المازوت الإيراني... حيلة دعائية لـ«حزب الله» تسقط من الشحنة الأولى

نوعية رديئة تؤمن أرباحاً لخزينة الحزب... لم يصل منها إلى لبنان إلا دفعة وحيدة

TT

المازوت الإيراني... حيلة دعائية لـ«حزب الله» تسقط من الشحنة الأولى

بعد أشهر قليلة على وعد الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، بإدخال المحروقات الإيرانية للبنان، تبين أن الأمر لم يكن سوى حملة علاقات عامة نفذها الحزب وروج لها في الإعلام وبرصاص الابتهاج الذي أطلقه مناصرو الحزب لدى وصول الشاحنات.
وكان نصر الله تحدث عن أربع شحنات من المحروقات أرسلتها إيران إلى لبنان ليتبين أن شحنة وحيدة دخلت لبنان، ويبدو أنها ستكون الأخيرة، علماً بأنها تحولت من وعد بحل للأزمة، إلى مصدر دخل للحزب الذي رفع أسعار هذه المحروقات بنحو مائة في المائة عندما رفعت الدولة اللبنانية الدعم عن المحروقات، رغم أن الحزب لا يدفع أي عمولات جمركية أو ضريبة القيمة المضافة أو رسوم أخرى لخزينة الدولة، علماً بأن شكاوى عدة سجلت من نوعية المازوت الإيراني الذي يصلح للأفران، ولا يناسب مولدات الكهرباء.
ويشكو، أحمد، أحد مسؤولي بناء في ضاحية بيروت الجنوبية من أن المازوت الإيراني الذي استعمله لتشغيل المولد الكهربائي للمبنى أدى إلى تعطل مصفاة الوقود «ودفعنا نحو 200 دولار لإصلاحها»، ولهذه الأسباب تريث البعض الآخر في استخدام هذا المازوت وطرح حوله علامات استفهام خصوصاً أنه لا يخضع للفحوصات المخبرية اللازمة للتأكد من مدى مطابقته للمواصفات.
وزادت شكوك بعض اللبنانيين خصوصاً بعدما تبين أن المازوت القادم من إيران من النوع الأحمر، رغم أن لبنان توقف عن استيراد هذا النوع في عام 2018 وانتقل بشكل كلي إلى المازوت الأخضر، الأمر الذي اعتبر آنذاك إنجازاً بيئياً نظراً لما يسببه الأول من تلوث بيئي، وقال وزير الطاقة آنذاك سيزار أبي خليل: «لن يبقى مازوت ملوث في السوق اللبنانية»، إذ يكمن الفرق بين نسبة الكبريت المرتفعة في المازوت الأحمر والنسبة المنخفضة في المازوت الأخضر.
وفي هذا الإطار، يوضح مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة اللبنانية والمياه غسان بيضون لـ«الشرق الأوسط» أن «المازوت الإيراني لا يخضع للرقابة ولا للآلية الرسمية وبالتالي لا تجرى عليه فحوصات»، ويشرح أنه «من حيث المبدأ لا يمكن الجزم بمطابقته للمواصفات ومن الممكن أن يكون من النوعية الرديئة».
أما عن الفرق بين المازوت الأخضر والأحمر، فيفسر أن الأحمر يعطي مردوداً حرارياً أكثر، ويضيف: «ما يميزه أنه يعمل لفترة أطول، أي سرعة احتراقه أقل، ولكن مشكلته أنه يسبب دخاناً كثيفاً وله أضرار بيئية ورائحة غير مستحبة».
ويوضح عضو لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب في كتلة «المستقبل» سمير الجسر لـ«الشرق الأوسط»، أن «المازوت الإيراني لا يخضع لأي فحوصات من قبل وزارة الطاقة لأنه بطبيعة الحال لا يصل إلى لبنان عبر الطريقة المعتادة التي تصل فيها البواخر، وبالتالي لا يمكن البت بمطابقته للمواصفات أو التأكد من مدى ضرره».
ويقول: «الموضوع الأهم أن ما يحصل سببه غياب الحكومة السابقة (حكومة رئيس الوزراء الأسبق حسان دياب) التي لم تقدم أي حل لسد هذه الثغرة لناحية تأمين المحروقات والمازوت الذي يعتبر مادة حيوية للمعامل والمخابز والمستشفيات والمواطنين».
وكان لأزمة المازوت في الصيف الماضي وقع مدوٍّ على حياة سكان لبنان وأمنهم الاجتماعي، وزادت على معاناتهم الاقتصادية وزرا إضافيا، خصوصا في ظل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة تصل إلى أكثر من 20 ساعة في اليوم وسط عجز أصحاب المولدات عن تأمين التغذية بسبب انقطاع المازوت.
وبحسب الجسر، فإنه «في فترة الانهيارات المتلاحقة التي أصابت لبنان منذ سنتين وحتى اليوم لم يعد هناك ضوابط وأصبح كل فرد يفعل ما يحلو له، ولكن يجب أن نعود جميعاً إلى كنف الدولة». ويقول: «إيران ليست جمعية خيرية، وهي تفكر بمصلحتها قبل أي شيء آخر، وبالتالي سيتوقف الإيرانيون عن إمداد (حزب الله) بالمازوت متى تأمن في السوق اللبناني».
وكان نصر الله قد أعلن في سبتمبر (أيلول) الماضي، أن إيران سترسل أربع شحنات من الوقود إلى لبنان عبر مرفأ بانياس في سوريا، وبالفعل أدخلت شحنة المازوت الإيراني الأولى إلى مرفأ بانياس في 13 سبتمبر (أيلول)، وتم تفريغ حمولتها في 80 صهريجا سوريا ووصلت إلى لبنان في 16 من الشهر ذاته وسط احتفالات محازبي نصر الله الذي أعلن أن شحنة ثانية من المازوت ستصل إلى بانياس بعد أيام من الأولى، تليها شحنة ثالثة من البنزين ورابعة من المازوت. إلا أن لبنان لم يسجل دخول أي شحنة أخرى منذ أيلول الماضي، ما يطرح التساؤلات خصوصا أن إفراغ حمولة الشحنة الأولى وسلوكها طريق سوريا - لبنان لم يستغرق أكثر من ثلاثة أيام.
وفي هذا الإطار، يقول بيضون إن «شحنة وحيدة دخلت إلى لبنان وهي التي تم الإعلان عنها، والشحنة الثانية وصلت إلى بانياس لكنها لم تدخل الأراضي اللبنانية بعد»، مشيراً إلى أن برنامج الشحنة الأولى قد انتهى والحزب الآن بصدد التحضير لبرنامج الشحنة الثانية، لكنه بالمقابل لم يحدد تاريخاً لدخول الشحنة إلى لبنان.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».