مصر: احتفاء رئاسي بطفل أتم حفظ القرآن في سن الخامسة

السيسي دعاه للتلاوة خلال افتتاح أول مشروع مقبل

الطفل المصري أحمد تامر (أرشيفية)
الطفل المصري أحمد تامر (أرشيفية)
TT

مصر: احتفاء رئاسي بطفل أتم حفظ القرآن في سن الخامسة

الطفل المصري أحمد تامر (أرشيفية)
الطفل المصري أحمد تامر (أرشيفية)

احتفاء رئاسي وشعبي حظي به الطفل المصري أحمد تامر (8 سنوات)، عقب ظهوره على إحدى المحطات الفضائية، مساء أمس (الأربعاء)، لإظهار قدراته التي مكّنته من حفظ القرآن الكريم، وتلاوته في سن الخامسة، ليفاجأ الطفل أحمد بمداخلة هاتفية من الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن فيها دعمه لموهبته، ودعاه لتلاوة القرآن في افتتاح أول مشروع مقبل.
وحملت مداخلة الرئيس السيسي التلفزيونية تأكيدات على «أهمية دعم مواهب الأطفال وتنميتها، والتعرف على نقاط القوة لديهم وتعزيزها، مع المطالبة بالاهتمام باللغة العربية وحفظ القرآن الكريم».
وقال السيسي، في مداخلة هاتفية مع برنامج «يحدث في مصر» الذي يقدمه الإعلامي شريف عامر على فضائية «إم بي سي مصر» إن «الأطفال يمتلكون مهارات وقدرات يجب على الأسرة تنميتها والاهتمام بالرياضة ليكون هذا النبت الجميل مصدر فخر لنا»، موجهاً التحية للطفل أحمد وأسرته، قائلاً: «البركة كلها معاك وربنا يحميك لأنك حافظ كلام ربنا، وأدعوك لتلاوة آيات القرآن الكريم خلال افتتاح أول مشروع مقبل... ستكون شيخنا يا أحمد».

وشدد السيسي على «أهمية فهم نصوص القرآن الكريم وتدبر معانيه، وعدم الاكتفاء بالحفظ دون فهم».
مداخلة الرئيس قوبلت بترحيب شديد من جانب أسرة أحمد وجيرانه في قرية «شنبارة الطنانية» التابعة لمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية بدلتا مصر، وحظيت المداخلة باهتمام المصريين الذين تداولوها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أعرب والد الطفل أحمد، في تصريحات صحافية، عن سعادته بدعم الرئيس الذي لم يكن يتوقعه.
بدوره، أكد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن «دعم الرئيس السيسي لموهبة أحمد ودعوته للاهتمام باللغة العربية وحفظ القرآن الكريم، يتماشيان مع الذائقة الشعبية للمصريين الذين يحرص كثير منهم على تعليم أولادهم القرآن على يد شيخ».

وهذه ليست المداخلة الأولى من نوعها، فالرئيس المصري حريص على مخاطبة المصريين في كثير من الموضوعات التي تهمهم، وخلال الفترة الماضية أدلى بتصريحات صحافية في مداخلات هاتفية مفاجئة على الهواء، لدعم أبطال رياضيين، أو توضيح قضية إنسانية تحظى باهتمام المصريين، من بينها مداخلته لدعم البطلة الأولمبية المصرية فريال أشرف خلال استضافتها في برنامج التاسعة على شاشة التلفزيون المصري في أغسطس (آب) الماضي، ومداخلته في فبراير (شباط) الماضي مع برنامج «الحكاية» الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب، للحديث عن عدد من الملفات الداخلية ومخالفات البناء والعشوائيات.
وقال صادق إن «هذه المداخلة وغيرها من المداخلات تشير إلى اهتمام الرئيس بالبعد الإنساني لحياة المصريين».
ووجّه الرئيس السيسي خلال مداخلته التحية إلى الإعلام، مؤكداً «أهمية دوره»، وموضحاً أن «الإعلامي المخلص لرسالته له أجر كبير عند الله، وتحرّي الصدق له أيضاً مثل ذلك الأجر»، ومشدداً على «ضرورة الالتزام بالدقة والموضوعية في العمل الإعلامي عند تناول أي قضية».
يُذكر أن أحمد تامر حفظ القرآن الكريم كاملاً بالتجويد، في سن 5 سنوات ونصف، بمساعدة والديه وعمته، وحصل على المركز الأول في مسابقة شيخ الأزهر، والمركز الأول بمحافظة الشرقية، وتعلم التجويد على يد الشيخ محمد علي سليمان بالشرقية.



«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
TT

«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)

يقصد عيادةَ اختصاصية التغذية اللبنانية، فيرا متّى، مواظبون على خطط غذائية تقي ويلات؛ منها السكّري. هؤلاء، في معظمهم، لم يغادروا المنازل نحو سقوف تتراءى آمنة من التوحّش المُعادي. في مقابلهم، يُفرِط كثيرون في تناول الطعام لسدّ حاجة إلى امتلاء تفرضه فراغات مؤلمة. لطالما تأكّدت العلاقة الشائكة بين المعدة والعالم الخارجي، وبدا وثيقاً الرابط بين الطعام والظرف. هذه أيامٌ مضطربة. جَرْفٌ من النزوح والخوف وفوضى الوقت. لذا تتدخّل الشهية في ترميم ما يتجوَّف. وتمنح بعض الأصناف اللذيذة شعوراً بالسكينة. فماذا يحدُث لدواخلنا، وهل النجاة حقاً بالأكل؟

اختصاصية السلوك الغذائي والتغذية العيادية الدكتورة فيرا متّى (حسابها الشخصي)

ينطبق وَصْف «ستريس إيترز (الأكل العاطفي)» على ملتهمي الطعام الملوَّعين بالمآسي. تقول اختصاصية السلوك الغذائي والتغذية العيادية، الدكتورة فيرا متّى، إنهم يشاءون مما يتناولونه الإحساس بواقع أفضل. تتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن وَقْع الاضطراب في الأجساد والنفوس، فتتصدّى له، عموماً، أصناف المأكولات وكمّياتها: «تاركو المنازل يتابعون النقل المباشر للحرب دون انقطاع. يتفاقم توتّرهم وينمو الشعور بعدم الأمان. ذلك يعزّز هرمونات تشتهي أنواع السكّر، وقد تتعدّى الرغبةُ الحلويات إلى الأملاح، دفعةً واحدة، دون فاصل أو استراحة أضراس».

تحسم تبدُّل العادات الغذائية أو تأثّرها في أقل تقدير. فغذاء النازح غالباً «غير صحّي»، ويُعمّق سوءه «النوم المتقطّع، والروتين المستجدّ». تشرح: «ضرر ذلك على الأطفال الحدّ من نموّهم الفكري والجسدي، بينما يمسُّ هرمون الكورتيزول المُسبِّب تكوُّن الدهون على بطن الكبار، فتتحقّق زيادة الوزن وإن قلَّ التهام الطعام جراء اضطراب النوم والتوتّر العالي. هنا، يتحوّل كل ما يدخل الفم إلى دهون لإصابة هذا الهرمون بالارتفاع اللافت مُحوطاً بعوامل تُصعِّب انخفاضه».

تستوقفها وضعية التغذية المستجدّة، لتراوحها بين القلّة والسوء: «قد يحضُر الطعام على شكل معلّبات مثلاً. هذه طافحة بالصوديوم والسكّر المُضاف، وتحتوي مواد كيميائية تُسبّب السرطان على المدى الطويل. بذلك، لا يعود نقصُ الطعام مُسبِّبَ المرض؛ وإنما سوءه».

غذاء النازح غالباً غير صحّي ويُعمّق سوءه النوم المتقطّع (أ.ف.ب)

ما يُفعِّل تناقُل الأمراض، وفق فيرا متّى، «الطعام غير المحفوظ جيداً». تتحدّث عن حالات بكتيرية تتمثّل في عوارض؛ منها التقيّؤ واضطراب الأمعاء، لغياب الثلاجات أو انقطاع الكهرباء. «ذلك يُخفّض المناعة وينشر الأوبئة، خصوصاً بين الأطفال. أما الكبار فيفاقمون مشكلات السكّري والشرايين والكولسترول وتشحُّم الكبد إنْ عانوها».

تعطي نسبة 20 في المائة فقط، من بين مَن تابعتْ حالتهم الغذائية، لمن لا يزالون يلتزمون نظامهم الصحّي. آخرون لوَّعهم السكّري، فازدادوا لوعة، وضخَّم تبدُّلُ غذائهم معاناتهم مع الأمراض. من دورها العيادي، تحاول إعادة أمور إلى نصابها: «نركّز اليوم على السلامة الغذائية، وكيفية تعامُل النازحين مع واقعهم الصحّي. دورنا توعوي. علينا الحدّ من التسمُّم، فأزمة الدواء لم تُحلّ، والمستشفيات توفّر استيعابها للجرحى. لا بدّ من تفادي تحميلها أعباء إضافية».

تفترض إخضاع اللبنانيين لفحص يختبر انجراف معظمهم خلف «الأكل العاطفي»، وتضمن النتيجة: «قلة فقط ستكون خارج القائمة». تصوغ معادلة هذه الأيام: «تلفزيون وبرادات. الالتهام فظيع للأخبار والمأكولات. لا شيء آخر. نحاول جَعْل هذا البراد صحّياً».

إنها الحرب؛ بشاعتها تفرض البحث عن ملاذ، ومطاردة لحظة تُحتَسب، والسعي خلف فسحة، فيتراءى الطعام تعويضاً رقيقاً. بالنسبة إلى اختصاصية التغذية، إنه «إحساس بالامتلاء وبأنّ مَن يتناوله لا يزال حياً». تحت قسوة هذه الأيام ومُرّها، لا يعود الإحساس بالذنب المُرافق للإفراط في تناوله، هو الغالب... «يتراجع ليتقدّم الشعور بالنجاة. مساعي البقاء تهزم فكرة الكيلوغرامات الزائدة. بإمكان الأكل العاطفي إتاحة المساحة للراحة والسعادة. ذلك يسبق تسبّبه في ثقل وزيادة الوزن. بتحقّقهما، يلوح الذنب، وإنما في مرحلة لاحقة، بعد بهجة الامتلاء الداخلي».

ضرر سوء الغذاء على الأطفال يمسّ بنموّهم الفكري والجسدي (د.ب.أ)

تتفهّم الحاجة إلى اللحاق بكل ما يُعزّي والتشبُّث به. الطعام يتقدَّم. ترى أن لا أحد مخوَّلاً تقديم نصيحة لنازح من نوع «اضبط شهيتك بينما القصف في جوارك». برأيها، «يكفي الخوف وحده شعوراً سيئاً». يهمّها «الحدّ من نتائج كارثية ستظهر بوضوح بعد الحرب»، مُفضِّلة الاستعانة بالتمر مثلاً بدل «القضاء على علبة شيكولاته» والقهوة البيضاء لتقليص ضخّ الكافيين.

وتنصح بالتنفُّس والرياضة، فهما «يهدّئان هرمون الأعصاب»، وبالنظافة بما «تشمل غلي الماء قبل استعماله حال الشكّ في مصدره». تضيف: «الاستغناء عن تناول دجاج ولحوم أُبقيت مدّة خارج الثلاجة، لاحتمال فسادها، على عكس الحمّص والصعتر، مثلاً، القابلَيْن لعمر أطول». أما الحصص الغذائية، فالمفيد منها «التونة والسردين والأرز والمعكرونة وزيت الزيتون، ولا بأس بمعلّبات البازلاء والذرة بديلاً للخضراوات. يُفضَّل استبعاد اللحوم المصنّعة. الحليب المجفَّف جيّد أيضاً لغياب الطبيعي».