«النوّاب» الأميركي يقر «استراتيجية شاملة» لتعطيل «شبكة المخدرات» في سوريا

«الخارجية» الأميركية لـ «الشرق الأوسط» : لدينا «سلطات» لتحديد المتاجرين بها والمتواطئن معهم

TT

«النوّاب» الأميركي يقر «استراتيجية شاملة» لتعطيل «شبكة المخدرات» في سوريا

تعهّدت الولايات المتحدة باستخدام كل السلطات والأدوات التي تمتلكها، لمحاربة تجارة المخدرات والمتواطئين فيها من سوريا، بـ«كشفهم وتحديدهم»، في الوقت الذي عبّرت فيه عن قلقها من تفشي هذه «الجريمة المنظمة» العابرة للحدود.
يأتي هذا الموقف في إطار تحرّك أميركي يُعد «إيجابياً» في الشأن السوري، بعد أن صوّت مجلس النواب في الكونغرس على تعديل ‎يتطلب استراتيجية مشتركة بين الوكالات الأميركية، لتعطيل شبكات المخدرات التي يعتقد أن تعمل في ظل النظام السوري، وذلك ضمن التصويت على قانون ميزانية وزارة الدفاع لعام 2022، الذي تم رفعه إلى مجلس الشيوخ.
وقال متحدث رسمي لوزارة الخارجية لـ«الشرق الأوسط»، إن حكومة الولايات المتحدة قلقة بشأن الاتجار بالمخدرات من سوريا، وتعمل على مكافحته، من خلال جهود متعددة، بما في ذلك «أدوات وقدرات إنفاذ القانون التقليدية».
وأوضح المتحدث أن وزارة الخارجية لا تعلّق على التشريعات المعلقة، أو على الاتصالات بين الكونغرس والحكومة، إلا أنه أكد أن لدى حكومة الولايات المتحدة «سلطات عديدة لتحديد وكشف أولئك الذين يقودون تجارة المخدرات أو يسهلونها أو يتواطئون المتاجرين بها، والجريمة المنظمة العابرة للحدود».
وأضاف: «تمتلك وزارة الخزانة ووكالة مكافحة المخدرات المعروفة بـ(دي إي آي)، الموارد الكافية التي يمكن مشاركتها مع شركائنا، بما في ذلك العمل على تعزيز الأطر القانونية والتنظيمية، لأنظمة مكافحة غسيل الأموال».
وبعد جدالٍ طويل، أقر مجلس النواب في الكونغرس الأميركي، النسخة المطورة لقانون تمويل ميزانية وزارة الدفاع للعام المالي 2022، وذلك بالتصويت بالموافقة (316 صوتاً)، بعد أن تعرّض لمئات التعديلات، ما مهد الطريق لسن الإجراء البالغ 768 مليار دولار ليصبح قانوناً، وينتقل إلى مجلس الشيوخ ضمن إطاره القانوني.
وشملت التعديلات على قانون التمويل، محاولات تقليص ميزانية وزارة الدفاع والحد من التدخل العسكري الأميركي في مناطق الصراعات، مثل سوريا، كما رفض مجلس النواب تعديلاً من الديمقراطي التقدمي جمال بومان النائب من ولاية نيويورك، ودعمه في ذلك التعديل النائبة رشيدة طليب الديموقراطية من ولاية ميتشغن، وكان يتطلب موافقة الكونغرس على أي وجود للقوات في سوريا في غضون عام من التشريع، ومغادرة القوات الأميركية من هناك، بيد أن هذا التعديل انتهى به المطاف إلى الرفض.
فيما استطاع المشرعون الأميركيون تمرير تعديلات أخرى على القانون، تضمنت التصويت بالموافقة على تعديل ‎يتطلب استراتيجية مشتركة بين الوكالات الأميركية، لتعطيل شبكات المخدرات في سوريا، وكذلك تقديم ‎تقرير عن ثروة الرئيس بشار الأسد وأفراد أسرته، بمن فيهم أبناء عمومته، مثل عائلة مخلوف وغيرهم.
ومن ضمن التعديلات التي تمت مناقشتها، إلا أنها لم تنجح في الحصول على العدد الكافي من الأصوات لتمريرها، تعديل ‎يتطلب استراتيجية لسوريا بما في ذلك كيفية جعل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مكتفية ذاتياً بما يكفي للسماح لها في نهاية المطاف بالاستغناء عن القوات الأميركية.
وذلك على الرغم من تصريحات ومحاولات فردية تطرأ بين فترة وأخرى، تنادي بتخفيف إجراءات «قانون قيصر»، الذي تم التصويت عليه وإقراره خلال فترة الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2019.
وفِي يونيو (حزيران) 2020، دخل أكثر العقوبات الأميركية التي تم فرضها على سوريا نطاقًا، حيز التنفيذ، بتصنيف أكثر من 39 شخصاً ومنظمة تابعة بشكل مباشر وغير مباشر لنظام الأسد في قائمة العقوبات، ووسعت بشكل كبير من سلطة الحكومة الأميركية لفرض عقوبات على الشركات والأفراد والمؤسسات الحكومية، بسبب الأنشطة الاقتصادية التي تدعم قدرة نظام الأسد على شن الحرب.
وعلى عكس العقوبات السابقة، فإن «قانون قيصر» يضع تحت سلطته الجهات الفاعلة التي تشارك في مثل هذه الأنشطة، بما في ذلك شبكات الأعمال العابرة للحدود التي تعتبر ضرورية لبقاء النظام، ومن الفئات الأكثر عرضة لخطر «قانون قيصر» هم المستفيدون من الحرب في لبنان، بما في ذلك «حزب الله» على وجه الخصوص، وحلفاء نظام الأسد في روسيا والصين وإيران.
وبالرغم من حالة «عدم الوضوح»، كما ينتقدها البعض، أكدت إدارة الرئيس جو بايدن، الاستمرار في تطبيق «قانون قيصر»، وعدم تعليق العمل به، ومقاطعة بشار الأسد ونظامه برفض التطبيع معه.
كما حثّت علناً، في الوقت ذاته، الدول العربية والغربية كافة على عدم التطبيع معه، والاستمرار أيضاً في مواصلة التبرعات الإغاثية، والعمل الإنساني.



رفض مجتمعي لجبايات الحوثيين تحت اسم «مساندة لبنان وغزة»

الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)
الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)
TT

رفض مجتمعي لجبايات الحوثيين تحت اسم «مساندة لبنان وغزة»

الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)
الحوثيون متهمون باستغلال منابر المساجد لخدمة مشروعهم الانقلابي (الشرق الأوسط)

واجهت حملات الجباية الحوثية التي أطلقتها الجماعة تحت مزاعم التبرع للفلسطينيين في غزة و«حزب الله» في لبنان رفضاً مجتمعياً في العاصمة اليمنية المختطَفة، صنعاء، وبقية مناطق سيطرة الانقلاب، على الرغم من حجم الدعاية ومهاجمة المعارضين لهذه الحملات.

وكانت الجماعة أطلقت، منذ أسبوعين، وتحت ذريعة «دعم نازحي لبنان وصمود الشعب الفلسطيني» حملات لجمع التبرعات النقدية، عبر وضع صناديق داخل المحال التجارية، وفي الطرقات والشوارع الرئيسية وعلى أبواب المساجد، رغم اتساع رقعة الفقر في مناطق سيطرتها، وعجز ملايين السكان عن توفير الغذاء الضروري.

صندوق حوثي لجمع التبرعات النقدية في أحد شوارع صنعاء (إكس)

وعلى خلفية فشل حملة التبرُّع التي نفذتها الجماعة في عدة مساجد، هاجم معممو الجماعة من على المنابر جموع المصلين في مساجد بنطاق مديريات معين وآزال وصنعاء القديمة، متهمين إياهم بالتقاعس واللامبالاة والتهرب من أي مسؤوليات والموالاة للأعداء وعدم الاستجابة بتقديم الدعم المالي.

وفي حين يتجاهل الانقلابيون الحوثيون كل التحذيرات المحلية والدولية من حدوث مجاعة وشيكة في أغلب مدن سيطرتهم، يُجدد المعممون الحوثيون مناشداتهم من على منابر المساجد للسكان التبرع بالأموال، وضرورة التقليل من إنفاق السكان اليومي على أُسَرهم وأطفالهم، وتوفير ذلك لمصلحة دعم صناديق التبرع.

وأثارت حملة التبرع الأخيرة سخط السكان، حيث تواصل الجماعة منذ سنوات الانقلاب والحرب تجاهل المعاناة الإنسانية، وشن مزيد من أعمال البطش والابتزاز.

وأبدى مصلون في مساجد عُمر والتوحيد والفتح، في حي السنينة بصنعاء، امتعاضهم الشديد من وضع صناديق جمع التبرعات في المساجد بهدف إرسال الأموال لصالح المجهود الحربي، بينما يعاني الملايين من الفاقة.

الجماعة الحوثية تطلب التبرع بالأموال رغم اتساع رقعة المجاعة (الشرق الأوسط)

ويؤكد خالد، وهو أحد سكان صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن أغلب السكان لم يعد لديهم ما ينفقونه على عائلاتهم، ورغم ذلك تحاول الجماعة إجبارهم طوعاً وكرهاً على جمع التبرعات التي يستفيد منها في المقام الأول قادة الجماعة وعناصرها.

ومع إحجام السكان في صنعاء وغيرها عن التبرُّع، أعلنت الجماعة الحوثية تمديد الحملة أسبوعاً آخر، تحت مزاعم مناصرة «حزب الله» في لبنان.

وسبق للحوثيين أن أطلقوا سلسلة حملات تبرُّع مُشابهةٍ دعماً لما يسمونه «القضية الفلسطينية ولإغاثة متضررين من الكوارث الطبيعية»، لكن الأموال تذهب دائماً للمجهود الحربي ولصالح كبار قادة الجماعة ولأتباعهم وأُسَر قتلاهم وجرحاهم.

وكانت مصادر يمنية مطلعة كشفت، في أوقات سابقة، عن قيام قادة الجماعة بسرقة مبالغ طائلة، هي حصيلة ما تم جمعه من خلال التبرعات لمصلحة فلسطين، وتحويله إلى حسابات خاصة.