة في أعمال القضاء المصري وعدم احترام أحكامه، باعتبار ذلك يشكل إخلالا جسيما بالمبادئ الأساسية لأي نظام ديمقراطي، وعلى رأسها مبدأ الفصل بين السلطات واحترام استقلالية القضاء.
يأتي ذلك في وقت ناشدت فيه الخارجية الأميركية مصر تصحيح قرارها بشأن الحكم على الناشط محمد سلطان الذي حمل الجنسية أميركية إلى جانب المصرية بعد أن عاقبته محكمة مصرية أول من أمس بالسجن المؤبد، وحثت الخارجية الأميركية القاهرة على تصحيح قرارها بشأن الحكم، معربة عن قلقها إزاء تردي حالته الصحية خلال عشرين شهرا قضاها في السجن.
وأبدت مصادر دبلوماسية مصرية دهشتها من مناشدة الخارجية الأميركية والتدخلات التركية، وقالت المصادر إن «السلطات المصرية لا تتدخل بأي شكل من الأشكال في الأحكام القضائية»، فيما قلل رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي وحقوق الإنسان، محمد زارع، من استجابة مصر لأميركا والإفراج عن مواطنيها، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن «المناشدات الخارجية أحيانا تفسر خطأ.. وتعتبر نوعا من الضغوط التي تمارس على مصر والتدخل في شؤون القاهرة».
وألقي القبض على سلطان في منزله بالقاهرة في 27 أغسطس (آب) 2013، عقب فض قوات الأمن المصرية اعتصامي «رابعة العدوية» (شرق القاهرة) و«النهضة» (غرب) منتصف أغسطس، إثر عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عن الحكم في 3 يوليو (تموز) من العام قبل الماضي.
وبحسب أسرته، يعد سلطان صاحب أطول إضراب عن الطعام يقدر بنحو 441 يوما، وهو أول سجين يعلن الإضراب عن الطعام في السجون المصرية، منذ بدء المواجهات بين الإخوان والسلطات عقب ثورة 30 يونيو (حزيران)، التي أنهت عاما من حكم الجماعة صيف العام قبل الماضي.
وقضت محكمة مصرية أول من أمس بالسجن المؤبد على سلطان، وهو ناشط وصحافي، مع صحافيين مصريين آخرين، ضمن جملة من الأحكام أصدرتها في حق مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع و13 آخرين في القضية المعروفة إعلاميا بـ«غرفة عمليات رابعة»، (في إشارة إلى ميدان رابعة العدوية الذي شهد اعتصام أنصار الجماعة صيف العام قبل الماضي).
وقالت الخارجية الأميركية في بيان لها إن «الحكومة تشعر بخيبة أمل بالغة تجاه القرار الذي أصدرته المحكمة المصرية». وعبرت عن قلقها حيال الوضع الصحي للسجين وظروف اعتقاله. مطالبة السلطات المصرية بالإفراج عن الناشط سلطان لأسباب إنسانية، وحثت القاهرة على تصحيح قرارها بشأنه.
وكان سلطان يظهر على كرسي متحرك خلال جلسات القضية، بصحبة والده القيادي الإخواني صلاح سلطان، في محكمة جنايات القاهرة التي انعقدت بمعهد أمناء الشرطة بمجمع سجون طره (جنوب القاهرة)، وتحدث سلطان خلال تلك الجلسات عن حيثيات إضرابه والمطالبة بإطلاق سراحه.
ووجهت النيابة العامة المصرية إلى المدانين، وبينهم سلطان، اتهامات عدة تتعلق بـ«إعداد غرفة عمليات لتوجيه تحركات تنظيم الإخوان بهدف مواجهة الدولة وإشاعة الفوضى في البلاد عقب فض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر»، كما اتهمتهم أيضا بـ«التخطيط لاقتحام وحرق أقسام الشرطة والممتلكات الخاصة والكنائس».
من جانبه، قال زارع، وهو ناشط حقوقي، إن «مناشدات واشنطن للقاهرة قد تعقد قضية سلطان»، مستبعدا أن «تستجيب مصر لطلب واشنطن بالإفراج عنه»، مؤكدا أن الأمر قد يتحول من شأن إنساني - بحسب بيان الخارجية الأميركية - إلى سياسي، وهو التأثير على أحكام القضاء المصري والتدخل في شؤون القاهرة».
وأضاف زارع لـ«الشرق الأوسط»: «الإفراج عن المساجين هام جدا ويجب أن يكون مطروحا على الدولة المصرية، خاصة في ما يتعلق بالصحافيين، وليس فقط لمن يحملون جنسيات أخرى غير المصرية»، لافتا إلى أنه يجب أن تنتهي الممارسات التي تمارس ضد الصحافيين في ما يتعلق بالحبس تماما، ويجب على الدولة المصرية أن تنفذ تعهداتها الآن بحماية الصحافيين خلال ممارسة عملهم الصحافي، ولا بد من التحرك بجدية في ملف الحريات وتقديم كل أوجه الدعم للصحافيين وأسرهم.
وسبق أن رحلت السلطات المصرية مطلع العام الحالي الصحافي الأسترالي بيتر غريست إلى بلاده، وهو أحد المتهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ«خلية الماريوت»، وذلك وفق قانون أصدره الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يسمح بترحيل المتهمين الأجانب إلى بلادهم للمحاكمة هناك أو قضاء العقوبة.
فيما ما زالت السلطات الكندية تدرس الموقف القانوني والقضائي لصحافي قناة «الجزيرة» محمد فاضل فهمي، مع نظيرتها المصرية، لاتخاذ إجراءات إخلاء سبيله، وفهمي متهم «بنشر أكاذيب لمساعدة منظمة إرهابية». ويذكر أن فهمي تنازل عن جنسيته المصرية ليحتفظ فقط بجنسيته الكندية، آملا أن يطبق عليه ما جرى بحق غريست.
في هذا السياق، استهجنت القاهرة تدخل تركيا في أحكام القضاء، وكانت وزارة الخارجية التركية قد علقت على حكم إعدام مرشد الإخوان محمد بديع و13 آخرين والسجن المؤبد على 37 شخصا، قائلة: «ندين قرار العقاب الجماعي الذي صدر في مصر، والذي يعد آخر حلقة في الأحكام التي صدرت نتيجة لعملية قضائية ذات طابع سياسي». وأضافت في بيان لها أنه «بات من الواضح أن الأحكام الصادرة، نتيجة إجراءات قضائية بعيدة عن تلبية المعايير الدولية، لن تسهم في تأسيس استقرار وسلم مجتمعي دائم في مصر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.