مناظرات انتخابات العراق: استعراض بلا برامج

إيران «سؤال محرج»... وتحالف الخصوم «بالون» اختبار

TT

مناظرات انتخابات العراق: استعراض بلا برامج

ينشط الأثير المحلي في العراق بتغطية الانتخابات العراقية عبر محاولات لاستنساخ المناظرات التلفزيونية التي فيها يتزاحم مرشحون جدد ونواب سابقون لاستعراض برامجهم أمام الجمهور.
وفي الأسابيع الماضية، خصصت محطات تلفزيونية، حزبية أو شبه مستقلة، ساعات من بثها للمحتوى الانتخابي، الذي بعض منها مدفوع الثمن، لكن المضمون محاصر بالعشوائية، وفي الغالب تبدو البرامج الحزبية للمرشحين ضامرة، بينما يفلت المتناظرون من الأسئلة الجوهرية بالاستقطاب الشعبوي.
أما منظمو المناظرات، باستثناء حالات نادرة، فإنهم ينساقون إلى «التريند» السياسي بأسئلة، لا جواب لها سوى العبارات المعومة، إن لم تكن الفارغة. ففي إحدى المناظرات يسأل المذيع المرشح: «هل يمتلك حزبك سلاحاً خارج الدولة؟»، فيأتي الجواب: «لا، ليس لدينا سلاح».
مثل هذه الحوارات وغيرها، تبدو مفروضة على الفضاء الإعلامي العراقي، لافتقار الصحافيين إلى المادة الخام، والأصل في الحملات الانتخابية برامج المرشحين، وهي الغائبة تماماً.
والحال، إن تغطية مضطرة على «طبخ» القصة الإعلامية للانتخابات أفلحت، رغم ذلك، في إسقاط مرشحين أمام جمهورهم. كانوا على الشاشات لا يعرفون صياغة جملة مفيدة من ست كلمات! في إحداها، يقول مرشح إنه «سيعمل على تأمين الخدمات للعراقيين»، رداً عل سؤال: «هل يؤيد حزبك إبقاء سعر صرف الدينار العراقي على ما هو عليه الآن».
لكن المناظرات، وهي لا ترقى فنياً للمناظرة التلفزيونية، استخدمت في الغالب لإطلاق الرسائل السياسية، وبالونات الاختبار. وعلى مدار الأسبوعين الماضيين، جرى، مثلاً، اختبار إمكانية التحالف بين خصوم أشداء. مرشحو رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي «يفتحون أيديهم» لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وقادة تحالف رجل الأعمال السني خميس الخنجر «يبشرون» بتحالف عريض مع خصمهم رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.
شهية مذيعي المناطرات مفتوحة أيضاً على السؤال الإيراني. كل المرشحين تقريباً واجهوا السؤال عن قربهم أو بعدهم من إيران. من يواليها يجيب بحرج «غاضب»، هذا «بلد أكثر من جار، وأقرب من حليف».
أسوأ ما في هذه التغطيات هو التفاعل معها، ومن مراجعة سريعة لعشرات المقاطع المتداولة في المنصات الرقمية، يظهر جلياً المزاج السلبي من جولة الاقتراع المقبلة، فيما ينشط المقاطعون للتصويت في تداول محتويات انتخابية كحجة لقرار المقاطعة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.