اختارت وزارة الثقافة الفلسطينية، في حفل احتضنه قصر رام الله الثقافي مساء أمس، الكاتب والمسرحي الفلسطيني رياض مصاروة، شخصية العام الثقافية، وذلك بمناسبة يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية، الذي اعتادت الوزارة في السنوات الأخيرة على إعلان شخصية العام الثقافية فيه.
ولد رياض مصاروة عام 1948 في قرية الطيبة في المثلث بالداخل الفلسطيني المحتل، وأتم دراسته الابتدائية في قريته، والثانوية في مدرسة زراعية قبل أن يسافر إلى ألمانيا الشرقية حيث درس الإخراج المسرحي في معهد الفنون المسرحية، وحصل على الماجستير في الإخراج المسرحي.
عمل بعد تخرجه مديرا للمركز الثقافي البلدي في مدينة الناصرة، فيما ألّف وأخرج الكثير من المسرحيات، كما ترجم مختارات من أعمال برتولد بريخت من الألمانية إلى العربية ونشرها في مجلتي الاتحاد والجديد.
ومن أبرز إنتاجه المسرحية مسرحية «رجال في الشمس» عام 1979. في عكا، عن رواية الروائي الفلسطيني غسان كنفاني، وفي عام 1982 خرج من الناصرة بمسرحية «الطفل الضائع»، تلاها في عام 1983. ومن حيفا، مسرحية «محطة اسمها بيروت»، فيما كان له عام 1986. مسرحية «جيفارا أو دولة الشمس» المترجمة عن مسرحية للكاتب الألماني فولكر براون، بينما أنتج أغاني غجرية مترجمة عن الألمانية بعنوان «أفعى الحب»، عام 1983، كما كان له الكثير من الأعمال المسرحية والمؤلفات في تسعينيات القرن الماضي من أبرزها «سرحان والسنيورة»، ومع دخول الألفية الثالثة كان له المزيد من الأعمال.
ومؤخرا نجحَ مصاروة في إنجاز أهم أعماله ألا وهو «راشيل كوري» ذلك العمل المسرحي الذي أبدعَ فيه إلى جانب الممثلة المتميزة لنا زريق، ومعا نجحا في ترجمة العمل وفي تقديم واحدة من روائع المسرح الفلسطيني.
وكانت أولى تجارب مصاروة التمثيلية حين كان في الصف الثامن الابتدائي (14 عاما)، حين التحق بمدرسة زراعية، طلب منه معلمه فيها الانضمام لحلقة درامية لتقديم المسرح، وبعدها التحق بكلية المسرح في إحدى مناطق الداخل الفلسطيني المحتل، قبل الحصول، كما يقول على منحة من الحزب الشيوعي لدراسة المسرح في ألمانيا الشرقية، وهي الدراسة التي أنهاها في عام 1977. مشيرا إلى أن «رجال في الشمس» كان أول أعماله، وشهد نجاحا جماهيريا كبيرا لا يزال يتذكره كل من شاهد العمل.
وأعرب مصاروة الذي عبر عن سعادته باختياره شخصية فلسطين الثقافية لعام 2015، قائلا بأن «الطريق لم تكن سهلة، ليس لي فقط، بل لزملائي في تلك الفترة، أي في نهاية سبعينات القرن الماضي، حيث كانت الإمكانات المادية شحيحة جدا، ولكن رغم ذلك استطعنا، مع إمكانات محدودة أن ننجز الكثير من النجاحات.. وحسب اعتقادي فإن الفضل يعود في ذلك للجمهور الذي كان مسيّسا ومثقفا، ما ساعد كثيرا في العملية الفنية التي خضتها أنا وأبناء جيلي».
وأضاف: «نعم كانت هناك نجاحات وورود، لكن بالمقابل كانت هناك إخفاقات وإحباطات وأشواك وأحجار، وكل المصطلحات التي تندرج في هذا الإطار، لكن التصميم والإرادة جعلتنا نمارس الفن بنهم وعزيمة ونصل إلى تحقيقِ إنجازاتٍ تُسجل. والفضل الكبير يعود للعمل الجماعي الذي ميّز أبناء جيلنا».
ومن أشهر مقولات مصاروة: في العمل الفني لا يوجد حظ، إما أن يكون جيدا أو سيئا، من الممكن أحيانا أن تكون الاختيارات السليمة هي التي تساعد على النجاح، فاختياري في عام 1977 لمسرحية «رجال في الشمس» كانت اختيارا صائبا وضروريا، لهذا السبب كان هناك نجاح هائل للمسرحية.. على المخرج المسرحي أن يعرف كيف يختار العمل المسرحي في الوقت المحدد وفي الزمن المحدد، وهذا هو سر النجاح حسب اعتقادي، ولا تكون الاختيارات عشوائية بل مدروسة.
وفي حديث صحافي سابق معه، وصف مصاروة عمله المسرحي الأخير «راشيل كوري» بأنه «من أهم وأفضل الأعمال، حيث تطورت علاقة خاصة بيني وبين النص وبيني وبين الشخصية، وعندما تسأل أي الفنان عن أفضل عمل، تكون الإجابة صعبة جدا، فكل عمل له ميزته، وله وجبة حب خاصة من قبل الفنان».. وتابع: بخصوص المميز في العمل فأعتقد أنه يشير إلى الشخصية غير العادية، راشيل إنسانة حقيقية استشهدت وضحّت من أجل الشعب الفلسطيني وقتلت تحت عجلات البلدوزر وهي تحاول أن تمنع الجنود الإسرائيليين من هدم بيت فلسطيني في قطاع غزة. والمسرحية كانت مبنية على مذكراتها، وكانت الصعوبة أن نصل إلى ما قصدت به راشيل، ماذا كان في قلبها وذهنها؟ وماذا كانت تقصد من وراء الكلمات؟
رياض مصاروة.. شخصية العام الثقافية في فلسطين لعام 2015
عمله الأخير كان عن راشيل كوري
رياض مصاروة.. شخصية العام الثقافية في فلسطين لعام 2015
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة