المرزوقي يقر بسعيه لإحباط «قمة الفرنكوفونية» في تونس

الرئيس السابق رأى أن عقدها «في بلد يعيش انقلاباً يعد تأييداً له»

نجلاء بودن تعهدت بإصلاح الاقتصاد خلال لقاءات جمعتها بمسؤولين أول من أمس (أ.ف.ب)
نجلاء بودن تعهدت بإصلاح الاقتصاد خلال لقاءات جمعتها بمسؤولين أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

المرزوقي يقر بسعيه لإحباط «قمة الفرنكوفونية» في تونس

نجلاء بودن تعهدت بإصلاح الاقتصاد خلال لقاءات جمعتها بمسؤولين أول من أمس (أ.ف.ب)
نجلاء بودن تعهدت بإصلاح الاقتصاد خلال لقاءات جمعتها بمسؤولين أول من أمس (أ.ف.ب)

أقر المنصف المرزوقي، رئيس تونس السابق، بأنه سعى لدى المسؤولين الفرنسيين لإحباط عقد القمة الفرنكوفونية، التي كانت مقررة في مدينة جربة التونسية الشهر المقبل، وعبر عن فخره بذلك، معتبرا أنّ «عقد هذه القمة في بلد يعيش انقلابا يعد تأييدا له»، حسب تعبيره.
وجاءت تصريحات المرزوقي في سياق جدل كبير خلفه الإعلان أمس عن تأجيل قمة الفرنكوفونية، التي كانت ستحتضنها تونس، وتساؤلات كثيرة حول أسباب هذا التأجيل المفاجئ، وحجم الدور الذي لعبته بعض الشخصيات السياسية التونسية المعارضة للتدابير الرئاسية الاستثنائية في اتخاذ هذا القرار.
وقال المرزوقي إنه كان يتمنى «لو عادت تونس إلى المسار الديمقراطي هذا العام»، مؤكدا أنه يريد أن تخرج تونس من هذه الأزمة، وأن تنعقد القمة الفرنكوفونية السنة المقبلة «لكن في بلد ديمقراطي»، على حد تعبيره.
وأرجع مراقبون هذا التأجيل إلى أسباب تنظيمية، ذلك أن الأمر الرئاسي بخصوص الإجراءات الاستثنائية، التي تنطبق على الطلبات العمومية المتعلقة بتنظيم القمة الثامنة عشرة للفرنكفونية، لم يصدر في الصحيفة الرسمية إلا في سبتمبر (أيلول) الماضي، وهذا التأخير كان له أثر مباشر في التحضيرات للقمة.
وكانت الخارجية التونسية قد أشارت إلى أن «الجلسة الخارقة للعادة للمجلس الدائم للفرنكوفونية أسفرت عن توافق ممثلي الدول الأعضاء حول احتضان تونس هذه القمة، وتأجيل موعد انعقادها بجزيرة جربة إلى سنة 2022، من أجل تأمين مشاركة حضورية واسعة على أعلى مستوى، وعدم الاضطرار إلى عقدها عن بعد».
على صعيد آخر، تستعد رئاسة الجمهورية للوفاء بتعهدها فتح حوار وطني «لاستكمال الثورة والحركة التصحيحية»، التي يقودها الرئيس قيس سعيد، في ظل خلافات حادة مع منظومة الائتلاف الحاكم السابق.
وقال خليل عباس، عضو الحملة التفسيرية لرئيس الجمهورية، إن الأولويات التي سيطرحها الحوار المقبل «تتلخص في محورين أساسيين، يتعلقان بإصلاح النظام السياسي، وصياغة خيارات اقتصادية في مستوى انتظارات التونسيين». نافيا ما يروج حول رفض الرئيس للحوار من حيث المبدأ، ومؤكدا أن الحوار «سينطلق من تشخيص لأسباب الأزمة، التي عاشتها تونس خلال العشر سنوات الأخيرة، بما في ذلك النظام السياسي، علاوة على ما أنتجته من خيارات اقتصادية باءت بالفشل، ولذلك سيكون العنوان الكبير للحوار هو تغيير منظومة الحكم»، على حد قوله.
إلى ذلك، باشرت رئيسة الحكومة نجلاء بودن مهامها على رأس الحكومة بإجراء مجموعة من اللقاءات، التي شملت وزير الصحة علي المرابط، ووزير التربية فتحي السلاوتي، ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي، بحضور وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، وتطرق اللقاء إلى أهم المستجدات الاقتصادية والمالية. كما التقت رئيسة الحكومة وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي، ومحمود حمزة وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
يذكر أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، هنأ تونس على تشكيل الفريق الحكومي، واعتبر أن الحكومة الجديدة، التي تضم 10 وزيرات، «خطوة مرحب بها، تخطوها تونس إلى الأمام نحو معالجة التحديات الاقتصادية والصحية والاجتماعية الكبيرة، التي تواجه البلاد». ومعبرا عن تطلع الولايات المتحدة إلى تلقي المزيد من الإشارات عن إرساء مسار يشمل الجميع، من أجل عودة سريعة إلى النظام الدستوري.
وكانت الإدارة الأميركية قد مارست على تونس بعض الضغوط من خلال تحديد يوم 14 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي موعدا لعقد جلسة بمجلس الكونغرس، تتناول الوضع السياسي في تونس، ووضع الديمقراطية والخطوات المقبلة على مستوى السياسة الأميركية. كما عبرت الخارجية الأميركية في فترة سابقة عن قلقها من «استمرار الإجراءات الاستثنائية في تونس دونما نهاية واضحة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».