ليبيا تترقب وصول المراقبين الدوليين

اللجنة العسكرية «5+5» تتحرك لإنهاء ملف المرتزقة

جانب من تدريب عسكري لقوات ليبية أشرف عليه ضباط أتراك جنوب طرابلس (رويترز)
جانب من تدريب عسكري لقوات ليبية أشرف عليه ضباط أتراك جنوب طرابلس (رويترز)
TT

ليبيا تترقب وصول المراقبين الدوليين

جانب من تدريب عسكري لقوات ليبية أشرف عليه ضباط أتراك جنوب طرابلس (رويترز)
جانب من تدريب عسكري لقوات ليبية أشرف عليه ضباط أتراك جنوب طرابلس (رويترز)

بينما تترقب ليبيا بدء وصول المراقبين الدوليين، تعتزم اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، التي تضم ممثلي الجيش الوطني والقوات المحسوبة على حكومة الوحدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، القيام بجولة خارجية تشمل الدول ذات العلاقة بملف المرتزقة، والقوات الأجنبية المتواجدة في البلاد، بهدف بحث آلية إنهاء تواجدها هناك.
وقال إمراجع العمامي، عضو وفد الجيش باللجنة، إن الجولة ستتم بمرافقة وفد من بعثة الأمم المتحدة. مشيراً في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس إلى أن «اللجنة المشاركة في الاجتماع الافتراضي، الذي استضافته بريطانيا مؤخراً، ناقشت المساعدة في خروج المرتزقة والقوات الأجنبية قبل موعد الانتخابات المرتقبة في 24 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
وأعلن الاتفاق عن خطة لتفكيك المجموعات المسلحة، وتوحيد المؤسسة العسكرية، لكنه لفت في المقابل إلى أن أمر تنفيذها متروك للرئيس المنتخب.
موضحا أن وصول المراقبين الدوليين سيتزامن مع الشروع في تنفيذ آلية خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، وقال إن الأمم المتحدة أبلغت اللجنة بأنهم سيصلون خلال أسبوعين. بدوره، أوضح فرج الصوصاع، عضو وفد الجيش إلى لجنة «5+5» العسكرية، أن خطة إخراج المرتزقة تتضمن إحضار مراقبين دوليين، وإحصاء عدد القوات الأجنبية وانسحابهم، وفق نسب محددة بين الطرفين، مؤكدا على تنسيق الجهود بين اللجنة، وبعثة الأمم المتحدة لتحديد مواعيد للخطة في وقت قريب. وقال الصوصاع إن المراقبين الدوليين، الذين سيرتدون ملابس مدنية وغير مسلحين «تم اختيارهم من دول غير متورطة في الصراع الليبي».
ووفقاً لما أعلنه اللواء مختار النقاصة، عضو اللجنة، فإن المراقبين الدوليين، الذين سيصلون قريبا لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، والإشراف على تنفيذ باقي بنوده، سيتخذون من مدينة ‎سرت مقرا لهم، باعتبارها خط التماس بين القوات. وفي تحرك ذي صلة، بدأت وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة، نجلاء المنقوش، زيارة إلى العاصمة التركية أنقرة، قالت الخارجية التركية إنها تستهدف مناقشة العلاقات الثنائية، والتطورات الراهنة في ليبيا.
وقال وزير الخارجية التركية جاويش أوغلو إنه بحث مع المنقوش العلاقات الثنائية بين البلدين، مؤكدا «مواصلة تركيا المساهمة في استقرار ليبيا ورفاهيتها، ودعم إجراء انتخابات حرة ونزيهة وموثوقة».
بدوره قال وزير الخارجية الألمانية، هايكو ماس، إنه تحدث في اتصال هاتفي مع نظيره التركي أوغلو عن الانتخابات الليبية المقبلة، وانسحاب المقاتلين الأجانب من ليبيا، وأضاف موضحا: «نحن على اتصال منتظم ووثيق مع تركيا بشأن قضايا السياسة الخارجية».
وفي انفتاح غير مسبوق على العلاقات بين مجلس النواب الليبي وتركيا، ناقش أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، افتراضيا، مع أعضاء من مجلس الأمة التركي، وجمعية الصداقة التركية - الليبية، سبل تعزيز العلاقات بين الطرفين في جميع المجالات، وحلحلة جميع الإشكاليات التي تواجه ذلك.
وأكد يوسف العقوري، رئيس اللجنة، على ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، وأن يكون لتركيا دور في خلق الظروف المناسبة لاستقرار ليبيا، ونجاح الانتخابات القادمة. لافتا إلى أنه في إطار تعزيز التعاون بين البلدين تم فتح القنصلية التركية في بنغازي، وتسهيل إجراءات سفر المواطنين من البلدين، وتسهيل منح التأشيرة للمواطنين الليبيين، وتفعيل الاتفاقيات التجارية بين البلدين. إضافة إلى تهيئة الظروف لعودة الشركات التركية لاستئناف مشاريعها في ليبيا. وشدد العقوري على أهمية تعزيز التعاون بين مجلس النواب الليبي ومجلس الأمة التركي، وتعزيز التبادل المستمر لوجهات النظر بهدف تكوين أرضية مشتركة للعمل.
من جهة أخرى، طلب أمس رئيس حكومة الوحدة من وزير الشؤون الاجتماعية العمل بشكل جاد، وسريع لصرف علاوة الزوجة والأبناء لمستحقيها، وضرورة معالجة ملف الفئات، التي لم يصرف لها لأسباب فنية وتقنية. كما طالبه بالتواصل مع وزارة المالية لتنفيذ قرار رفع الحد الأدنى للمعاشات الضمانية.
إلى ذلك، اختطف مسلحون الرشيد الرجباني، رئيس جهاز الأمن الداخلي، من داخل مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس. وقالت وسائل إعلام محلية إن مجموعة مسلحة تابعة للحكومة اختطفته من طائرة لحظة تواجدها على مدرج المطار.
وكان فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق السابقة، قد عين الرجباني رئيسا لجهاز الأمن الداخلي قبل أن تصدر حكومة الدبيبة قراراً بإقالته، وتعيين لطفي الحراري بديلا له.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.