منظمات تونسية تخشى {إقصاء} أطراف سياسية عن «الحوار الوطني»

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

منظمات تونسية تخشى {إقصاء} أطراف سياسية عن «الحوار الوطني»

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

انتقدت عدة منظمات حقوقية واجتماعية تونسية قرار الرئيس قيس سعيد تخصيص جلسات «الحوار الوطني»، المزمع إجراؤه لحل الأزمة السياسية، لفئات الشباب في المقام الأول، وقالت إن هذه الخطوة «تعرقل شروط الحوار لأنها تقصي الأطراف السياسية الفاعلة على المستويين السياسي والانتخابي».
وكان الرئيس سعيد قد أكد خلال إشرافه للمرة الثانية على مجلس الوزراء، على إشراك الشباب في الحوار الوطني، الذي قال إنه «سيكون مختلفاً تماماً عن التجارب السابقة، وسيتطرق إلى عدة مواضيع، أهمها النظام السياسي والقانون الانتخابي في تونس».
وفي هذا السياق كلف الرئيس سعيد نزار بن ناجي، وزير تكنولوجيات الاتصال، بإحداث منصات للتواصل الافتراضي في كل المناطق وفي أقرب الآجال، وذلك «بهدف تمكين الشباب على وجه الخصوص، وكل فئات الشعب التونسي عموماً، من المشاركة في حوار وطني حقيقي، عبر عرض مقترحاتهم وتصوراتهم في كل المجالات».
لكن مهاب القروي، ممثل منظمة «أنا يقظ» (حقوقية مستقلة)، اعتبر حديث الرئيس غير واضح المعالم، وطالبه بالكشف عن كل تصورات الحوار الوطني المنتظر تنظيمه، وأهداف هذا الحوار، واستعراض الأولويات، التي سيتم اعتمادها في تنظيمه. مشدداً على أولوية وضع شروط لهذا الحوار، وعدم إقصائه لأي أحد، وأن تشمل نتائجه ومخرجاته الجميع، بما في ذلك الأطراف التي لن تشارك في فعالياته.
في غضون ذلك، تخشى عدة منظمات حقوقية من احتمالية تخصيص الحوار الوطني لأنصار الرئيس ومؤيديه فقط، وإقصاء التصورات والآراء المختلفة، التي يمكنها إحداث توازن في الرؤية السياسية، ومواصلة تضييق الخناق على منافسيه، وإرساء دعائم النظام المجالسي الذي أورده الرئيس في برنامجه الانتخابي.
في السياق ذاته، قال جمال مسلم، رئيس «الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان»، إن اجتماعاً سينظم قريباً بين «الرابطة» ورئيس الجمهورية بخصوص ملامح الحوار الوطني المزمع تنظيمه. كما كشف عن لقاء آخر سيتم تنظيمه بين الرابطة وعدد من المنظمات من أجل «بلورة تصور ورؤية مشتركة»، على حد تعبيره.
وشدد مسلم على ضرورة أن يكون الحوار «تشاركياً جامعاً لمختلف مكونات المجتمع المدني، التي تملك رؤية لحلول قابلة للتنفيذ على جميع المستويات». معتبراً أن تصريحات الرئيس بخصوص الحوار «ما زالت غامضة، خاصة فيما يتعلق مخرجاته، ومدى قدرة المشاركين فيه على الخروج بتصور ملائم للخروج من الوضعية الصعبة التي تمر بها تونس، والتي تتطلب إرساء عدالة اجتماعية وترسيخ قيم العمل والتسامح، والمحافظة على الحقوق والحريات، وإحداث إقلاع اقتصادي واجتماعي، ودعم منظومة القضاء».
وكانت عدة أحزاب سياسية ومنظمات وطنية وحقوقية قد اعتبرت أن التزام الرئيس بتنظيم حوار وطني، في إطار سقف زمني متفق عليه، وضمن آليات وصيغ وتصورات جديدة، تفضي إلى بلورة مقترحات تأليفية في إطار مؤتمر وطني، قد يمثل مرحلة مهمة في اتجاه حلحلة الأزمة السياسية، وتفادي الضغوط الأوروبية والأميركية، التي تطالب بالعودة إلى الديمقراطية البرلمانية.
غير أنها عبرت عن مخاوفها من طريقة إدارة الحوار والأطراف المشاركة والنتائج التي سيتمخض عنها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».