«قسد» تمدد عقودها مع «جماعات الضغط» في واشنطن

TT

«قسد» تمدد عقودها مع «جماعات الضغط» في واشنطن

رغم الزيارات واللقاءات الثنائية التي أجرتها وفود المعارضة السورية في واشنطن الأسبوعين الماضيين، فإن ضمان استمرارية العمل بها ومواصلة ما تم الاتفاق عليه، يُعد أمراً مهماً لكسب التأييد الأميركي، والحصول على قنوات الاتصال المباشرة مع إدارة الرئيس بايدن.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، مددت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عقودها مع جماعات الضغط السياسي، لمساعدتها في تنظيم «اجتماعات دورية مع أعضاء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وشكرهم على الدعم المستمر لقضيتهم»، ذلك بحسب ما كشفته سجلات وكالة العملاء الأجانب بوزارة العدل الأميركية. وبدت حالة «الانقسام السياسي» بين أطراف المعارضة السياسية السورية، واضحة للعلن في العاصمة الأميركية واشنطن، وذلك بعد تنافس الوفود السورية المعارضة على «كسب ود» الإدارة الأميركية، والسياسيين الأميركيين، كل في صفه.
وعلمت «الشرق الأوسط»، أن المعارضين «السوريين الأكراد» ممثلين بـ«مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد)، يرمون في توثيق علاقتهم مع واشنطن، إلى استمرار التواجد الأميركي العسكري شرق البلاد، والذين يقدر عددهم بحسب بعض التقارير الإعلامية بـ900 عسكري، وذلك لمحاربة فلول تنظيم داعش الإرهابي، ومواجهة «النفوذ الإيراني»، في المناطق التي تخضع للسيطرة الكردية وتعد «شبه مستقلة».
والقيمة المالية لتلك العقود، بسيطة مقارنة ببعض ما تمنحه الجهات والدول الأخرى، حيث لا تتجاوز 50 ألف دولار لمدة نصف عام، وبدأت بحسب السجلات منذ أبريل (نيسان) الماضي، وتركز فقط على عامل الاستمرارية في التواصل مع السياسيين الأميركيين، وضمان الحديث عن أهدافهم لدى الدوائر «السياسية الضيقة».
وشكا أحد السياسيين السوريين من عدم اتحاد وتكاتف المعارضة السورية في الخارج، والتي تمنح للنظام السوري أكبر فائدة من خلال هذا الشتات السياسي، «وعدم الاتفاق ككتلة واحدة لإنهاء المعاناة السورية، ورسم خريطة الطريق المستقبلية». وأضاف «صحيح أن هدف كافة المجموعات السورية المعارضة، هو لفت الانتباه إلى الحرب الأهلية المتشابكة في سوريا، ذلك البلد الذي يحتل مرتبة متدنية بين أولويات السياسة الخارجية للرئيس جو بايدن، إلا أن تشتت المعارضة لم يجعلهم في موقف قوة لفرض بعض الطلبات على الإدارة الأميركية، إذ لم تنته إدارة بايدن من مراجعة داخلية لسياستها تجاه سوريا، وهذه علامة أخرى على تضاؤل أهمية البلاد، ولم يعين بايدن مبعوثاً خاصاً لقيادة الجهود الدبلوماسية».
بالمقابل، يسعى «الائتلاف الوطني السوري» المعارض من جهته، بتحفيز إدارة الرئيس جو بايدن على مواصلة الضغط على نظام بشار الأسد، على أمل تحقيق تسوية سياسية للحرب المستمرة منذ 10 أعوام، ومواجهة الضغوط المتزايدة من الأردن وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين في سوريا، لطي صفحة انتفاضة 2011 وتطبيع العلاقات مع دمشق.
وفي انتصار لتلك الجهود السورية المعارضة، استطاع المشرعون الأميركيون تمرير تعديلات أخرى على قانون دعم ميزانية وزارة الدفاع للعام المالي 2022، والتي تضمنت التصويت بالموافقة على تعديل ‎يتطلب استراتيجية مشتركة بين الوكالات الأميركية، لتعطيل شبكات المخدرات التابعة لنظام الأسد في سوريا، وكذلك تقديم ‎تقرير عن ثروة الأسد وأفراد أسرته بما في ذلك أبناء عمومته، مثل عائلة مخلوف وغيرهم. وشملت التعديلات على قانون التمويل، «محاولات تقليص» ميزانية وزارة الدفاع، والحد من التدخل العسكري الأميركي في مناطق الصراعات مثل سوريا، كما رفض مجلس النواب تعديلاً من الديمقراطي التقدمي جمال بومان النائب من ولاية نيويورك، ودعمه في ذلك التعديل النائبة رشيدة طليب الديمقراطية من ولاية ميتشيغان، وكان يتطلب موافقة الكونغرس على أي وجود للقوات في سوريا في غضون عام من التشريع، ومغادرة القوات الأميركية من هناك، بيد أن هذا التعديل انتهى به المطاف إلى الرفض.
ومن ضمن التعديلات التي تمت مناقشتها إلا أنها لم تنجح في الحصول على العدد الكافي من الأصوات لتمريرها، واحد يتطلب استراتيجية لسوريا بما في ذلك كيفية جعل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مكتفية ذاتياً بما يكفي للسماح لها في نهاية المطاف بالاستغناء عن القوات الأميركية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.