لا يزال زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يتخوف من إمكانية حرف النصر الذي تحقق في تكريت وذلك من خلال المماطلة في عملية «مسك الأرض» التي يعدها المراقبون والمتابعون السياسيون في العراق بمثابة الاختبار الأهم لمصداقية الجهود التي قامت بها الجهات التي تولت عملية التحرير.
ورغم أن هذه المخاوف سواء كانت على صعيد مسك الأرض أو إعادة النازحين إلى منازلهم، لم تقتصر على الصدر فقط؛ بل عبر عن المخاوف ذاتها رئيس البرلمان سليم الجبوري، فإن رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي حاول تبديد مثل هذه المخاوف من خلال دعوته أمس إلى العودة السريعة للنازحين.
الصدر دعا في بيان الجيش العراقي والحشد الشعبي «المنصف» إلى مسك الأرض في تكريت وإبعاد «الميليشيات الوقحة»، ومنع قوات «الاحتلال» من التدخل في الشؤون العراقية. وأضاف الصدر أن «على الحكومة العراقية محاسبة كل من قام بجرائم ضد المدنيين العزل بعنوان طائفي أو غيره»، داعيا إلى «إبعاد قوات الاحتلال أرضا وجوا عن التدخل في الشؤون العراقية الأمنية والعسكرية وغيرها مطلقا». ولفت الصدر إلى أن «الحكومة أعلنت أن الجيش العراقي هو من حرر المناطق»، مضيفا أنه «لا يجب أن يكون هذا بداية للتهميش والإقصاء ونسيان جهاد الشرفاء منهم، أعني الحشد الشعبي». وشدد الصدر على «ضرورة إعلان المنطقة منطقة منكوبة جراء الحروب وإمدادها بالمساعدات الغذائية والطبية وغيرها».
في السياق نفسه، أكد رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة صلاح الدين خالد الخزرجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «إعادة النازحين إلى بيوتهم هي من أولويات عملية التحرير التي دفعنا من أجلها دما عراقيا غاليا من كل الأطياف والطوائف، ولكن العملية يجب ألا تخرج عن سياقاتها الطبيعية وتبدأ الماكينة الإعلامية تتحدث عن أمور إما ثانوية أو خروقات فردية هنا وهناك». وأضاف الخزرجي أن «توجيهات رئيس الوزراء واضحة في هذا المجال، وهو ما سيتم العمل به بسرعة، لكن ذلك يحتاج إلى توفير الأرضية المناسبة لجهة تنظيف تكريت من الألغام والمفخخات التي زرعها تنظيم داعش، وهو ما يتطلب جهدا جبارا، بالإضافة إلى أن إعادة ولو جزء من البنية التحتية التي تم تدميرها بالكامل، يحتاج إلى وقت هو الآخر، لكنه في كل الأحوال لن يكون طويلا». وبشأن ما إذا كانت هناك خطط لمواجهة ما يمكن أن يخطط له تنظيم داعش من احتمال عودة الهجمات في حال لم يتم مسك الأرض بصورة جيدة، قال الخزرجي إن «هناك تعزيزات كبيرة وصلت لهذا الغرض، بالإضافة إلى أن العشائر نفسها، لا سيما تلك التي تصدت لـ(داعش) وساهمت بفاعلية في عملية التحرير، ستتولى عملية مسك الأرض».
بدوره، حذر رئيس البرلمان سليم الجبوري من تأجيل تحرير باقي المناطق «المحتلة» من تنظيم داعش، بعد تحرير مدينة تكريت، ودعا إلى الإسراع بإعادة توطين النازحين في المناطق المحررة وتسليمهم ملف مسك الأرض، وقال الجبوري في كلمة له في مبنى البرلمان بمناسبة تحرير المدينة: «لا يمكن القبول بعودة الأرض مطلقا إلى الإرهاب، وهذا الأمر يتطلب تفعيل قوة مسك الأرض من أبناء تلك المناطق المحررة وبشكل مستعجل»، مؤكدا أن «المعركة مع الإرهاب مستمرة، ولا تزال لدينا مساحات من الوطن بيد الإرهاب، ولا ينبغي أن نضع السلاح جانبا». وأضاف الجبوري: «لا ينبغي تأجيل إعادة توطين النازحين في المناطق المحررة وذلك من خلال عمل مستعجل بين القوات الأمنية ومجالس المحافظات بما يضمن إعادتهم إلى منازلهم وفق برنامج يسهم في مسكهم للأرض وتأمينها»، مشيرا إلى أن «هذا الأمر يتطلب دعما وجهدا من قبل الحكومة لتمويل هذه العمليات وإعادة النازحين وإعمار ما تهدم من المناطق المحررة».
رئيس الوزراء حيدر العبادي أكد، بدوره، أنه «سيتم الاتفاق مع الحكومة المحلية لمحافظة صلاح الدين على الإسراع بإعادة العوائل النازحة إلى تكريت وباقي المناطق المحررة»، مثنيا على «جهود القوات الأمنية خلال تحريرها تكريت والمناطق المحيطة بها». وأضاف العبادي: «هناك خطة مستقبلية للحكومة المركزية بالتنسيق مع الحكومات المحلية للمحافظات المحررة على إعادة إعمار ما خربه الإرهاب».
في السياق نفسه، قال الشيخ عبد الوهاب السالم، أحد شيوخ تكريت، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه اضطر لنقل عائلته «إلى «محافظة كركوك بعد احتلال تكريت، لكن قرار العودة مرهون بما يتحقق على الأرض، لأن عملية التحرير العسكري لا تكفي؛ حيث هناك بنية تحتية مدمرة، ولا أعرف إن كان منزلي قد تم تفخيخه وتدميره أم لا، بالإضافة إلى جيوب التنظيم هنا وهناك». وأضاف السالم أنه «من المبكر الحديث عن عودة كاملة للنازحين والمهجرين، لكن الأهم من ذلك هو المصداقية في التعامل مع الناس، وذلك بإعادة قسم وتأجيل قسم آخر لأسباب تبدو في ظاهرها مقنعة، لكنها تخفي دوافع أخرى، مثلما حصل في الدور والبوعجيل؛ حيث حصلت عمليات اعتقال وانتقام وحرق للمنازل».
«مسك الأرض» اختبار للمصداقية بعد تحرير تكريت
إعادة النازحين تعتبر أولوية.. لكن يجب أولاً إصلاح ولو جزء من البنية التحتية المدمرة
«مسك الأرض» اختبار للمصداقية بعد تحرير تكريت
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة