رئيس الوزراء السوداني يقود وساطة لحل الخلافات مع العسكريين

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (سونا)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (سونا)
TT

رئيس الوزراء السوداني يقود وساطة لحل الخلافات مع العسكريين

رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (سونا)
رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك (سونا)

بادر رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، بقيادة مساع لتجاوز الخلافات بين المدنيين والعسكريين في أجهزة السلطة الانتقالية، تسببت في تعطيل الاجتماعات المشتركة لمجلسي السيادة والوزراء، «المجلس التشريعي المؤقت»، إلى جانب اجتماعات مجلس الشركاء الانتقالي الذي يضم كل الأطراف في الحكم، وفي غضون ذلك أكد تحالف قوى التغيير أنه لن يقبل بأي وساطة لحل الأزمة خارج الوثيقة الدستورية.
وتفاقمت الخلافات بين المدنيين والعسكريين عقب إحباط محاولة انقلابية لضباط في الجيش للاستيلاء على السلطة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بجانب تصاعد الأزمة في شرق السودان. وعقد حمدوك أول من أمس لقاءات منفصلة، كلا على حدة، مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، وأعضاء المجلس من العسكريين، والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، كتلة رئيسية في التحالف الحاكم في البلاد. وذكر بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، أن اللقاء مع قوى «التغيير» دار خلاله حوار شفاف ومفتوح حول كل القضايا المتعلقة بتحديات الانتقال المدني الديمقراطي، وقضية شرق السودان.
وكون حمدوك لجنة برئاسته تضم وزراء الخارجية والمالية والاتصالات للتباحث مع العسكريين في قضية الشرق في ظل تعثر عمل مؤسسات الدولة ضمن الشراكة. ومن جانبه أكد المجلس المركزي القيادي للحرية والتغيير التزامه بالشراكة وفقاً للوثيقة الدستورية، كما جدد رغبته في توسيع قاعدة الحرية والتغيير بضم كل قوى الثورة صاحبة المصلحة في التحول المدني الديمقراطي. ورحب المجلس بالجهود التي يبذلها رئيس الوزراء في هذا الاتجاه، بما في ذلك اتصالاته مع العدل والمساواة وحركة تحرير السودان.
وبحسب البيان أمن لقاء حمدوك وتحالف قوى التغيير على وجود قضية لأهل شرق السودان يجب التعامل معها بجدية وتقديم معالجات جادة لها. وأكد المجلس المركزي القيادي للحرية والتغيير عزمه على العمل بكل طاقته لتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي بأوسع تمثيل ممكن لقوى الثورة، مجدداً دعمه لمبادرة رئيس الوزراء، لتحصين الانتقال في البلاد، والوقوف بجانبه لاتخاذ القرارات التي من شأنها الوصول بالانتقال إلى بر الأمان.
وقال المتحدث الرسمي باسم تحالف قوى الحرية والتغيير، جعفر حسن، لــ«الشرق الأوسط» توافقنا على فصل الأزمة في شرق السودان، عن ملف الخلافات الحالية بين الحكومة المدنية والعسكريين.
وأضاف أن الجلوس مع المكون العسكري في مجلس السيادة لإيجاد حل لتلك الخلافات سيكون وفقا للوثيقة الدستورية واستحقاقاتها المفصلة.
وأكد حسن تمسك تحالف قوى التغيير بنقل رئاسة مجلس السيادة من العسكريين للمدنيين في المواقيت الزمنية التي حددتها في الوثيقة الدستورية في نوفمبر(تشرين الثاني) المقبل. وقال تحالف قوى التغيير في بيان أول من أمس إنه يقدر الوساطات التي طرحتها بعض الأطراف لحل الخلاف القائم مع المكون العسكري، لكنه سيراعي مطالب الشعب بطرح رؤية شاملة لحل الإشكالات مع أطراف الأزمة وشركاء الفترة الانتقالية بالتعاون المباشر. وحذر من أي محاولة لتغيير التركيبة السياسية للحكومة، وخلق أزمة دستورية والانقلاب على أجندة الثورة.
وكشف التحالف عن تكوين لجنة من قياداته للتعامل مع الأزمة الحالية وفق مطالب الشارع السوداني وقوى الثورة والتغيير، ومبادرة رئيس الوزراء، للوصول إلى حلول قائمة على تحقيق مطالب الشعب. ونصت الوثيقة الدستورية على فترة انتقالية دورية لرئاسة لمجلس، تكون مناصفة بين العسكريين والمدنيين، نصيب العسكر في رئاسة مجلس السيادة 21 شهراً ونصيب المدنيين 18 شهراً. وتصاعدت الأزمة في شرق السودان، التي يقودها تجمع قبلي يطالب بإلغاء عملية السلام بالإقليم، وعمل على إغلاق الموانئ وقطع الطرق القومية، ما أدى إلى توقف شبه تام لحركة التجارة والبضائع.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».