إلغاء اتفاقيتين بين المغرب و«الأوروبي» بسبب «الصحراء»

وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة (أ.ب)
وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة (أ.ب)
TT

إلغاء اتفاقيتين بين المغرب و«الأوروبي» بسبب «الصحراء»

وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة (أ.ب)
وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة (أ.ب)

أصدرت محكمة العدل الأوروبية، أمس، قراراً يقضي بإلغاء اتفاقيتين بين المغرب والاتحاد الأوروبي: الأولى تتعلق باستيراد المواد الفلاحية من المغرب، والأخرى تتعلق بالصيد البحري. لكن القرار لا يعني توقيف الاتفاقيتين، اللتين سيستمر مفعولهما «إلى حين اتخاذ الاتحاد الأوروبي إجراءات قانونية للوفاء بالتزاماته الدولية»، حسب نص قرار المحكمة الابتدائي.
يأتي ذلك بعد دعوى رفعتها جبهة البوليساريو الانفصالية، المدعومة من طرف الجزائر سنة 2019 أمام المحكمة الأوروبية لإلغاء الاتفاقيتين، بدعوى أن الاتفاقية تشمل منتجات من الصحراء المغربية، التي تطالب الجبهة بانفصالها عن المغرب.
واعتمدت المحكمة مبررات سياسية أكثر منها قانونية في قرارها، مؤيدة دفوعات الجبهة الانفصالية. ورغم أن الاتحاد الأوروبي رفض دعوى جبهة البوليساريو، معتبراً أنها «لا تملك الشخصية القانونية لرفع مثل هذه الدعوى، طبقاً لقوانين الاتحاد الأوروبي». إلا أن المحكمة منحت الجبهة صلاحية رفع الدعوى لأنها منخرطة في المسلسل الأممي الهادف إلى تسوية نزاع الصحراء، بيد أنها لم تمنحها التمثيلية الحصرية لسكان الصحراء.
في غضون ذلك، قالت مصادر مطلعة على الملف في بروكسل لـ«الشرق الأوسط»، إن جبهة البوليساريو تتحدث عن مغالطة مفادها أن المحكمة الأوروبية تقرّ في قرارها الابتدائي بأنها هي «الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي»، في حين أن المحكمة الأوروبية قالت إنها تلاحظ أن «البوليساريو» منخرطة في المسلسل الأممي بالصحراء، وبالتالي فإن ذلك يعطيها أحقية تقديم طعون، ورفع دعاوى أمام المحكمة الأوروبية، ومن ثم فإن هذه الأخيرة لم تضف عليها صفة «الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي»، التي تمني الجبهة الانفصالية النفس بها.
وعدّت المصادر ذاتها ما وقع في المحكمة الأوروبية بأنه «مجرد مناورات قانونية» من طرف «البوليساريو»؛ الهدف منه أن يتضمن الحكم الإشارة إلى صفة «الممثل الوحيد للشعب الصحراوي»، وهو ما لم يتضمنه قرار المحكمة.
في سياق ذلك، قالت المصادر ذاتها، إن المصدرين من الصحراء إلى أوروبا يتمتعون بوضع قانوني، في انتظار المسار الذي سيؤول إليه هذا الملف قانونياً، مثلما كان عليه الحال عام 2016.
ورداً على هذا القرار، أصدر الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيب بوريل، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، تصريحاً مشتركاً، قالا فيه، إنهما «أخذا علماً بالأحكام الصادرة عن محكمة العدل الأوروبية» بشأن قرارات مجلس الاتحاد الأوروبي، المتعلقة بإدراج تعديلات على البروتوكولين 1 و4 من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية، بخصوص المنتجات الزراعية وغيرها من جهة، واتفاقية الشراكة في مجال الصيد المستدام من جهة أخرى. وأوضح الطرفان، أنهما سيتخذان «الإجراءات اللازمة لضمان الإطار القانوني، الذي يضمن استمرار واستقرار العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب».
وسيظلان «مستعدين بالكامل لمواصلة التعاون بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المغربية في جو من الهدوء والالتزام»، من أجل تعزيز الشراكة الأورو - مغربية للازدهار المشترك، والتي انطلقت منذ يونيو (حزيران) 2019.
وأضاف البيان المشترك، أن الطرفين سيعملان على «تطوير الأبعاد المتعددة لهذه الشراكة الاستراتيجية بنفس روح التعبئة والتماسك والتضامن». مشيراً إلى أن هذه «الشراكة المتكافئة» مبنية على علاقة ثنائية متينة، وعلى الثقة والاحترام المتبادل، بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي تساهم في تعزيز هذه العلاقة الثنائية من جهة، وتلك مع الدول الأعضاء من جهة أخرى.
في سياق ذلك، أكدت المحامية جينيفرا فوروود، أمس، أن الحكم الابتدائي بشأن اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري مع المغرب «لن يغير أي شيء على أرض الواقع بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين في قطاعي الفلاحة والصيد». مؤكدة، أنه «ليس هناك أي أثر قانوني على اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي... وسيكون هناك طلب استئناف أمام محكمة العدل الأوروبية ضد هذا الحكم».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».