الجيش المصري: التخطيط لمعركة 6 أكتوبر وخدعها تم بفكر وطني

اللواء سمير فرج نفى لـ«الشرق الأوسط» مزاعم «التوجيهات الروسية» للسادات

اللواء سمير فرج شاهد على حرب أكتوبر (الشرق الأوسط)
اللواء سمير فرج شاهد على حرب أكتوبر (الشرق الأوسط)
TT

الجيش المصري: التخطيط لمعركة 6 أكتوبر وخدعها تم بفكر وطني

اللواء سمير فرج شاهد على حرب أكتوبر (الشرق الأوسط)
اللواء سمير فرج شاهد على حرب أكتوبر (الشرق الأوسط)

كذب اللواء سمير فرج، مدير الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري، وأحد قادة حرب أكتوبر، ما اعتبره «مزاعم» تشير إلى توجيهات روسية إلى الرئيس المصري الراحل أنور السادات، باختيار يوم السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، لبدء الهجوم على الجيش الإسرائيلي الذي كان يحتل سيناء.
ووصف اللواء فرج، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، تلك التسريبات بـ«المغرضة»، والتي تستهدف «التشكيك في قدرة الجيش المصري على هزيمة الجيش الإسرائيلي، والتقليل من حجم الانتصار الذي زلزل العالم حينذاك، ولا يزال صداه يدوي حتى الآن، رغم مرور 48 عاماً».
وكان اختيار هذا اليوم الموافق السبت، والذي يطلق عليه اليهود بالعبرية اسم يوم كيبور، أي الغفران، العاشر من شهر رمضان، أحد عناصر المفاجأة التي شلت حركة إسرائيل في الأيام الأولى للحرب.
وبحسب وثائق بريطانية، نشرتها (هيئة الإذاعة البريطانية) أول من أمس، فإن السوفييت «نصحوا السادات باختيار هذا اليوم لعبور قناة السويس وبدء الهجوم على الجيش الإسرائيلي»، وأن حجم الدعم السوفييتي لمصر وسوريا حتى «قبل الحرب وخلالها» كان أكبر بكثير مما يُعتقد.
لكن اللواء فرج، اعتبر تلك المعلومات «مغلوطة وغير صحيحة بالمرة»، خاصة أن الرئيس السادات قام قبل أكثر من عام على الحرب بطرد الخبراء العسكريين السوفييت في مصر، الذين كان سلفه عبد الناصر قد استقدمهم للمساعدة في إعادة بناء القوات المسلحة المصرية بعد الهزيمة في حرب 67 أمام إسرائيل، وقرر الاعتماد على خبرات قادة الجيش المصري.
وشارك اللواء فرج في حرب أكتوبر 1973، حيث كان وقتها ضابط عمليات، في مركز 10، ضمن عمليات القيادة العامة للقوات المسلحة. وذكر الشاهد المصري على الحرب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «اللواء أركان حرب صلاح فهمي نحلة، رئيس فرع التخطيط بهيئة عمليات القوات المسلحة في حرب أكتوبر، هو صاحب اختيار موعد ساعة الصفر، السادس من أكتوبر في الثانية ظهرًا، مستعينا بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية وهيئة الأرصاد المصرية، فضلا عن تقرير للمخابرات العامة المصرية يوضح الأعياد والمواسم الإسرائيلية والطقوس في كل عيد».
وشدد القائد السابق بالجيش المصري على أن «خطط الحرب والخداع الذي جرى، هو بفكر مصري خالص»، مضيفا أن «إسرائيل وأعوانها بالغرب يستهدفون كسر شوكة الجيش المصري والتقليل من الانتصار، وهز ثقة الشعب فيه، عبر تلك الوثائق المزعومة التي تظهر بين الحين والآخر».
ووفق الوثائق البريطانية المنشورة مؤخرا، فإن حلف شمال الأطلسي «الناتو» أجرى بعد شهور قليلة من انتهاء الحرب، دراسة بهدف «استخلاص الدروس» تحسبا لاندلاع صراع عسكري مع دول حلف وارسو في ذلك الوقت، بقيادة الاتحاد السوفييتي، على المسرح الأوروبي.
وحسب نتائج الدراسة، فإن السوفييت أدوا دورا مؤثرا ساعد المخططين المصريين في أن ينفذوا بإحكام خطة الخداع.
وقالت نتائج دراسة الناتو إنه «باختيار الثانية (بعد ظهر يوم كيبور) ساعة الهجوم، زاد عنصر المفاجأة أكثر. فإذا لم يحدث هجوم في الفجر، يكون هناك ميل إلى الاسترخاء. أما الهجوم في الغسق، فيتيح ضوءا نهاريا ضئيلا لا يساعد في الاستفادة من المكاسب الأولية التي تتحقق».
وهذا ما حدث بالفعل. فقد أربكت المفاجأة إسرائيل التي لم تستطع انتزاع المبادرة على الجبهة الجنوبية (المصرية) إلا يوم 15 أكتوبر، أي بعد 9 أيام من بدء العمليات، وفق معلومات الناتو.
وأكد اللواء فرج، أن الجندي المصري هو من كان عنصر المفاجأة لإسرائيل في حرب أكتوبر، وفقا لاعترافات قادة إسرائيل أنفسهم، بأن الجندي المصري الذي قابلوه في 1973 لم يكن الجندي نفسه الذي كان موجودا عامي 1956 و1967، مضيفا أن قادة إسرائيل قالوا وقتها للجيش الإسرائيلي «لو دخلتم مع المصريين معركة جديدة فاحذروا أنكم ستقابلون جنديا مصريا جديدا لم تقابلوه من قبل».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».