ممثلو برقة يهددون بالانشقاق عن الحكومة الليبية

«الجيش الوطني»: الدبيبة دفع مرتبات العسكريين بعد تدخل أممي ـ أميركي

الدبيبة لدى مشاركته في الاحتفال بـ«يوم الشرطة» في طرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة لدى مشاركته في الاحتفال بـ«يوم الشرطة» في طرابلس (حكومة الوحدة)
TT

ممثلو برقة يهددون بالانشقاق عن الحكومة الليبية

الدبيبة لدى مشاركته في الاحتفال بـ«يوم الشرطة» في طرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة لدى مشاركته في الاحتفال بـ«يوم الشرطة» في طرابلس (حكومة الوحدة)

لوح ممثلو إقليم برقة في حكومة الوحدة الليبية، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، للمرة الأولى منذ تشكيلها، بالخروج منها والاستقالة، واتهموه بـ«الفشل»، والإخلال ببنود الاتفاق السياسي، من توحيد للمؤسسات والتوزيع العادل للثروات بين الأقاليم، بينما  قدم « المجلس الرئاسي» الليبي، برئاسة محمد المنفى،  اعتذاراً رسمياً نادراً للمهاجرين في العاصمة طرابلس عن ما وصفه بـ«الأحداث المؤسفة» التي تعرضوا لها في أثناء خروجهم من مركز للإيواء نتيجة التدافع، وعدهم ضيوفاً على  ليبيا يجب احترامهم.
واتهم حسين القطراني، نائب الدبيبة، في بيان تلاه أمس باسم وزراء ووكلاء وزراء وعمداء بلديات إقليم برقة الذي يمثل تاريخياً المنطقة الشرقية عقب اجتماع طارئ عقدوه في مدينة بنغازي (شرق البلاد)، الدبيبة بـ«الوقوع في مسالك الإدارة الديكتاتورية الفردية، ما أدى إلى إضعاف العمل المؤسسي»، كما اتهمه بـ«التعنت في الاحتفاظ بمنصب وزير الدفاع، وعدم تسمية من يشغله»، وقال إن «الفشل في إدارة الاختلاف السياسي وصل إلى حد قيام رئاسة الحكومة بإصدار قرارات باسم مجلس الوزراء بشكل فردي، دون العرض باجتماع المجلس»، لافتاً إلى صدور قرارات بـ«التعدي على اختصاصات بعض الوزراء التي حددها القانون».
وزاد القطراني، مهاجماً الدبيبة، أن رئيس الحكومة «لم يلتزم بتحديد اختصاصات نواب رئيس الوزراء، كما نص الاتفاق السياسي على ذلك، بما يساهم في تعزيز فكرة المركزية الإدارية المقيتة». وشدد البيان على «إعادة المؤسسات والوحدات الإدارية المركزية التي كانت قائمة ببرقة فوراً، وعلى فتح المقاصة الإلكترونية، وتفعيل بنود الاتفاق السياسي كافة، بما يضمن حقوق الأقاليم كافة بالدولة، بما فيها إقليم برقة».
وقال القطراني لاحقاً، في مؤتمر صحافي عقب البيان، إن  «حكومة العائلة مرفوضة عندنا، ولا نطالب إلا بحقوقنا ومواطنينا»، مشيراً إلى أنه طالب بمراقبين دوليين لأداء الحكومة، كما حذر من احتمال اللجوء إلى تصعيد آخر في حدود القانون، على حد تعبيره.
وبدوره، قال اللواء خالد المحجوب، مسؤول التوجيه المعنوي بالجيش الوطني، إن «حكومة الدبيبة أفرجت عن مرتبات قوات الجيش لمدة 3 شهور بعد تدخل المبعوث الأممي، والاتصال الذي أصدر فيه السفير الأميركي التعليمات بكل أسف إلى الدبيبة»، على حد قوله.
وتابع المحجوب، في بيان صباح أمس، أن «الدبيبة تجاهل  الرسائل المباشرة للجنة العسكرية المشتركة (5+5)، ومخاطبات مجلس النواب».
إلى ذلك، أعلن  موسى الكوني، نائب المنفي، في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس لدى زيارته مركز عين زارة لإيواء المهاجرين، عن اتفاقه  مع الدبيبة ووزير الداخلية على ضرورة إنهاء معاناة المهاجرين، عبر إخلاء سبيل العائلات الموجودة بمركز الإيواء، وعلاج المصابين، وعودة أصحاب المهن إلى سابق أعمالهم، بالتواصل مع رب العمل.
وكشف عن تواصله مع المنظمة الدولية للهجرة التي تعهدت بمنح المهاجرين بطاقات لجوء، ونقلهم للبلدان التي تريد استضافتهم، بالإضافة لرغبة سفارات وقنصليات بعض الدول بعودة رعاياها إلى بلدانهم للراغبين في العودة.
وطالب الكوني الاتحاد الأوروبي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية، بعدم عودة المهاجرين من البحر إلى ليبيا، وقال إن «الحد من الهجرة يجب أن يكون في الحدود الجنوبية، وليس في عرض البحر»، مشدداً على ضرورة مساعدة ليبيا على تكوين حرس حدودي صحراوي، ومنحه الإمكانيات اللوجيستية كافة حتى يتمكن من أداء المهام الموكلة له، وطالبهم بالعمل على خلق تنمية مكانية في الدول المصدرة للمهاجرين، للحد من الهجرة نحو الشمال التي تتحمل ليبيا تبعاتها وحدها.
وشكا مهاجرون من  تعرضهم لما وصفوه بـ«التعب الشديد والإذلال» بمركز احتجاز في العاصمة طرابلس مؤخراً، حيث أودعوا مع آلاف غيرهم بعدما ألقي القبض عليهم خلال حملة أمنية نفذتها السلطات الليبية.
وبدوره، أكد الدبيبة سعى حكومته لبناء قوى أمنية منظمة تؤمن بأن سلامة المواطن وأمنه ومستقبله المشرق فوق كل اعتبار. وقال لدى مشاركته في احتفالية وزارة الداخلية مساء أول من أمس بميدان الشهداء في العاصمة طرابلس، بمناسبة العيد السابع والخمسين ليوم الشرطة الليبية، إن حكومته «ستعمل جاهدة لدعم وزارة الداخلية ومنتسبيها وفق أحدث الأساليب العلمية والتنظيمية المتبعة في العالم». 
ومن جهة أخرى،  رحب المجلس الرئاسي بتوقيع خطة عمل انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية تدريجياً، وفي وقت متزامن، وعد في بيان له أن هذا الحدث المهم الذي جاء في وقت حساس جداً هو انعكاس حقيقي لرغبة الشعب الليبي العظيم في إعادة السلام والسيادة الوطنية، وصولاً إلى توحيد المؤسسة العسكرية، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية  تحظى بإجماع كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية.
وفي سياق متصل، قال ريتشارد نورلاند، السفير المبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا، إنه «ناقش مجدداً أول من أمس في تونس، مع رئيس الكونغرس التباوي، عيسى منصور، أهمية إجراء الانتخابات في موعدها، من أجل معالجة التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية في الجنوب، وفي جميع أنحاء البلاد».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.