ميقاتي لن يدعو حكومته للانعقاد خشية «انفجارها من الداخل»

TT

ميقاتي لن يدعو حكومته للانعقاد خشية «انفجارها من الداخل»

ينتظر الوسط السياسي بفارغ الصبر عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى بيروت بعد مشاركته في قمة التغير المناخي التي عُقدت في غلاسكو في اسكوتلندا للتأكد من مدى قدرته على فتح ثغرة في جدار الأزمة غير المسبوقة التي تسيطر على علاقات لبنان بدول الخليج العربي وما إذا كان سيلقى التجاوب المطلوب من رئيس الجمهورية ميشال عون، والقوى السياسية المشاركة في الحكومة في حال ارتأى أن يدرجها على جدول أعمال جلسة طارئة لمجلس الوزراء تُخصص للبحث في إيجاد المخارج الكفيلة بتسويتها.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر سياسي بارز يواكب عن كثب مروحة الاتصالات التي عقدها ميقاتي مع عدد من قادة وزعماء الدول وكبار مسؤوليها على هامش مشاركته في القمة المناخية، أن رئيس الحكومة بما لديه من علاقات عربية ودولية نجح في الحفاظ على الدعم الدولي للبنان للخروج من أزماته الكارثية وإن كان الذين التقاهم نأوا بأنفسهم عن الدخول كطرف في أزمة انعدام الثقة القائمة في لبنان على خلفية الإساءة التي تسبب بها وزير الإعلام جورج قرداحي.
ولفت المصدر السياسي إلى أن ميقاتي وإن كان تمكّن من إعادة لملمة الموقف الدولي الداعم للبنان وتجميعه، فإنه في المقابل تلقى نصيحة بضرورة التحرك داخلياً لإعادة ترميم البيت الداخلي للحكومة ليكون في وسع المجتمع الدولي مساعدته، خصوصاً أن جميع الذين التقاهم شددوا على ضرورة عدم استقالة الحكومة، ليس بسبب تعذّر البديل فحسب، وإنما لأن استقالتها تُفقد لبنان فرصة الحصول على مساعدات مالية واقتصادية للعبور به إلى مرحلة التعافي المالي من خلال تزخيم المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
ورأى أن عودة ميقاتي إلى بيروت ستؤدي حكماً إلى تصويب المسار العام، الخاص بالتعاطي مع ملف العلاقات اللبنانية – الخليجية. وقال إن ميقاتي الذي كان على تواصل مع عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورؤساء الحكومات السابقين، والبطريرك الماروني بشارة الراعي، وعدد آخر من الوزراء والقيادات السياسية في أثناء وجوده في الخارج سيُجري فوراً مروحة من اللقاءات والاتصالات لاستمزاج الآراء حول دعوة مجلس الوزراء للانعقاد في حال امتنع قرداحي مجدداً عن تقديره للمصلحة الوطنية وبادر إلى تقديم استقالته.
وتردد أن استقالته كانت حتمية وأن عون لم يكن بعيداً عنها أو في منأى عن الاتصالات التي أجراها ميقاتي في هذا الخصوص، لكن هناك مَن أعاق إقدامه على هذه الخطوة، وكان لـ«حزب الله»، حسب المصدر نفسه، دور في توفير الغطاء السياسي لوزير الإعلام ما دفعه إلى تجميد استقالته، معتبراً أنها ليست واردة رغم أن زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية فتح الباب أمام استقالته، ولم يكن مضطراً للاستفاضة في حديثه عن علاقات لبنان بدول الخليج.
وفي المقابل، لاحظ المصدر السياسي عدم دخول بري لا سلباً ولا إيجاباً على خط التصعيد الإعلامي الذي قاده حليفه «حزب الله» بتشجيعه قرداحي على عدم الاستقالة، ورأى أنه آثر عدم الدخول في السجالات الدائرة، وأوعز إلى نوابه والمسؤولين في حركة «أمل» بعدم مقاربة ملف العلاقات، وهذا ما برز جلياً من خلال البيان الأسبوعي للمكتب السياسي لـ«أمل» الذي تجنّب الإشارة إلى الأزمة التي تسيطر على هذه العلاقات.
وأكد أن عدم دخول بري كطرف في السجال والتصعيد الإعلامي والسياسي الذي لم يتوقف حتى الساعة، لا يعني بالضرورة أنه أخذ على عاتقه الصمت بمقدار ما أنّ وقف تبادل الحملات النارية يمكن أن يتيح لرئيس المجلس التدخل في الوقت المناسب ليكون شريكاً في إخراج هذه العلاقات من التأزُّم الذي يحاصرها.
وعليه يستبعد المصدر أن يدعو ميقاتي لانعقاد مجلس الوزراء من باب المغامرة أو تسجيل موقف يمكن أن يفجّر الحكومة من الداخل، فيما تواجه صعوبة في انعقاده ما حوّلها إلى حكومة «تصريف أعمال» ويمكنه التلويح بدعوته لاستئناف جلساته للضغط على قرداحي للاستقالة، وإلا سيضطر لاتخاذ موقف ليس في حسبان القوى السياسية التي تهدد بتعطيل أي قرار يصدر عن الحكومة بإقالة وزير الإعلام، مع أن المجتمع الدولي لا يُدرج استقالته على جدول أعماله، وتَردد أن باريس دخلت حالياً على خط الاتصالات بعدد من الأطراف وتحديداً بعون وفريقه السياسي، ناصحةً باتخاذ الموقف الذي يقود حتماً إلى خفض منسوب التوتر الذي يحاصر علاقات لبنان بدول الخليج.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.