خلاف أوروبي بشأن كيفية التعامل مع ارتفاع أسعار الغاز

وسط اتهامات أميركية لروسيا باستخدام الغاز الطبيعي سلاحاً في أزمة الطاقة

وزير الاقتصاد الهولندي ستيف بلوك (يسار) يتحدث مع مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون (يمين) في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)
وزير الاقتصاد الهولندي ستيف بلوك (يسار) يتحدث مع مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون (يمين) في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)
TT

خلاف أوروبي بشأن كيفية التعامل مع ارتفاع أسعار الغاز

وزير الاقتصاد الهولندي ستيف بلوك (يسار) يتحدث مع مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون (يمين) في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)
وزير الاقتصاد الهولندي ستيف بلوك (يسار) يتحدث مع مفوضة الطاقة الأوروبية كادري سيمسون (يمين) في لوكسمبورغ (إ.ب.أ)

عقد وزراء الطاقة الأوروبيون اجتماعاً طارئاً، الثلاثاء، لمناقشة كيفية التعامل مع ارتفاع أسعار الغاز، فيما رفضت 11 دولة؛ بينها ألمانيا، مقترحات فرنسية وإسبانية بإدخال إصلاحات سوقية عميقة.
وجاء اجتماع لوكسمبورغ بين قمة للاتحاد الأوروبي عقدت الأسبوع الماضي وتطرّقت إلى المسألة ذاتها، و«مؤتمر الأطراف السادس والعشرين (كوب26)» المرتقب الأسبوع المقبل في أسكوتلندا. ويأتي على وقع ارتفاع أسعار الطاقة على مستوى العالم مع عودة حركة اقتصادات العديد من الدول إلى الحياة بعد جمود طويل تسبب فيه «كوفيد19».
وارتفعت أسعار الطاقة في أوروبا التي تعتمد بدرجة كبيرة على الغاز والنفط المستوردين، بشكل كبير، خصوصاً على خلفية الارتفاع الذي طرأ على أسعار الغاز للبيع الفوري والتي تعدّ مرجعية.
وتوصلت المفوضية الأوروبية إلى سلسلة إجراءات للتخفيف من ارتفاع الأسعار في الأمد القريب، تمثّلت خصوصاً في تشجيع الدول الأعضاء على خفض الضرائب والرسوم التي تشكّل عادة نحو ثلث فواتير الطاقة. لكن إسبانيا سعت إلى إقناع الدول الأعضاء بدعم خطتها التي تقوم على شراء دول التكتل الغاز بشكل مشترك على غرار الطريقة التي اشترت بها لقاحات «كوفيد19».
وتسعى فرنسا، الداعمة لإسبانيا، إلى إعادة تصميم سوق الطاقة الأوروبية لجعل الغاز مكوّناً أقل أهمية في تحديد الأسعار، وهو أمر يتناسب مع مزيج الطاقة المحلي لديها، والذي يأتي 70 في المائة منه من الطاقة النووية. وأفادت 9 دول؛ بينها النمسا والدنمارك وفنلندا وألمانيا وآيرلندا وهولندا، في بيان مشترك قبل اجتماع الثلاثاء، بأنها تعارض إدخال تغييرات أساسية في سوق الاتحاد الأوروبي.
وقالت: «بُنيت السوق الداخلية للغاز والكهرباء بشكل مشترك وتدريجي على مدى العقود الماضية. تساهم الأسواق التنافسية في الإبداع وأمن الإمداد، وتمثل بالتالي عنصراً أساسياً لتسهيل الانتقال» باتجاه طموح الاتحاد الأوروبي الوصول إلى مستقبل بانبعاثات كربونية منخفضة.
وأشارت لوكسمبورغ؛ التي كانت بين الدول الموقعة، إلى أن السويد وبلجيكا وقعتا أيضاً على البيان؛ ما رفع العدد الإجمالي للدول الداعمة له إلى 11. وقال وزير الطاقة في لوكسمبورغ، كلود تورمس، للصحافيين لدى وصوله إلى الاجتماع: «تبالغ الحكومة الإسبانية في وعودها عندما تقول إن شراء الطاقة بشكل مشترك سيحل الأزمة. حل الأزمة يكون عبر الاستثمارات الفعالة».
لكن وزيرة الطاقة الإسبانية، ساره اجيسين مونوز، رأت أن ارتفاع أسعار الطاقة «استثنائي وطارئ ويستدعي تحركاً عاجلاً». وقالت: «مقترحنا واضح وقوي للغاية»، مضيفة أنها تسعى لكسب تأييد نظرائها «من خلال الوقائع». وتابعت: «الانتقال في (مصادر) الطاقة والتحوّل الصديق للبيئة ووقف الانبعاثات الكربونية الذي تعدّ أوروبا ملتزمة به، غير ممكن إلا إذا أدرك المستهلكون والصناعات فوائد هذا التحول».
في غضون ذلك، قال مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن لأمن الطاقة، مساء الاثنين، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقترب من استخدام الغاز الطبيعي أداة سياسية إذا لم ترسل روسيا الوقود إلى أوروبا التي تعاني نقصاً حاداً في الطاقة. وأبلغ أموس هوكستين، مستشار بايدن، الصحافيين عندما سئل عما إذا كان بوتين يستخدم الغاز سلاحاً: «أظن أننا نقترب من ذلك الحد إذا كان لدى روسيا فعلاً إمدادات من الغاز يمكن توريدها واختارت ألا تفعل ذلك إلا إذا أذعنت أوروبا لمطالب أخرى لا علاقة لها على الإطلاق بالطاقة».
وقال هوكستين إن أسعار الغاز في أوروبا ترتفع ليس فقط بسبب أحداث في المنطقة؛ بل أيضاً بسبب موسم جفاف في الصين التي خفضت إنتاج الطاقة من المصادر المائية، وكذلك ازدياد المنافسة العالمية على الغاز الطبيعي. وأضاف أنه في حين أن عدداً من العوامل أدت إلى أزمة الغاز الأوروبية، فإن روسيا في أفضل وضع يمكنها من مساعدة أوروبا. وقال إنه لا يساوره شك في أن المورّد الوحيد في الوقت الحالي الذي يمكنه فعلاً أن يحدث فرقاً لأمن الطاقة الأوروبية هذا الشتاء هو روسيا.
ورفض بوتين تلميحات إلى أن موسكو تخفض إمدادات الغاز لدوافع سياسية، قائلاً إنها ستزيد التدفق بالقدر الذي يطلبه الشركاء. وألقى بوتين باللوم في وصول أسعار الغاز إلى مستويات قياسية مرتفعة على سياسة الاتحاد الأوروبي للطاقة، وقال إن روسيا يمكنها تعزيز الإمدادات إلى أوروبا حال حصول خط أنابيب الغاز «نورد ستريم2» على الموافقات اللازمة.



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.