يفتتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي والتي تستمر حتى 23 فبراير (شباط) بمشاركة رياضيي 101 دولة يتنافسون على 89 ميدالية ذهبية. والعدد الإجمالي هو أعلى بكثير من هذا الرقم نظرا لوجود ألعاب فردية وأخرى ثنائية وأيضا للفرق في 15 نوعا من أنواع الرياضية يتضمن بعضها سباقا والبعض الآخر اثنين أو أكثر.
وقامت محلات أدامس الروسية للجواهر بتصنيع 1254 ميدالية مختلفة الألوان ستوزع على أفضل الرياضيين الأولمبيين ومن ذوي الاحتياجات الخاصة بلغت تكلفتها الإجمالية سبعة ملايين يورو، وهي من النوع غير القابل لتبدل اللون أو الشكل أو الخدش وخضعت لتجارب دقيقة قبل تسليمها إلى المعنيين. واستخدمت ستة كيلوغرامات من الذهب و200 كيلوغرامات من الفضة و700 كيلوغرامات من البرونز في تصنيع هذه الميداليات، وهي أكبر وأثقل من تلك التي وزعت في أولمبياد لندن 2012 الصيفي، إذ يصل وزن البرونزية منها إلى 460 غراما، والذهبية إلى 531 غرما، في حين تزن الميدالية الواحدة المخصصة لأصحاب الاحتياجات الخاصة 686 غراما.
والألعاب المعتمدة في أولمبياد سوتشي هي التزلج الألبي واختراق الضاحية والتزلج الحر والكومبينيه نورديك والتزلج بالقفز والبياتلون والكيرلينغ والهوكي على الجليد وسباقات المضمار والسنوبورد والعربات (بوبلسيغ) والتزحلق المنحدر والزحافات والهياكل (سكيليتون) والتزحلق السريع. وأعدت السلطات الروسية عموما واللجنة المنظمة للألعاب خصوصا العدة وبذلت جهودا مضنية بهدف إقامة مهرجان افتتاح باهر لا يقل رونقا وجمالية عن العاب فانكوفر الكندية عام 2010، بل يفوقها حسب المنظمين نظرا للتطور التكنولوجي الذي شهدته السنوات الأربع الأخيرة. ويعمل المعنيون على وضع اللمسات الأخيرة في الأعمال التحضيرية لاستضافة أغلى ألعاب في العالم، حيث وصلت التكاليف إلى 37 مليار يورو (50 مليار دولار) مثل وضع الشبكات الواقية والديكورات الملائمة التي تتعانق مع الثلج الأبيض الذي زين قمم محطة روزا خوتور، مسرح مسابقات التزلج. ورغم المخاوف من التهديدات الإرهابية الهادفة إلى تعكير الأجواء الأولمبية على مدى 16 يوما، يؤكد القائمون على تنظيمها أنها ستجري بشكل طبيعي، حيث تم حشد قوات كبيرة لضمان أمنها وصل عديدها إلى 20 ألف رجل حسبما ذكر بعض التقارير الصحافية الواردة من المكان.
* صراع بين الأجيال
وعلى صعيد المنافسات، سيكون الصراع حادا وعلى أشده بين الأجيال، والسؤال الذي يطرح نفسه هو من سيكون بطل أو بطلة العاب سوتشي 2014؟ وهذا الصراع يجمع بين شباب طامحين مثل الأميركية ميكايلا شيفرين ورياضيين مخضرمين على غرار لاعب البياتلون (تزلج ورماية) النروجي أولي إينار بيورندالن (40 عاما) المشارك في الألعاب الشتوية للمرة السادسة أو المتزلج الأميركي بود ميلر. ويسمح هذا الديكور العملاق في منطقة القوقاز بصراع جميل بين نجوم السيرك الأبيض الكبير، وأولهم بيورندالن، صاحب 11 ميدالية منذ 1998، والذي يستطيع أن يكتب اعتبارا من غد صفحة جميلة في الرياضة الأولمبية. وبيورندالن غير معروف كثيرا خارج إسكندنافيا بحاجة إلى ميدالية واحدة (في أربعة سباقات فردية واثنين في التتابع) لينضم إلى مواطنه بيورن دالي المتخصص في السباقات الطويلة (12 ميدالية بين 1992 و1998) في متحف مشاهير الرياضات الشتوية، لكنه لا يزال بعيدا عن السباح الأميركي مايكل فيليبس صاحب 22 ميدالية أولمبية بعد مشاركته في أولمبياد لندن 2012.
من جانبه، سيبدأ الأميركي ميلر (36 عاما وخمس ميداليات ثلاث منها في فانكوفر)، الأحد التحدي الكبير في إحراز ذهبية المنحدر الأولمبي، أحد أهم السباقات في الدورة. ورغم عدم مشاركته في المواسم الماضية، استعاد ميلر مستواه في سباقات السرعة في يناير (كانون الثاني) وخطف ميداليتين في العملاق السوبر والمنحدر في كيتسبويل النمساوية. ويتعين على ميلر أن يتفوق على المرشح الأقوى النرويجي أكسل لوند زفيندال الحائز على ميداليتين في العملاق السوبر ومثلهما في المنحدر في كأس العالم منذ بداية الموسم الحالي. ولدى السيدات، وفي غياب النجمة الأميركية السوبر ليندسي فون بداعي الإصابة في الركبة، ستحمل الألمانية ماريا هوفا رايش (29 عاما) شعلة المخضرمات، وستكون وحيدة في مواجهة الموجة المرتفعة من الشابات اللواتي تجسدهن الأميركية ميكايلا شيفرين (18 عاما) ملكة التعرج والسويسرية لارا غوت والمتزلجة تينا فايراثر من ليشتنشتاين والتي أحرزت والدتها ثلاث ميداليات منها ذهبيتان (تعرج وعملاق) عام 1980 في لايك بلاسيد الأميركية.
ويتواصل الصراع بين الأجيال أيضا في التزحلق الفني بين «القدامى» ممثلين بالكندي باتريك شان (23 عاما)، بطل العالم ثلاث مرات، والروسي يفغيني بلوشنكو (31 عاما) الحائز على ميداليات (ذهبية عام 2006 وفضيتان عامي 2002 و2010)، و«الشباب» وفي مقدمهم الياباني الواعد يوزورو هانيو (19 عاما) الفائز في نهائي الجائزة الكبرى، أو حتى الكازخستاني دينيس تن (20 عاما). ولدى السيدات، تحلم الشابة الروسية جوليا ليبنيتسكايا (15 عاما)، بطلة أوروبا، بالانخراط في الصراع بين الكورية الجنوبية كيم يو - نا واليابانية ماو أسادا صاحبتي المركزين الأول والثاني في ألعاب فانكوفر.
* موجة جديدة
وتتجسد الموجة الجديدة من المواهب للرياضات الشتوية في اليابانية سارا تاكاناسكي (17 عاما و1.51م) التي فازت في 10 من 13 سباقا منذ بداية الموسم، وستكون أول بطلة أولمبية في تاريخ رياضتها وهي التزلج بالقفز التي تدخل لأول مرة في الألعاب الأولمبية التي جرى تعزيزها سبع رياضات جديدة تتضمن 12 سباقا. وستشكل رياضة التزحلق للمنتخبات أحد أكبر مستجدات ألعاب 2014، وستجسد الدولة الأقوى في الاختصاصات الأربعة (سيدات ورجال ورقص وزوجي).
وحرصا منها على إعطاء صورة نظيفة وبراقة للألعاب الشتوية، أدخلت اللجنة الأولمبية الدولية أيضا التزحلق المنحدر ونوعا جديدا في التزلج الأكروباتي وهما الرياضتان اللتان لاقتا النجاح الكبير في الألعاب العاشرة الأميركية أواخر يناير في إسبن بولاية كولورادو. وانتزع المليونير الأميركي شون وايت (27 عاما) الحاصل على ذهبيتين في السنوبورد عام 2010، بطاقة التأهل إلى سوتشي بشق النفس في تجارب انتقاء المنتخب الأميركي بعد سقوط عنيف، وهو رفض المشاركة في دورة الألعاب العاشرة توفيرا لطاقته إلى الألعاب الأولمبية التي هي هدف كل رياضي، وقد يكون له شأن فيها.
من جهة أخرى، كشف أولي أينار بيورندالين، نجم البياثلون، عن رفضه حمل العلم النرويجي في حفل افتتاح الدورة، حيث أكد أنها مهمة ينبغي أن يقوم بها أكسيل لند زفندل لاعب سباقات انحدار التل. وصرح بيورندالين للموقع الإلكتروني الرسمي لصحيفة «نيتافيسن» النرويجية أمس: «لقد طلب مني، وبكل سرور، أن أحمل العلم النرويجي، ولكنني شعرت بأنه سيكون أمرا صعبا، خاصة في ظل خوضي سباقا في اليوم التالي لحفل الافتتاح». ومن المتوقع أن يستغرق حفل الافتتاح ما يقرب من ست ساعات. وقال اللاعب، البالغ من العمر 40 سنة، إنه لا يريد المخاطرة والإصابة بعدوى ربما تبعده عن المشاركة في السباقات لفترة طويلة. وأضاف اللاعب النرويجي المخضرم: «إنها أنانية، ولكن هذه هي الدورة الأولمبية الأخيرة لي».
ونال بيورندالين ست ميداليات ذهبية، من ضمنها أربع ميداليات خلال أولمبياد عام 2002، علما بأن مشاركته الأولمبية الأولى كانت عام 1994.
ومن المقرر أن يحمل لند زفندل بطل أولمبياد 2010 العلم النرويجي في الافتتاح اليوم.

