مصر: الاتفاق مع إثيوبيا يضمن حقوقها في مياه النيل

السيسي يلقي خطابا في البرلمان الإثيوبي.. ويؤكد على تحقيق مبدأ «المكاسب للجميع»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح رئيس الوزراء الأثيوبي هيلامريام ديسالين عقب المؤتمر الصحافي بينهما في أديس أبابا أمس (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح رئيس الوزراء الأثيوبي هيلامريام ديسالين عقب المؤتمر الصحافي بينهما في أديس أبابا أمس (أ.ب)
TT

مصر: الاتفاق مع إثيوبيا يضمن حقوقها في مياه النيل

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح رئيس الوزراء الأثيوبي هيلامريام ديسالين عقب المؤتمر الصحافي بينهما في أديس أبابا أمس (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح رئيس الوزراء الأثيوبي هيلامريام ديسالين عقب المؤتمر الصحافي بينهما في أديس أبابا أمس (أ.ب)

أكدت مصر أن توقيعها لاتفاق مبادئ مع إثيوبيا حول أزمة «سد النهضة» يضمن حقوقها في مياه نهر النيل. وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي عقب مباحثاته في أديس أبابا أمس إن «الاتفاق الذي تم توقيعه قبل يومين بينه وبين الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلا ماريام ديسالين «يمثل خطوة إيجابية على الطريق الصحيح». بينما شدد وزير الخارجية المصري سامح شكري على أن الاتفاق «يضمن أن يعيش الشعب المصري دون قلق».
ووقع زعماء مصر والسودان وإثيوبيا يوم الاثنين الماضي وثيقة اتفاق مبادئ بشأن سد النهضة، تشمل مبادئ تحكم التعاون بين الدول الثلاث للاستفادة من مياه النيل الشرقي وسد النهضة الإثيوبي، وعدم الإضرار بأي دولة.
وقال السيسي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الإثيوبي عقب مباحثاتهما أمس، إن اتفاق المبادئ يمثل خطوة إيجابية على الطريق الصحيح للتعاون بينهما فيما يتعلق بنهر النيل، مؤكدا أنه يتطلع إلى التعاون بين الشعبين المصري والإثيوبي من خلال حديثه اليوم (الأربعاء) أمام البرلمان الإثيوبي، داعيا إلى تطوير عمل اللجنتين الوزاريتين بين البلدين في شتى مجالات التعاون.
وأضاف الرئيس المصري أن الإجراءات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بقضية المياه «يحاول من خلالها أن يعزز الثقة ويزيل الشكوك الموجودة في نفوس البعض سواء في مصر أو إثيوبيا»، وتابع «لذلك نحن نتحرك ونقول ليس هناك وقت.. يجب الانتهاء من هذه القضايا بأسرع ما يمكن حتى تكون القاعدة التي تم إقرارها ووقعنا عليها انطلاقة لمستقبل أفضل». ودعا رئيس الوزراء الإثيوبي لزيارة مصر في احتفالات قناة السويس الجديدة في أغسطس (آب) القادم.
من جانبه، وصف رئيس الوزراء الإثيوبي زيارة السيسي بـ«الفارقة»، معربا عن اعتقاده بأن البلدين وصلا في هذه المرحلة إلى قدر من الثقة والتفاهم وسوف يستمران سويا على هذا النهج. وقال ديسالين إنه «ناقش مع السيسي قضايا الإرهاب في القارة ومكافحته».
واعتبر ديسالين أن العلاقات الثلاثية بين السودان ومصر وإثيوبيا تمثل القاعدة في كل التعاون المستقبلي، مشددا على ضرورة وجود لجنة تضطلع بهذا الأمر حتى يستطيع أن يترجم هذا الإعلان لحقائق واقعية وملموسة.
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن «الاتفاق مع السودان وإثيوبيا حول سد للنهضة يضمن حق مصر في مياه النيل، وأن يعيش الشعب المصري دون قلق، كما يضمن كذلك حق إثيوبيا وشعبها في تحقيق التقدم والتنمية». ونفى شكري تقديم تنازلات عن بنود الاتفاق الذي وافقت عليه بالإجماع اللجنة العليا للمياه برئاسة إبراهيم محلب رئيس الوزراء، وممثلين عن كل الوزارات والأجهزة السيادية المعنية.
وقال شكري في تصريحات أمس نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط (الرسمية)، إن «السيسي كان واضحا في كلمته بعد التوقيع على الاتفاق حينما أكد أن مصر دولة صحراوية ولا يوجد لديها مصدر مياه سوى النيل، لذلك لا يمكن التفريط في حقوقنا المائية لأنها مسألة حياة أو موت بالنسبة للشعب المصري».
وقال شكري إن «الاتفاق جاء بعد سنوات من الجمود والاضطراب في العلاقات أدى لتكوين رصيد ضخم من عدم الثقة والشك، فهل كنا نقف مكتوفي الأيدي أو ندفن رؤوسنا في الرمال كالنعام، خصوصا بعد أن بدأت إثيوبيا بالفعل في إنشاء السد منذ 4 سنوات، أم كان علينا أن نتحرك للحفاظ على حقوقنا ومراعاة مصلحة الآخرين».
وأضاف شكري «الاتفاق يعد بمثابة خارطة طريق للتحرك في المستقبل، ويضع الأسس التي تدعم الحقوق المصرية، ويبني الثقة في إطار سياسي وقانوني وفني بقدر المستطاع، خصوصا أن نصف هذا الاتفاق قد طرح على إثيوبيا منذ سنوات ورفضته من البداية».
وأوضح «بالطبع لا نقول إننا أزلنا كل الرواسب لكنها الخطوة الأولى لإنهاء موضوع ملتهب بين الشعبين، فالإثيوبي ينظر على أنها مسألة سيادة وحق، والمصري يرى بناء السد خطرا على حياته».كما أوضح شكري أن الاتفاق ينصب على منشأ سد النهضة، ولا علاقة له بالاتفاقية الإطارية لمياه النيل (عنتيبي)، إلا أن دول حوض النيل أبدت رغبتها في ضرورة فتح هذا الملف وإزالة ما يعكر صفو العلاقات.
وكشف عن أن أهم ما جاء في الاتفاقية هو وضع جدول زمني للتوصل لاتفاق نهائي حول 3 قضايا تفصيلية فنية، الأولى، هي قواعد الملء الأول للسد، والثانية، خاصة بقواعد التشغيل السنوي، أما الثالثة، فهي وضع آلية لضمان استمرارية التعاون والتنسيق بين الدول الثلاث بعد الانتهاء من بناء السد، مشيرا إلى أنه يجب الانتهاء من هذه الاتفاقيات خلال 15 شهرا.
واعترف شكري بأن المسار الفني لا يتضمن التزاما قاطعا باحترام إثيوبيا للدراسات، لكن في ظل وجود الإرادة السياسية لتنفيذ الاتفاقية، ومع استمرار التعاون لبناء الثقة والعمل كشركاء في التنمية ووجود المصالح المشتركة، كل ذلك يضمن الالتزام خاصة في تأكيد رئيس وزراء إثيوبيا أن الغرض من بناء سد النهضة هو توليد الكهرباء وليس تخزين المياه.
وأكد أن المبادئ العشر هي مبادئ كاشفة في القانون الدولي بشأن الأنهار الدولية، ولذلك فتوقيع قادة الدول الثلاث عليها أمام العالم ثم تصديق برلمانات مصر والسودان وإثيوبيا على الاتفاقية هو أكبر ضمان للتنفيذ.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.