هل الاسترخاء والترفيه «مضيعة للوقت»؟

رجل يشاهد التلفاز برفقة طفله (أرشيفية - رويترز)
رجل يشاهد التلفاز برفقة طفله (أرشيفية - رويترز)
TT

هل الاسترخاء والترفيه «مضيعة للوقت»؟

رجل يشاهد التلفاز برفقة طفله (أرشيفية - رويترز)
رجل يشاهد التلفاز برفقة طفله (أرشيفية - رويترز)

عندما سافرت سيلين مالكوك مع زوجها لأول مرة إلى بلدها تركيا، حاولت إعداد نفسها لأي شيء يمكن أن يحدث بشكل خاطئ - الرحلات الجوية المتأخرة، صعوبات التواصل بسبب اللغة المختلفة، وغيرها.
وقالت الباحثة في جامعة أوهايو الأميركية «لكنني لم أكن مستعدة للحظة التي تذمر فيها بينما كنا نسير على شاطئ جميل على ساحل بحر إيجة، وقال: ماذا سنفعل هنا؟».
أجابته مالكوك «ماذا تقصد؟ استلق واستمتع بالشمس والبحر... نحن هنا فقط للاسترخاء»، وفقاً لتقرير لشبكة «سي إن إن».
كانت هذه هي المرة الأولى التي شعرت فيها بالاختلافات الثقافية بينهما. وقالت «كان في حاجة إلى تنفيذ شيئاً ما... كنت أرغب في الاسترخاء. على مر السنين، أصبح أفضل في الاسترخاء، لكنني بدأت ألاحظ فكرة أنه من الضروري القيام بشيء ما، دائماً، في الولايات المتحدة».
وتساءلت «كيف يمكن أن تؤثر هذه المواقف على رفاهية الناس؟ وهل بعض الثقافات أكثر ميلاً من غيرها للترويج لمثل هذه المعتقدات؟».
وفي سلسلة من الدراسات الجديدة التي أجرتها مع زملائها أساتذة التسويق غابي تونييتو، وريبيكا ريكزيك، ومايك نورتون، حاولت الباحثة إيجاد بعض الإجابات.
في إحدى الدراسات، شارك 141 طالباً جامعياً في مختبر السلوك الخاص في جامعة ولاية أوهايو. وصلوا لإكمال سلسلة من الاستطلاعات عن مدى اتفاقهم مع بعض العبارات - «غالباً ما يكون الوقت الذي يقضونه في الأنشطة الترفيهية وقتاً ضائعاً»، «معظم الأنشطة الترفيهية هي وسيلة لإضاعة الوقت» - لقياس ما إذا كانوا يؤيدون فكرة أن وقت الفراغ لا طائل من ورائه.
خلال هذه الدراسة، شاهد المشاركون أربعة مقاطع فيديو مضحكة وشائعة على «يوتيوب» تم تصنيفها على أنها مسلية من قبل مجموعة مختلفة من المشاركين. بعد مشاهدة جميع مقاطع الفيديو الأربعة، أشار المشاركون إلى مدى استمتاعهم بها.
وقالت مالكوك «وجدنا أن المشاركين الذين اعتقدوا أن وقت الفراغ مضيعة للوقت لم يستمتعوا بمقاطع الفيديو بالقدر نفسه».
في دراسة متابعة، طلب الباحثون من المشاركين الإشارة إلى مدى استمتاعهم بالانخراط في مجموعة متنوعة من التجارب - بعضها نشط، مثل ممارسة الرياضة، والبعض الآخر ليس كذلك، مثل مشاهدة التلفزيون.
وتابعت ماكلوك «وجدنا أن أولئك الذين اعتبروا وقت الفراغ مضيعة للوقت يميلون إلى الاستمتاع بقدر أقل في جميع الأنواع المختلفة من الأنشطة. علاوة على ذلك، كان هؤلاء الأشخاص أيضاً أكثر عرضة للتوتر والقلق والاكتئاب».
*اعتقاد «عالمي»
في دراسة أخرى، أراد الباحثون أن يحددوا إلى أي مدى كانت هذه الظاهرة «أميركية» وفريدة. لذلك؛ قامت مالكوك بتجنيد مشاركين من فرنسا والولايات المتحدة والهند.
لقد طلبوا منهم الإشارة إلى درجة اتفاقهم مع فكرة أن وقت الفراغ مضيعة للوقت. تماشياً مع الصور النمطية السائدة، كان هناك عدد أقل بكثير من المشاركين الفرنسيين الذين اعتقدوا أن وقت الفراغ كان مضيعة للوقت مقارنة بالأميركيين.
لكن الفرنسيين الذين لديهم نظرة سلبية لقضاء أوقات الفراغ كانوا عرضة للتوتر والقلق والاكتئاب مثل نظرائهم الأميركيين والهنود. لذلك؛ بينما قد يعتقد الأميركيون والهنود بسهولة أكبر أن أوقات الفراغ مهدرة، فإن عواقب التمسك بهذا الاعتقاد تكون عالمية.
*أوقات الفراغ ليست «متساوية»
في الدراسة، ركز الباحثون بشكل حصري على ما يسميه علماء النفس «الترفيه النهائي» - الترفيه الذي يتم لمجرد الاستمتاع. هذا يختلف عن «الترفيه الآلي» - الترفيه الذي قد يخدم غرضاً أكبر، مثل تكوين صداقات أو البقاء بصحة جيدة، وبالتالي يُشعر بمزيد من الإنتاجية.
لذلك؛ اكتشفت مالكوك ما إذا كانت المواقف السلبية تجاه أوقات الفراغ ستكون أقل ضرراً للأنشطة الترفيهية المفيدة.
وقالت «وجدنا أن الاعتقاد بأن وقت الفراغ كان ضاراً بشكل خاص عند الاستمتاع بالأنشطة النهائية، مثل الذهاب إلى حفلة. من ناحية أخرى، فقد عززت الأنشطة الآلية، مثل أخذ الأطفال في نزهة، بالشعور بالاستمتاع».
الأخبار الجيدة؟ ما إذا كان نشاط معين نهائياً أو مفيداً، فإن الترفيه نسبي ويعتمد على الشخص والموقف. على سبيل المثال، قد يمارس الناس الرياضة من أجل المتعة (دافع نهائي) أو لإنقاص الوزن (دافع فعال)، ويمكن دائما تغيير الإطار.
وأضافت مالكوك «قد لا يكون من السهل تغيير ما تؤمن به عن أوقات الفراغ. ولكن من خلال إعادة صياغة الأنشطة الترفيهية كأداة مفيدة، نأمل أن يجني المزيد من الناس فوائدهم الحقيقية: الرضا والتعافي وتحسين الصحة العقلية».


مقالات ذات صلة

صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تقوم الكبد بالعديد من الوظائف الحيوية بالجسم (رويترز)

ما سبب زيادة انتشار مرض الكبد الدهني خلال السنوات الأخيرة؟

أكد طبيب أميركي أن الاستهلاك المتزايد للمشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والأطعمة شديدة المعالجة ساهم في زيادة انتشار «مرض الكبد الدهني» خلال السنوات الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشباب والأطفال الأعلى تفاؤلاً يميلون إلى أن يكونوا أفضل صحة (رويترز)

كيف يؤثر التفاؤل على صحة الأطفال والشباب؟

كشفت دراسة جديدة عن أن صغار السن الأعلى تفاؤلاً بشأن مستقبلهم يميلون في الواقع إلى أن يكونوا أفضل صحة بشكل ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي (رويترز)

الإنجاب في سن صغيرة قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الثدي

كشفت دراسة علمية جديدة أن إنجاب الأطفال في سن صغيرة يوفر تأثيراً وقائياً ضد سرطان الثدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

منتدى المرأة العالمي ينطلق اليوم في دبي ويناقش دورها في 3 محاور رئيسية

جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)
TT

منتدى المرأة العالمي ينطلق اليوم في دبي ويناقش دورها في 3 محاور رئيسية

جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من جلسة في دورة سابقة لمنتدى المرأة العالمي في دبي (الشرق الأوسط)

يناقش منتدى المرأة العالمي دبي 2024، الذي ينطلق اليوم في دبي، محاور رئيسية ذات أبعاد استراتيجية تتعلق بدور المرأة العالمي، كما يبحث اقتصاد المستقبل، والمسؤوليات المشتركة، والتكنولوجيا المؤثرة، وذلك خلال فعاليات المنتدى الذي تقام على مدى يومي 26 و27 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.

ويسعى المنتدى إلى معالجة قضايا المرأة في ضوء التحديات العالمية المعاصرة، مع التركيز على تعزيز دورها شريكاً رئيسياً في تحقيق التنمية المستدامة، حيث يسلط الحدث الضوء على دور المرأة في قيادة التحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، ومواجهة التغير المناخي، إلى جانب تعزيز المساواة بين الجنسين وبناء الشراكات الدولية.

منصة استراتيجية لتمكين المرأة عالمياً

وأكدت منى المري، رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمرأة، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المنتدى يسعى لإيجاد حلول للقضايا والتحديات التي تواجه المرأة على المستوى العالمي.

وأوضحت المرّي أن المنتدى يبحث قضايا المرأة الملحّة ذات العلاقة بالتحديات العالمية الماثلة، وقالت: «المنتدى يهدف إلى إلقاء الضوء على تلك القضايا بطرق متعددة، تأسيساً على ناقشه في دورتيه السابقتين، وما يطرحه في دورته الثالثة من محاور ذات أبعاد استراتيجية».

وأضافت: «في قلب النقاشات، تتجلى الأدوار الرائدة التي تلعبها المرأة في مختلف المجالات الحيوية، سواء من خلال تبوئها لمناصب صنع القرار، أو من خلال ممارستها التأثير الفعال في مجالات بارزة مثل قيادة التحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والتصدي للتغير المناخي، والسعي نحو تحقيق الأمن والسلام والازدهار العالمي». ووفقاً لها، فإن إسهام المرأة في رسم معالم المسؤوليات العالمية، يجعلها شريكاً أساسياً في تشكيل مستقبل الشعوب وصياغة سياسات التنمية المستدامة.

وأشادت المري بجهود ومبادرات حرم الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين ورئيسة مؤسسة دبي للمرأة، التي عززت حضور المرأة في المناصب القيادية وزادت من تأثيرها في المجالات الحيوية.

اقتصاد المستقبل والتكنولوجيا المؤثرة

ولفتت المرّي إلى أن المنتدى يولي اهتماماً خاصاً للتعاون والشراكات الدولية؛ كونها تعد حجر الزاوية في استراتيجية التوازن بين الجنسين في دولة الإمارات، وأوضحت: «تحقيق أي تقدم ملموس في هذا المجال، سواء على الصعيدين الإقليمي أو العالمي، يتطلب مواصلة الجهود وتطوير شراكات متينة توفّر المنصة الضرورية للوصول إلى أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الهدف الخامس الذي يُركز على تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات».

ويتناول المنتدى دور المرأة في صياغة اقتصاد المستقبل عبر استعراض تجارب رائدة ومناقشة قضايا ملحة مثل الابتكار وريادة الأعمال. كما يركز على التكنولوجيا بوصفها عنصراً أساسياً لتحقيق التغيير، مع تسليط الضوء على أهمية تمكين المرأة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي.

وأضافت المري أن المنتدى سيبرز مساهمة المرأة في مواجهة التحديات العالمية مثل التغير المناخي وتحقيق الأمن الغذائي والسلام العالمي، وقالت: «إشراك المرأة في صياغة السياسات العالمية يُعد خطوة محورية نحو بناء مجتمعات أكثر استدامة وعدلاً».

كما ركزت المري على أهمية الشراكات الدولية بوصفها ركيزة لتحقيق التوازن بين الجنسين، مشيرة إلى إطلاق مبادرات نوعية خلال المنتدى، أبرزها توقيع مجلس الإمارات مبادرة للتوازن بين الجنسين مع عدد من مؤسسات القطاع الخاص لتعزيز نسبة النساء في المناصب القيادية إلى 30 في المائة بحلول عام 2025، وأوضحت: «تحقيق تقدم ملموس في المساواة بين الجنسين يتطلب تضافر الجهود بين الحكومات والقطاع الخاص عبر شراكات مستدامة».

منى المري رئيسة مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمرأة

مشاركات ملهمة

وبحسب المعلومات الصادرة، فإن المنتدى يجمع نخبة من القيادات وصناع القرار من مختلف أنحاء العالم، من بينهم أكثر من 25 وزيراً ووزيرة وشخصيات بارزة تشمل: الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون بدبي، التي ستناقش رؤيتها لدبلوماسية الثقافة، وأمينة إردوغان، حرم الرئيس التركي، التي ستشارك في جلسات تسلط الضوء على تمكين المرأة عالمياً، بالإضافة إلى سعيدة ميرضيائيفا، مساعدة رئيس أوزبكستان، وآصفة بوتو زرداري، السيدة الأولى في باكستان، وإليزا ريد، السيدة الأولى السابقة لآيسلندا، وإيرين فيلين، ممثل الناتو الخاص للمرأة والسلام والأمن.

كما تشارك شخصيات ملهمة من القطاع الخاص مثل كاميل فاسكيز، محامية النجم العالمي جوني ديب، وأشواريا راي، نجمة السينما العالمية.

التمكين

وفقاً لمنى المرّي، فإن تنظيم مؤسسة دبي للمرأة لهذا المنتدى العالمي الذي يجمع نخبة من القيادات الحكومية والمنظمات والهيئات الدولية والخبراء وأصحاب التجارب المُلهِمة من حول العالم، يؤكد التزام الإمارات بتمكين المرأة وريادتها في تعزيز الوعي بالقضايا والتحديات القائمة على الساحة العالمية.

وقالت: «دبي، بحضورها الدولي، تواصل تعزيز مكانتها مركزاً عالمياً للحوار والتنمية، حيث يقدم المنتدى فرصة لبناء شراكات استراتيجية تدعم تمكين المرأة عالمياً، وتسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة».