واشنطن تصعّد ضغوطها على قادة الجيش في السودان

وفاة طفلة برصاصة في الرأس تثير غضباً شعبياً... وعدد القتلى منذ أكتوبر يرتفع إلى 23

جانب من الاحتجاجات في الخرطوم التي تطالب بالحكم المدني يوم السبت (أ.ب)
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم التي تطالب بالحكم المدني يوم السبت (أ.ب)
TT

واشنطن تصعّد ضغوطها على قادة الجيش في السودان

جانب من الاحتجاجات في الخرطوم التي تطالب بالحكم المدني يوم السبت (أ.ب)
جانب من الاحتجاجات في الخرطوم التي تطالب بالحكم المدني يوم السبت (أ.ب)

وصلت إلى العاصمة السودانية الخرطوم، أمس، مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، مولي في، للقاء الفرقاء السودانيين من العسكريين والمدنيين بهدف الضغط من أجل عودة الحكم إلى المسار المدني وفق الوثيقة الدستورية الموقعة في 2019، وعلمت «الشرق الأوسط» أن المسؤولة البارزة ستجري عدة لقاءات مع كل من قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء المقال عبد الله حمدوك، ومع قادة القوى السياسية ممثلة في تحالف «الحرية والتغيير».
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة تهدف إلى محاولة حل الأزمة الحالية في البلاد، وتصعيد الضغط على قادة الجيش للعودة إلى الشراكة مع تحالف «الحرية والتغيير» الذي أبدى قدرة على تحريك الشارع بأعداد كبيرة، فيما رجح البعض أن تكون المسؤولة الأميركية تحمل مبادرة لاستعادة الحكومة الانتقالية وفق تسوية لم يتم الإعلان عنها.
كما من المتوقع أن تثير مساعدة وزير الخارجية الأميركي قضية العنف المفرط الذي تستخدمه القوات الأمنية ضد المتظاهرين السلميين، خصوصاً بعدما تسببت وفاة طفلة تبلغ 13 عاماً، برصاصة في الرأس السبت الماضي، في موجة عارمة من الغضب الشعبي. وبلغ عدد القتلى الكلي منذ إطاحة قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان بالحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك 23 قتيلاً، 14 منهم قتلوا في احتجاجات 30 أكتوبر (تشرين الأول)، معظمهم بالرصاص، فيما بلغ عدد الإصابات 215 إصابة، 112 منها بالرصاص الحي.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية – هيئة نقابية طبية – في نشرة على صفحتها على «فيسبوك»، إن عمر عبد الله آدم، الذي أصيب برصاصة في العنق 25 أكتوبر الماضي، وكان يتلقى العناية بمستشفى «رويال كير» الخرطوم، «ارتقى شهيداً»، ليرتفع عدد الشهداء المؤكدين إلى 23 شهيداً منذ انقلاب الجيش على السلطة.
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صورة الطفلة الشهيدة، رماز حامد، التي أصيبت برصاصة في الرأس السبت الماضي، وهي تقف أمام منزل ذويها بحي الصحافة، وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن الطفلة ارتقت شهيدة متأثرة بإصابتها. واتهمت اللجنة القوات العسكرية باستخدام القوة الوحشية والمفرطة ضد المدنيين السلميين خلال احتجاجات السبت الماضي، واستخدام الذخائر الحية والرصاص المطاطي، وأعداد كبيرة من عبوات الغاز المدمع، والعصي والهراوات.
وأوضحت أن العنف الذي استخدمته القوات العسكرية، أدى إلى إصابة المحتجين بالذخيرة الحية، وبقيتها بالرصاص المطاطي وعبوات الغاز التي توجه مباشرة إلى المحتجين، وحالات اختناق بسبب الغاز المدمع، وإصابات بالعصي وحالات حروق. وبحسب التقرير الصادر عن اللجنة، فإن مدينة أم درمان شهدت 79 إصابة، 40 منها بالرصاص الحي، و66 إصابة في مدينة بحري، 40 منها بالرصاص الحي، وفي الخرطوم 70 إصابة، 32 منها بالرصاص، وبعض الحالات لا تزال غير مستقرة.
من جهة أخرى، نظم أطباء في ثلاثة مستشفيات بالخرطوم، ومستشفى كسلا في شرق البلاد وقفات احتجاجية شارك فيها العشرات منهم، كل أمام مستشفاه، رفضاً للانقلاب العسكري وانتهاكات المرافق الصحية والفرق الطبية الميدانية ودعماً للثورة. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان أمس، إن السلطات العسكرية في كسلا، استبقت الوقفة المعلنة للكوادر الطبية والصحية، واقتحمت المستشفى ومنعت الأطباء والكوادر من دخول المستشفى. وفي بيانات سابقة ذكرت اللجنة أن ذات السلطات اقتحمت مستشفيين في الخرطوم يوم السبت الماضي أثناء الاحتجاجات واعتقلت كوادر طبية ومحتجين.
وناشدت إدارة المختبرات الطبية للتبرع بالدم، وقالت إن موقف المخزون الاستراتيجي في بنوك الدم بولاية الخرطوم «حرج جداً»، وقد استهلك تماماً خلال الأيام الفائتة لعلاج المصابين في الاحتجاجات والحالات الطارئة، وتابعت: «المخزون المتبقي من الدم ضئيل جداً ولا يغطي الحاجات العادية ناهيك عن الحالات الحرجة».
من جهة أخرى، تواصلت عمليات الدهم والتفتيش والاعتقال التي تقوم بها قوات عسكرية في مختلف أنحاء البلاد، وبلغت أعداد المعتقلين والمختفين الذين لا تعرف أماكن إخفائهم، المئات منذ الانقلاب في الشهر الماضي. وقالت هيئة محامي دارفور – هيئة حقوقية نقابية – إن عدد الذين تم إلقاء القبض عليهم والمفقودين 71 في إقليم دارفور بغرب البلاد، وأصيب ستة معتقلين بفيروس «كورونا» وهم داخل المعتقلات، وإن حملات الاعتقالات في الإقليم ظلت متواصلة «منذ انقلاب الفريق أول عبد الفتاح البرهان». وقالت إن المعتقلين في مدينة نيالا تم وضعهم في غرفة سيئة التهوية، وبعضهم يعاني أمراضاً مزمنة، وإن التقارير الطبية أثبتت إصابة 6 منهم بالفيروس في سجن «الضعين» من مجموع 13 معتقلاً.
إلى ذلك، أفادت مصادر مطلعة أمس الاثنين بأن النائب الأول لرئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتي»، قدم اعتذاره عن عدم تولي منصب رئاسة لجنة مراجعة أعمال لجنة إزالة التمكين. وأصدر قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في وقت سابق، قراراً بتشكيل لجنة لمراجعة وتسلم الأموال المستردة بواسطة لجنة إزالة التمكين.
وأشار الموقع إلى أن البرهان جمد عمل لجنة إزالة التمكين ضمن أول قراراته عقب إطاحة الجيش بالحكومة المدنية وسيطرته على العملية السياسية في السودان الشهر الماضي.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.