تركيا تتهم اليونان باستهدافها بتحالفات «لا طائل منها»

«مجلس أوروبا» قد يطردها بسبب قضيتي دميرطاش وكافالا

TT

تركيا تتهم اليونان باستهدافها بتحالفات «لا طائل منها»

اتهمت تركيا جارتها اليونان بمحاولة بناء تحالفات ضدها، معتبرة أن هذه المحاولات «لا طائل من ورائها»، وفي الوقت ذاته كشف قاض سابق بمحكمة حقوق الإنسان الأوروبية عن أن تركيا تواجه الطرد من «مجلس أوروبا»، حال إصرارها على استمرار احتجاز رجل الأعمال الناشط البارز في مجال الحقوق المدنية عثمان كافالا، والزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش، بعد كثير من المطالبات الأوروبية والدولية بالإفراج عنهما.
على صعيد آخر، سحب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان 17 دعوى أقامها ضد زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، كمال كليتشدار أوغلو، إثر دعوة مثيرة أطلقها الأخير لمسامحة حزبه عن أخطاء ارتكبها في الماضي.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، تانجو بيلجيتش، إن «محاولات اليونان إنشاء تحالفات مصطنعة ضد تركيا هي جهود لا طائل من ورائها». وأضاف المتحدث في بيان أمس رداً على تصريحات لوزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس حول تركيا أدلى بها الجمعة، أن اليونان «غير قادرة بأي حال من الأحوال على استيعاب الدور الرئيسي الذي تلعبه تركيا في ضمان السلام والاستقرار في منطقتها ومحيطها المباشر». وتابع أن «محاولات اليونان للتنافس مع تركيا في جميع الأمور، وتفضيلها التوتر على التعاون، ومحاولتها إنشاء تحالفات مصطنعة ضد تركيا هي جهود لا طائل من ورائها». وذكر البيان أنه «أثناء الحديث عن الحوار، ندعو اليونان، التي تدلي بتصريحات معادية واستفزازية عن تركيا كل يوم، إلى الحكمة والصدق والإخلاص».
وكان وزير الخارجية اليوناني، نيكوس ديندياس، وصف تركيا، خلال اجتماع عُقِد في أثينا، الجمعة الماضي، بمشاركة نظرائه المصري والفرنسي والقبرصي، بـ«القاسم المشترك» للمخاطر التي تهدد استقرار المنطقة. وهناك خلافات بين تركيا واليونان في كثير من الملفات المزمنة، مثل: النزاع على الجزر في بحر إيجه، والقضية القبرصية، فضلاً عن موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط، ومسألة المهاجرين.
على صعيد آخر، حذر القاضي التركي السابق في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، رضا تورمان، من أن استمرار احتجاز رجل الأعمال الناشط البارز في مجال الحقوق المدنية، عثمان كافالا، والزعيم الكردي صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» المؤيد للأكراد، قد يؤدي إلى طرد تركيا من «مجلس أوروبا».
وقال تورمان، في تصريحات صحافية، أمس (الأحد): «هذه قضية تتعلق بسيادة القانون»، مضيفاً أنه «بموجب حكم القانون، يجب تنفيذ أوامر المحاكم. هذا ليس تدخلاً في شؤوننا الداخلية»، في إشارة إلى قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج عن كل من دميرطاش وكافالا، اللذين اعتُقِلا عامي 2016 و2017؛ الأول لاتهامات تتعلق بالإرهاب، والثاني لاتهامات تتعلق بالتجسس والتورط في محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016.
وأصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً بشأن دميرطاش وكافالا في 2018 و2019 على التوالي، قائلة إن حقوقهما انتُهِكت، ودعت إلى الإفراج الفوري عنهما، معتبرة أن احتجازهما له دوافع سياسية.
وقال تورمان إن النتائج التي توصلت إليها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في كلتا الحالتين هي «انتهاكات خطيرة للغاية»، مضيفاً: «إذا كانت هناك اعتقالات لدوافع سياسية؛ فهذا يعني أن القضاء ليس مستقلاً، ويعني أن المحاكم تعمل بناء على أوامر من الإرادة السياسية، وستكون هناك عواقب لذلك».
وأضاف تورمان أن «لجنة وزراء مجلس أوروبا ملزمة بتنفيذ أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وفي 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي ستبدأ لجنة الوزراء في مجلس أوروبا إجراءات تقييم ما إذا كانت تركيا لا تنفذ أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أو تسببت في مزيد من الانتهاكات للحقوق، وعدم التنفيذ هو انتهاك في حد ذاته بالطبع»، لافتاً إلى أنه إذا حكمت المحكمة بوجود انتهاكات، فإنها ستطلق المرحلة التالية من العقوبات على تركيا، التي قد تصل إلى طرد تركيا من مجلس أوروبا.
وقال تورمان إنه يجد صعوبة في فهم هذه المقاومة من جانب تركيا لسيادة القانون، مضيفاً: «أعتقد أن الأمور لن تستمر حتى المرحلة النهائية، لأنه لن يكون ممكناً تفسير طرد تركيا من مجلس أوروبا».
في سياق آخر، قال محامي الرئيس رجب طيب إردوغان، إنه قام بسحب 17 دعوى قضائية رفعها سابقاً ضد رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، كمال كليتشدار أوغلو، تُقدّر قيمة التعويضات فيها بمبلغ 4 ملايين و460 ألف ليرة. وأضاف المحامي حسين آيدن أن إردوغان تنازل عن 17 دعوى قضائية ضد كليتشدار أوغلو رُفعت بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016.
وكان كليتشدار أوغلو، أعلن في مقطع فيديو نشره على «تويتر»، الأسبوع الماضي، أنه سيبدأ حملة لـ«المسامحة» عن الأخطاء التي ارتكبها حزب «الشعب الجمهوري» في الماضي، قائلاً: «صحيح أنها لا تغير أخطاء الماضي، لكنها ستنقذ المستقبل»، مضيفاً: «لقد ارتكب حزبنا أخطاء في الماضي، وقررت الخروج في طريق المسامحة».
ولفت إلى أن تركيا مقبلة على تغيير مهم، مشيراً إلى أن الحكومات في البلاد تتغير باستمرار، لكن الواقع السيئ لم يتغير أبداً، وأن لديه في هذه المرحلة من حياته رؤية أهم من تسلُّم السلطة في البلاد، وهي تغيير هذا الوضع السيئ، موضحاً أنه لا يتحدث عن الحكومة في ظل «حزب العدالة والتنمية» فقط، بل جميع الحكومات السابقة، بما في ذلك تلك التي وقعت في عهد حزب الشعب الجمهوري الذي يقوده الآن، وأنه سيلتقي جميع ممثلي وأعضاء المجتمعات المختلفة التي تسبب حزب «الشعب الجمهوري» بجرحها في الماضي. وربط إردوغان بين تصريحات كليتشدار أوغلو والانتخابات، قائلاً: «عندما تذهب أمتنا إلى صناديق الاقتراع في 2023»، قائلاً: «إن عليه كليتشدار أوغلو أن يطلب العفو أولاً من إخوتي وبناتي المحجبات».
وأثار إعلان كليتشدار أوغلو جدلاً واسعاً في الشارع التركي، واعتبره البعض خطوة ضمن إطار الحملة الانتخابية المبكرة التي بدأها استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في صيف عام 2023، ومحاولة لكسب أصوات المحافظين والقوميين في البلاد، لا سيما أولئك الذين تخلوا عن دعمهم لـ«حزب العدالة والتنمية» في السنوات الأخيرة.
وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسم «لن نسامح»، مشيرين إلى ما تعرضت له الفتيات المحجبات ومنعهن من حقهن في التعليم، بالإضافة لما تعرض له المواطنون الأتراك في حقبة الحزب الواحد، التي قادت كثيرين إلى الإعدام. كما أثارت دعوة كلتيشدار أوغلو، الجدل داخل حزبه، الذي طالب بتوضيحات حول الجهات التي يتحدث عنها رئيس الحزب.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».